مدارات حوارية

ضحى الحداد تحاور الشاعرة د. ابتسام الصمادي في مدارات حوارية

في هذه الحلقة من مدارات حوارية، تستضيف المثقف الشاعرة د. ابتسام الصمادي وحوار أجرته معها الشاعرة ضحى الحداد، فأهلا وسهلا بهما في المثقف.

*** 

- الشعر هوخيمة مشردي الحروب فردة حذاء الطفل الذي فرّ من الموت.

- الشاعرة العربية تكتب بالإزميل والعصب، بأظافرها وأدوات تنظيفها، بتاريخها المسكوت عنه، ، بأوطانها الذبيحة ولجوئها المذبوح.

- إنا نُحيك قمصان عُريٍّ لمعنى الكلام، فنستر فيها ملامح ما نحبّ أن يكون.

 ***

- هي ابنة الأوطان تمتزج دمائها بسوريا ولبنان، ، وتختلط بالوطن العربي روحا وفكرا وقالبا، ، تؤرقها همومه، فتشهر قلمها باتجاه الظلم، وتبني من قصائدها ملجأ تستكين فيه من الحروب، دفعتها القومية للدخول الى المعترك السياسي، وهي نفسها التي اخرجتها منها، لم تهمها المناصب، فحاربت بالكلمات ومازالت من اجل الانسان والوطن، ، هي الشاعرة السورية الدكتورة ابتسام الصمادي تحل اليوم ضيفة على صحيفة المثقف فأهلا وسهلا بها.

د. ابتسام الصمادي

- درست اللغة الانكليزية وآدابها في جامعة دمشق،

- كانت حصيلتها في جامعة دمشق 25 عاما في التدريس

- عضو برلمان سابق

- عضو لجنة المرأة في الاتحاد البرلماني الدولي

- عضو مجلس امناء

- وعضو اتحاد الكتاب العرب

- صاحبة صالون الثلاثاء

- وعضو منتدى الفكر العربي،

- تكتب المقالة في الصحف العربية، لها زاوية توت شامي في جريدة الشرق القطرية الملحق الثقافي..

- تسلمت رئاسة "جمعية الصداقة السورية الهولندية"

 - مسؤولة مكتب اليورو المتوسطي

- فازت بالعديد من الجوائز الأدبية وسميت من الشواعر الثلاث الأوائل على مستوى الوطن العربي في استفتاء وكالة أنباء الشعر العربي لعام -2009 2008-.

- كتب عن شعرها الكثير من النقاد والمهتمين من سائر البلاد العربية.

- ترجمت بعض أعمالها إلى الإسبانية، منها مجموعتها الشعرية “بكامل ياسمينها”.

- لها حضور مميز في المنتديات والمهرجانات العربية الشعرية، وكرمتها أكثر من دولة عربية وتجمعات أدبية

منجزها الأدبي

- أصدرت د. ابتسام الصمادي (6) دواوين من الشعر:

1- سفيرة فوق العادة

2- هي وأنا وشؤون أخرى

3- ماس لها

4- وبكامل ياسمينها 

5- اخرهم حاسة الشام

1125 ابتسام الصمادي1

الحوار

س1: ضحى الحداد: ابدعت في قصيدة التفعيلة والعمودية فضلا عن النثر ما رأيك بها، واين تجدين نفسك؟

ج1: د. ابتسام الصمادي: في الإبداع اترك للقصيدة ان تختار الثوب الذي تريد، لأن شكل القصيدة هو الزيّ الخارجي، فهي كالأنثى تُبدع باختيار ما يليق بها .فإن اختارت التقليدي من العمودي، أو التفعيلة، إن أرادت فرط مسبحة العمود، أو أن تشُق الثوب وتخرج منه للنثر فهذه مسألة تخصها بالاختيار، وعليّ أنا أن أُفصِّل على رغبتها ما دامت تترك لي الشحنة العاطفية والفكرية. بمعنى آخر تترك لي مادة تكوينها ألا وهي الشعرية، فهذه المادة هي المكوّن الحقيقي للشعر وليس الثوب الخارجي.

بالمناسبة البعض يستسهل الكتابة فيهرب الى النثر وانا أرى ان الشاعر اذا لم يكن متمكناً من أدوات الشعر فإنه لن يُبدع لا نثراً ولا شعراً في القصيدة المزمع إنجابها. بالنهاية الشعر ككل الطيور وجهته الدفء والحرية، النثر منه يطير بعيداً في كل الاتجاهات أماّ الشعر فيحمل موسيقاه ويحلّق شاقولياً كالنسور في وطن الأعالي. أظن حمزاتوف يقول شيئاً مشابهاً لا يستحضرني تماماً.

س2: ضحى الحداد: ماذا تعني لك الكتابة؟ كيف بدأت صداقتك معها؟

ج2: د. ابتسام الصمادي:

آه لماذا نكتب؟!

