مقاربات فنية وحضارية
لمحات مضيئة من تاريخ الفن (69): العشاء الأخير
من اشهر الرسوم التاريخية قاطبة لوحة العشاء الاخيرThe Last Supper التي رسمها ليوناردو دافنشي Leonardo Da Vinci بين 1495 و1498.
وهي لوحة كبيرة بقياس 9 في 5 امتار احتلت جانبا كاملا من قاعة الطعام في كنيسة ميلانو في ايطاليا.
وكان دافنشي قد كلف رسميا بانجازها من قبل دوق ميلانو لودفيكو سفوروزا Ludovico Sforza،وذلك ضمن مشروع تزيين دير سانتا ماريا ديل كريزي Santa Maria delle Graizie .
ورغم ان لوحة دافنشي اصبحت النموذج الاصلي لمئات الرسامين الذين قلدوها باختلافات طفيفة فان هناك مئات اخرى من الرسامين القدامى والمحدثين الذين تخيلوا المشهد بشكل آخر وبضمنهم فنانينا المعاصرين،
فيصل لعيبي ونادية أوسي الذين ترون عمليهما ضمن هذا الجمع من اللوحات (رقم 12 و 13)
تصف هذه اللوحات الاجتماع الاخير للسيد المسيح مع اتباعه الاثني عشر في ليلة الخميس التي سبقت صلبه من قبل السلطة الرومانية في يوم الجمعة الموافق 14 نيسان عام 33 بعد الميلاد.
وقد تقاسم نبي الله عيسى بن مريم في تلك الليلة مع اتباعه الحكمة مع الخبز والملح والنبيذ، كما تنبأ بخيانة احدهم فصحت نبوئته بخيانة يهوذا Judas الذي جلس الثاني الى يمين المسيح.
يعتقد المحللون الفنيون بأن دافنشي كان قد رسم كل الاتباع بطريقة تتناسب مع شخصياتهم ومشاعرهم في ذلك اليوم.
وهكذا فقد جعل الخائن يهوذا يجلس بشكل قلق ومضطرب وقد مسك بكيس صغير لعله كيس الفضة التي كان قد استلمها رشوة لخيانته، كما انه قد بدا وقد قلب الصحن امامه وسكب الملح تعبيرا عن نكران الولاء.
اضافة الى ان رأس يهوذا بدا اخفض من رؤوس الجميع اشارة الى خسة نواياه وانعدام اخلاصه.
ومن الطريف هنا، فقد روى بعض مؤرخي الفن بان دافنشي كان قد تأخر قليلا عن الموعد المقرر لانجاز اللوحة مما دعى احد القساوسة ان يستجوبه عن سبب التأخير الامر الذي اثار غضب دافنشي وحمله على التوضيح:
بانه كان قد انفق وقتا في البحث عن وجه قبيح دميم ليجعله موديلا ليهوذا،
واردف دافنشي قائلا للقس: "ولذا فان لم اهتد الى احد بالقبح الذي يحقق رغبتي فساستخدم وجه من استجوبني عن التأخير".
مصدق الحبيب