مقاربات فنية وحضارية

لمحة عن الخط العربي في شعر أدونيس وشعراء آخرين

mohamad albandoriلقد عمل أدونيس في مشروعه الحروفي على تغيير شكل الشعر العربي، ولم يقف عند ذلك الحد بل إنه حمل الفرشاة ورسم قصائد شعرية غير مألوفة، معتمدا على الألوان وعلى جمالية الحرف العربي باعتباره ركيزة أساسية في أعماله التي تبدت في مجملها وكأنها لوحات تشكيلية أكثر منها نصوصا شعرية، حيث أنتج خطوطا مختلفة بألوان فارقية أحيانا ومتجانسة أحيانا أخرى بإيماءات تصويرية وصفها أنها تتحدث عن الإلهام الذي يتماهى مع ما تعيشه الأمة العربية.. فهو من خلال عمله الفني يدل على جمال اللغة العربية في شكل حروفها المكتوبة ويدل أيضا على الجمال الفني التشكيلي.. وقد وصف الفنان الإيطالي ماركو نيريو أعمال أدونيس الفنية أنها تشكل امتدادا لشعره ولكن في شكل مختلف، كما أن أحد المهتمين بالفن قال: "إن أعمال أدونيس هي لعبة مع الحروف أنتج منها هذا الكم من الجمال الممزوج بتلك الكلمات التي قالها شعرا أو التي استقاها من دواوين غيره من الشعراء، إنه يقدم لنا مجموعة شعرية جديدة أساسها هذه الخطوط السوداء والملونة بفرشاة رسام حاذق يعلم كيف يستنطق الحروف.."1

   وإن هناك محاولات أخرى قام بها شعراء معاصرون حداثيون من تونس، حيث كتب الشاعر منصف المزغني ديوانا شعريا سنة 1988  بعنوان:" قوس الرياح" احتوى قصائد كاليغرافية وبصرية مثل قصيدة:" جرول بن طمعون الخشنشري" :

كما كتب شعراء الشام من سوريا ولبنان قصائد شعرية كونكريتية، خصصت لهـا بعض المجلات الحداثية حيزا مهما من الصفحات، كمجلة: "الآداب" البيروتية، ومجلة: "شعر"، ومجلة : " مواقف".

   إن هذه التجارب - وإن كانت متفرقة وقليلة- فقد وظفت العناصر البصرية في بناءات متنوعة ومختلفة من حيث الشكل والجوهر، لكنها توحدت من حيث أنها تحمل في داخلها إيٍقاعات التكوينات الخطية‏ وفق المناهج والتصورات بما تحمله من إيقاعات واستلهامات من الفنون التشكيلية عامة وفنون الخط العربي خاصة، وما استقته من تجارب في كيفيات وضع الألوان، وهي تتفق جملة وتفصيلا من حيث إنتاج الدلالات المتعددة.

 

د. محمد البندوري

........................

1- أدونيس رساما.. أحمد فاضل، مجلة أدب فن، مجلة ثقافية، العدد 2388 بتاريخ 26 فبراير 2012 ، صفحة: التشكيل

 

 

في المثقف اليوم