عندما يتبنّى القاريء تجربتك وكأنك تتحدث من أعماقه فإنك تحقق جزءاً من الإجابة على هذا السؤال.

عندما تُشكّل وعياً جماعياً من مجمل ما حصلت من تجارب لتُغير الراكد والنسقيّ، فإنك أيضاً تجيب على جزء من هذا السؤال.

عندما تحقق كينونتك على الورق من اجل البقاء بعد الفناء، أيضاً تجيب أو تُضيءعلى جزء معتم من هذا السؤال.

ربما هذه متعة الكتابة لكن بالنهاية يكتب المبدع لأنه يملك ثروة كبيره يريد أن يُبددها أو يقامر بها.

 ثروة من آمال وآلام الناس وتجاربهم وانكساراتهم وأحلامهم ومحبتهم.

ربما يملك عاموداً في جريده وليس برجاً من الأسمنت.

حلماً ببلدٍ شاسع آمن، يمتد من قلمه الى رؤاه، ترتع فيه الغزلان والفراشات والأطفال وينام فيه المسؤول تحت شجرة مطمئناً لأنه عدل، فأمِن، فنام.

س3: ضحى الحداد: يملك الكاتب شيكات من ألم الناس وطموحاتهم. كيف سيصرفها يا ربي، ومن أيّ بنك؟!

ج3: د. ابتسام الصمادي: ابتسام يذكرني سؤالك بما كتبت مرّة في احدى مقالاتي:

من قال إنّا نكتب كلام المعاني؟!

إنا نُحيك قمصان عُريٍّ لمعنى الكلام، فنستر فيها ملامح ما نحبّ أن يكون، وليس ما هو كائن سوى تفاعل وقت بصيغة وهم يزول مع انزلاق السنين ولم يبق سوى المعنى الذي نخلص إليه يلخص كل ذرات المكان منذ فجر الخليقة حتى النهايات التي لا نعرف أين تسلّ...لكننا ألِفنا حدوثها فننسى ما عزمنا ونكتب شيئا آخر مختلفاً عن شجر زيتونها وزيتا يراه غيرنا للأكل ونحن نراه لقنديل الكائنات ضياء.

س4: ضحى الحداد: كتبت للسلام وشهرتي قصيدتك بوجه الطغاة، هل يمكن للشعر ان يساهم في تنقية العالم من الحروب؟ …

ج4: د. ابتسام الصمادي: يبقى تأثير الشعر على مسارات الحياة والقضايا المصيرية أمر يخضع للنقاش، وتؤطره مجموعة احتمالات مفتوحة تحتمل آراء متضادة، خاصة مع مدى قسوة المشاهد التي صدّرتها الثورة السورية، وأصدرت معها شهادة وفاة لضمير الإنسانية، وعلى الرغم من قناعتنا بأن الطغاة لا يتأثرون بالشعر، لكنه حتمًا يؤثر في حالة الحراك؛ لأنه ينضح من الوجدان الشعبي، بينما لا نعطي الشعراء الذين مازالوا يتسولون على موائد السلاطين والقتلة شرف اللقب

الشعر توثيق للإنسان بكل حالاته، وما ثورات الشعوب إلا جزء من تجاربه، وعلى الرغم من أن التاريخ يكتبه المنتصر، لكن الشعر يُكتب بروح الإنسان ويبرره حقه في الحياة والحرية، والشعر هو الطائر الحر الذي خَبِر القمم، والذي يرى الأشياء صغيرة بعيدة في القاع، ولهذا فدوره في الثورات دور من يرى من علٍ، فيُوثّق الانتصارات والخيبات، الفروسية والقهر، روح الشهداء وظلم الطغاة، ويتحدث بأفواه الجميع دون حاجة لكلامهم.

أرى أن موقف الإنسان من الثورة مؤشر على أخلاقه، ووعيه، وإنسانيته.

نعم كتبت عن السلام كقيمة أولاً ولأنه يتساوق مع روح المرأة الشاعرة ثانياً:

الحرب عاهرةٌ تغار من النساءْ

ومن الجمال، من المحبة والندامى

وحُليُّها، زردُ الرصاص على الدماءْ

وبجيدها شررٌ لأحطاب الأيامى

تستدرج الحمقى إلى وكر الفناءْ

وتُسيّب الأوطان أطفالاً يتامى

1125 ابتسام الصمادي3

س5: ضحى الحداد: هل تعتبرين القصيدة قلعتك الحصينة التي تحتمين بها من عواصف الغربة؟ ام انها ممر تطلين منه على عالمك السري؟

ج5: د. ابتسام الصمادي: الشعر هو وضعُ استراتيجية ممكنة للحياة لتأجيل المواجهة مع الموت.

هو احتياطيُ ذهب الكلام في بنوك اللغات الوطنية .

