مدارات حوارية

حمودي الكناني يحاورالمسرحي والناقد: علي حسين الخباز.. تنوره يقرأ كتاباته بشغف

hamodi alkenanialihusan alkabazفي هذه الحلقة من مدارات حوارية تستضيف المثقف المسرحي والناقد علي حسين الخباز وحوار شامل وصريح أجراه معه الأديب حمودي الكناني، فاهلا وسهلا بهما في المثقف.

 

 اصدقائي الاعزاء ضيفنا  في هذا الحوار مسرحيٌ وشاعر وناقد وإعلامي وصانع ارغفة متى ما مررت قرب تنوره وشممت رائحة ارغفته لابد لك ان تقف وتتناول منها ما تلتذ بمضغه ثم تطلب المزيد، علي حسين الخباز مسؤول اعلام العتبة العباسية ورئيس تحرير جريدة صدى الروضتين التي تصدرعن قسم الشؤون الفكرية في العتبة العباسية ما ان تطل عليه ويرفع نظره ليراك ينهض من مكانه مهللا ومعانقا ومعاتبا أنك أطلت عليه الغياب .. ولكن سرعان ما ينقطع العتاب وتبدأ الحكاية .. عن المسرح عن الشعر وعن كل ما يدور وعن انطباعاته - ارغفة خبزه الحارة اللذيذة - قصدته في مكتبه الاثير زائرا وكان لنا هذا الحوار. فأهلا بالخباز في المثقف !

 1050-hamodi

س1: سألته من هو علي الخباز؟

- فأجابني أنا ما زلتُ بعض روحٍ وطيف انسانٍ يسمو مع الحرف أحيانا كثيرة بتباريح وجد كربلائي الهوى، عاشق ستيني.

 

س2: وسألتُه متى وأين جئت الى هذا العالم وكيف نشأت؟

 فقال أنا كربلائيٌ، إبنُ الخيمكه، ابن التكايا والمسارح التي اعتمرت الخانات، إبنُ أنينِ العطاشى، توزعت طفولتي بين الكرخ بغداد شيخ بشار وكربلاء المخيم، حملت رعاية السيد علي الحيدري صاحب كتاب ارشادات الحيدري رحمه الله عنوان محبةٍ وإلفةِ خير، استلمتُ مكتبة الامام علي وأنا  صبيا، وترعرعتُ في مدرسة الامام الباقر (ع) برعاية السيد عماد الدين البحراني رحمه الله وهكذا شاء الله ان يرعاني .

 

س3: طيب قل لي من هم اترابك وماذا تعلمتَ منهم وماذا تعلموا منك؟

- فأجابني وأصابعه تنقر على الكيبورد " يا صاحبي لكل مرحلةٍ أهلها وناسُها وما زال الجميع بخيرٍ، فاتحاد الادباء جميعهم أترابي، منهم من ساهم بتنشئتي الادبية كالصديق الشاعر عودة ضاحي التميمي والدكتور الشاعر علي الفتال وحسن النواب وأدباء كبار مثل عباس خلف الدعمي وعبد الحسين الدعمي وعلي حسين عبيد وكل ادباء كربلاء دون ان استثني منهم احدا .

 

س4: ماذا تعني لك اكوام الحصى والاستلقاء عليها اثناء الليل يا خبازُ؟

- جرّ نفسا عميقا وقال:

"تعني وطرا حياتيا مهما من سنوات عمري، فعلى هذا الحصى أقمنا مسرح الشارع، مسرح مصغر وفي مقاهي كربلاء كانت الجذوة التي لابد أن تتوقد عند هامات الحصى، ولي العديد من القصائد التي حمل حصاها أترابا منهم من استشهد ومنهم مازالت المحافل الادبية تحملهم ادباء كبارا . 

 

س5: كلما تأملتك وأنت منكب على الورقة تتبادر الى ذهني الصعلكة ورجالها فماذا تعني لك وهل انت من رجالها؟

- ينظر إليّ مبتسما ويجيب بهدوئه المعتاد " أنا ابن ظروف متصعلكة وما عشتُ الصعلكة بالمفهوم العادي لكوني ابن عمل مثابر وابن مسؤولية ما تخليتُ عنها يوما لكني كنتُ منفلتا من الأسر العائلي بسبب تواجدي في مخبزي أكثر من تواجدي في بيتي، في المخبز أطبخ وأعمل وأنام  وفي المخبز تجد كتبي و أوراقي ومكتبتي وفي المخبز كان يزورني اغلب ادباء العراق ويحتفي عند مخبزي ادباء كربلاء. أما في الشعر فأنا متصعلك حد التمرد على كل قوانين الكتابة الروتينية، لا أكتب كي ارضي احدا وحتى المتلقي شاء أن يبقى أو شاء أن يرحل .. هذا أنا ابحث عن المتلقي النشيط الذي يهمه ان يشاركني الكتابة، دونه لا يكون لدي شيء هو رأس مالي ولمن يتهمني بصعوبة الاسلوب عندما أكتب اسأله كيف تقرأ دعاء الصباح !

 

س6: هكذا أنت إذاً فماذا تركت خلفك قبل أن تنضم الى اعلام العتبة العباسية وتتولى الكتابة والتحرير في جريدة صدى الروضتين؟

- يعتدل على كرسيه ويده على بطنه كأنه يريد أن يقول لي انظر كيف بدأ الكرش يختفي ويستطرد " تركتُ خلفي تنورا كان يلتهم كل ما أكتبه بعناية ألله، كم هو جميل وأنت ترى النار تأكل ما تكتب بشغف، النار تقرأ بولهٍ شديد .. واعتقد أن انتقالي الى اعلام العتبة العباسية المقدسة صدر ببركات وأمر مولاي العباس عليه السلام وبتوقيعه فلا يمن عليّ به أحد . صدقني أنه لأمر صعب أن تعمل عند رجل بترت ذراعاه وقد رأسه بالسيف وعينه فقئت بسهم ويسأل سيده هل كفيتُ وهل وفيتُ ؟  كيف لنا ان نوفي هذا الامام حقه وندرك يقينه؟ !

 

س7: بدأت شاعرا شعبيا كما أظن، بمن تأثرت من الشعراء الشعبيين  وهل جمعت شعرك الشعبي في ديوان وهل كتبت دراسات عن بعض الشعراء الشعبيين؟

- فيرد منتفضا " أنا لم اكتب الشعر الشعبي يوما وما كتبتُه لا يرتقي الى مستوى طموحي الابداعي رغم وجود العشرات من الاصدقاء ممن تروق لهم تجربتي، اقترح علي الشاعر الكبير عودة ضاحي التميمي لأكون قرين تجربةٍ كانت من أروع التجارب وأخطرها وأكثرها متعةً، كانت التجربة لذيذة و أخشى ان اطيل فاغضب البعض، واذا كانت حصتي من هذه التجربة فقط استاذي عودة ضاحي فانا سعيد بهذه النتيجة، ويكفيني فخرا اني خرجتُ منها ولم أعمل شرطي شعرٍ عند احد، وما عاد في العمر متسعٌ لأية مماحكة وما وثقتْه لي جريدةُ كربلاء من انطباعات نقدية ومشاغل نقدية وملفات شعر فيه الفخر الكثير، ولدي بمعونة استاذي الفتال دراسات نقدية عن ادب الدعاء نشرتها في زمن اللاحرية .

 

8-  ولكي استفزه قليلا فاجأته: ما العلاقة بين علي الخباز الاعلامي وعلي الخباز الشاعر والناقد وأين تجد نفسك؟

- مسح على وجهه ونظر الى لوحة قبالته وقال:

أغلب الأدباء العرب هم اعلاميون كبار ولذلك ارى هذه مشكلة مفتعلة يحاول بعض أهل العجز الابداعي وضع حواجز بين الصحافة والأدب وما دمت تمتلك الابداع فكل الساحات مفتوحة لك بمجرد متابعة دؤوبة .. فعلى المستوى المحلي فكربلاء خرجت الكثير من الاعلاميين الادباء مثل علي حسين عبيد وعلي لفتة سعيد وجاسم عاصي وعبد الحسين خلف الدعمي وعباس خلف علي والدكتور علي الفتال والدكتور عبود الحلي وأساتذة كبار بالإضافة الى ان العراق والبلدان العربية تزخر بالإعلاميين الادباء اللامعين، إذن الاديب اعلامي جيد والباقي دعايات عاجزة اجعلها في ذمتي ولا تخش شيئا !

9-  قلت وما الذي اكسبك عملك في اعلام العتبة العباسية وكيف تقيم عملك في جريدة صدى الروضتين وماذا يمنع ان تتحول هذه الجريدة الى مجلة شهرية شاملة ملتزمة؟

- يجر نفسا عميقا ويرد مبتسما:

هذا السؤال عبارة عن مجموعة من الاسئلة .. يا صديقي العزيز أكسبني عملي في اعلام العتبة العباسية المقدسة شرفا وجاها وسمعةً وخبرة ولولا هذا لما كان جاري يعرف بي اديبا و كذلك منحني عملي في جريدة صدى الروضتين انسانيتي وكرامتي ومنحني تجربة ابداعية كبيرة أما أن تتحول الجريدة الى مجلة فلا ادري لماذا، هي جريدة لها هيئة المجلة وقدمت تجربة غير اعتيادية في عالم الصحافة والإبداع ومشكلة صدى الروضتين انها معروفة عالميا اكثر مما هي معروفة محليا وقد اشاد بها ادباء كبار وزارها ادباء عرب وانتم على بينة من أمرها كونكم كنتم مع عدد من الوفود التي زارت مقر صدى الروضتين ومنها وفد موقع النور وموقع المثقف والشبكة وغيرها من التشكيلات الاعلامية التي كنتم ضمنها واطلعتم على تجربتها فهي كانت محطة الكثير من ادباء العراق .

 

10- ولأجل أن اشاكسه  سألته:هل لك حاسدون يضعون امامك الكثير مما يعرقل مشاريعك  التطويرية في مجال الاعلام؟

- يحدق في شاشة حاسوبه قائلا:

كل انسان له مفهومه ومشكلتنا ان الجميع يعتقد أن لديه الاهم والمشكلة الابداعية الكبيرة هي مشكلة عامة، ففي أغلب الدوائر الاعلامية اليوم الإداريات هي التي تقود وهي التي تعتقد انها الاصوب حتى فنيا- وليكن الله معنا -  فنار التنور ولا همّ قصيدة، الجنون الذي امتلكه ضد الكسر والحسد وإيماني بأني أعمل في دائرة لا يملكها سوى أبي الفضل العباس عليه السلام هو كاف بما يمتلك من المناعة والصلابة واليقين !

 

11-  سألته: كتبت في المسرح وكتبت في الشعر  والنقد .. متى نرى اصداراتك الشعرية والنقدية؟

- فأجاب: أنا كاتب مسرحي منذ سبعينيات القرن المنصرم ولكني لم افلح لاعتبارات معلومة، لدي اليوم اربع مسرحيات مطبوعة وعدد من مسرحيات منشورة وقدمت القسم الكبير منها وحصلت مسرحية " الصراع " على جائزة متقدمة بيد نشاط ميسان ولدي ثلاثة كتب في الانطباعات النقدية بواقع 45 قراءة انطباعية عن نهج البلاغة ولدي كتاب صحفي اعلامي تحاوري بعنوان " حوار في روح المعنى " ولدي ايضا رواية صغيرة مطبوعة بعنوان " المسير الاربعيني " وبالنسبة للشعر فلدي مجموعة شعرية بعنوان: الآن اريدك أن تأتي " عام 1997 ومجموعة في دار الشئون الثقافية تنتظر الفرج . وصلت أخيرا الى قناعة مهمة وهي استخدام اللغة الشعرية كونها تمتلك جواذب تواصلية عالية القيمة فاستخدمت الشعرية في جميع كتاباتي .

 

13- وماذا تقول يا صانع الارغفة  عن ناقد كلما تكلم استشهد بأراء الآخرين، الا تظن أن مثل هؤلاء تنطبق عليهم عملية (الكوبي بيست) أي انسخ والصق؟فرك راحتيه وقال:

عمل النقد اساسا هو تطبيق نماذج ومدارس وأقوال ونمذجة الفعل الابداعي حسب قياسات ادراج اكاديمية ولذلك لم ينجح لدينا النقد وما استطاع مواكبة المسيرة الابداعية بل نجح لدينا الفعل الانطباعي المبدع المتجدد الذي يرى في كل نص مدرسة ومنهجا قائما بذاته ولا بأس اذا تعامل الانطباعي بأثر ثقافي مدرك توسعت مداركه ليعرف حدود كل مفصل وتجربة.

 

14- ولأنه متابع جيد وقارئ يبحث عن الابداع سألته من من الكتاب رجالا ونساء يثير اهتمامك واجبرك ويجبرك على ان تمسك قلمك وتكتب عنه؟

- لا أحد يثيرني اطلاقا بل هناك نصوص ابداعية تثيرني وليس شرطا أن تكون جميع قصائد شاعر ما جميلة فهي تجربة ولها عوالم قد يتذبذب فيها الفعل الابداعي، قد يبدع في هذا الموضوع لتعالقه النفسي وقد لا ينجح في موضوع

 

15- وهل ترى أن الاعلام العراقي خاصة والعربي عامة يعاني من ازمة اللامركزية ويؤثر كثيرا على تشتيت المتلقين؟

 - فقال الاعلام الموضوعي هو أن يكون حرا باحثا عن الحقيقة، بعض التقنيات شطحت بالمتلقي حين جذبته الى الطيش، الى التيه، افقدته وطنيته وإنسانيته وأصبح يرى العتمات ويعشي عند الضوء .. أسرتْه اشعاعات البهرجة فضاع، بينما الاعلام المحلي كل يتبع ليلاه وراح يسبل رشادا اعور، المواطن البسيط يجيب تلك الفضائيات وإعلام الدجل بقوة حين يذهب ليستقطع من خبزة عياله مالا يوزع على مئات العوائل المنكوبة بينما تنظيرات من هنا وهناك تهتف وتعترض وتستنكر ولم تفكر يوما ان تدخل الواقع بقوة وتضحي مثلما يضحي كل عراقي والطامة حينما تجلس تلك الابواق الاعلامية وتتهم الشعب وكان بالإمكان ان تهدي من فائضها اليومي ما يديم المواجهة، نحن للأسف نتملك ابواقا اعلامية لا تجيد سوى الكلام !

 

16-  من من الشعراء هو الاقرب اليك فكرا وتأثيرا في فترة ما بعد التغيير في العراق يا ابن حسين الخباز؟

- فأجاب بسرعة: من يكتب للعراق بغير رتوش .

17- لو جاء ك أحدٌ ما من غير المسلمين وقال لك حدثني عن السيد احمد الصافي فماذا تقول له؟

لا أقول له شيئا .. بل آخذه ليلتقيه ليرى ويسمع وليحاور العراق مثلما يريد

 

18- سألته عن الاسماء التالية فأجاب مشكرا:

1- يحيى السماوي:    مرعب هذا السؤال، يحيى السماوي هو العراق  

2- كزار حنتوش:    صعلوك ملتزم وعراقي لحد الشهقة

3- حسين مردان:    فقد نفسه قبل أن نفقده، كبير هو . 

4- بان الخيالي:   شاعرة لم ينتبه لها أحد .    

5- رسمية محيبس:     يشتاق لها الشعر دائما .   

6- وجدان عبد العزيز:    بطل الثقافة العراقية 

7- سلام البناي:  حبيب مبدع وأخ وكربلائي شفاف .  

8- حسين التكمجي:     عملاق عراقي  

9- سعدي عبد الكريم:    الخباز بشكل مرتب

10- زينب الخفاجي:    كانت أبنة ذات يوم مبدعة .

11- احمد الصائغ:    فيلسوف جمال

12- ماجد الغرباوي:   مثال ابداعي يحتذى به

 

س19:  أي مشهد يجبرك عينيك على ذرف الدموع؟

 طفلةٌ تلعب على صدر قبر، وإبنٌ ينتظر آذان الصلاة ليفطر مع صورة والد شهيد وأم تهز المهد لوليدها كي ينام، وظافر العاني حين يشمت بجراح شعب وأمثاله كثير، وشعب مسروق يحتفي بالسارق، واعلام مريض يلعن رجال الامن ولا يلعن داعش،

وأخيرا قال لي وهو يودعني ألف شكر لك أيها الكناني .

 

في المثقف اليوم