البورصة التي ترتفع فجأة ولا تهبط ابداً،

خيمة مشردي الحروب عندما تقتلعها الريح وتطمرها الثلوج،

فردة حذاء الطفل الذي فرّ من الموت قبل أن تسقط القذيفة،

رغيف الخبز الساخن في خيال مهاجر خَبِر الصقيع،

الخطوط الدقيقة حول عيون جميلة تستنطق مرآتها عند الصباح،

وهلة القلب الذي يقفز ذات لقاء غير منتظربعد أن زرع شرفة التمني جيئة وذهابا .

هو ما لا نقول حين تأخذنا الدروب الى مكان آخر.

اخترت لك هذه الإجابة الآنفة على سؤالك، من مقدمة ديواني الجديد.

س6: ضحى الحداد: ألا تعتقدين بان التحولات الجديدة التي صاغها الوعي الحداثي اثرت التجربة وفجرت طاقات اللغة ومدلولاتها من جهة، في حين ادت الى عزلة الشعر بسبب نخبويته النابعة من ثرائه الثقافي وتراجع الاقبال على قراءته من جهة اخرى؟

ج6: د. ابتسام الصمادي: السؤال المثقف يحمل جينات إجابته

قطعا اثرت وعزلت، تماماً كما تصل الأشياء الى خواتمها في دائرة الزمن فتربط مبتداها بمنتهاها وهذا ما صورته الأساطير ورؤى البشر، ونراه ايضا. في المتاحف كرموز الحيّة التي تعض ذيلها ٠

فغالباً ما يسبق الشعرُ زمانه ويتطور بأسرع مما تتحمله الذائقة المتواضعةليبقى هو في علٍ لا يصله من المتلقي سوى من يُشابهه بالرفعة ومنزلة النسور، هذا منحى من المناحي العديدةالتي جعلت البعض ولا أقول الجميع ينفضون عن الشعر ويذهبون الى غيره مثل الرواية مثلا وهذا ما تُغبط عليه الرواية لأنها لم تتعالَ على متلقيها ولم تهبط دونه، بينما على الرصيف الآخر انفلتت الساحة الشعرية وكسرت رتاج قلعتهاعندما فتحت نفسها على السياحة العامةمن الكتبة وغيرهم وقد كانت صرحاً متربصاً للزمان وللانقضاض وإحراز الانتصارات التي تُغيّر حياة الشعوب والأمم ٠ فدخلها بذلك من دخلها وبعضهم تطرّف الى الحد الذي قاد الى نقيضه فجاءوا بما يشبه التشتيت والتهويم تحت ستار العمق والحداثة وهو في واقع الأمر ليس سوى ضحالة فكرية ونفسية مترسبة وراء ما يقولون فكان الشعر هو الضحية ٠على الشعراء الحقيقين حماية حصنهم وفي الوقت عينه عليهم ان يطلقوا شعبيتهم وينجزوا عملهم الإبداعي بما يتساوق مع العامة والخاصة وروح الشعر الطيبةالتي تأتي بها روح عظيمة متسيدة وكريمة الفطرة والأناة.

1125 ابتسام الصمادي4س7: ضحى الحداد: اي باب تفتحه لك القصيدة عندما ياتيك الالهام باب الحنين . باب الدهشة، ، باب المراة، ، باب الوجع؟

ج7: د. ابتسام الصمادي: لا تفتح لي باباً، تقتحمني ككل الغزاة وتستبيح روحي، هههه

أمزح والله

هي أجمل وأخطر

س8: ضحى الحداد: قلت:

(أنهيتُ أوجاع الكتابة عندما

هفّت من الشّبّاكِ رائحة الصنوبر مع هفيفِ الغائبينْ

ورجوتُ ربي أن يساعدني لأحتملَ الحنينْ).

ماذا يفعل بك الحنين اليوم؟

ج8: د. ابتسام الصمادي: من خطورة الحنين أنه يتحول إلى مرض لا شفاء منه

لا أخافه لكن اخشى من خطورة تفاقمه:

أنهيت أوجاع الكتابة عندما

هَفّتْ من الشُبّاك رائحة الصنوبر مع هفيف الغائبين

ورجوت ربي أن يساعدني لأحتمل الحنين

وأخذت من بعض الدروج مواجعي

رزماً من الذكرى وأغلقت العُلب

رفّ الهدايا في الخزائن نائمٌ والحلم أوغل في الهرب

قدّرتُ حين أعود ينهزم البُعاد

إذ إنني أودعت فيها فوح ليمون البلاد

أغلقتها...

وحملتُ تذكرتي وأسئلة الإياب

لكن ..أضعت هويتي قبل الذهاب ......... 

س9: ضحى الحداد: ملتِ للتجريب في الشكل واللغة، واشتغلت على الاشتقاقات اللغوية في اطار التجديد مثل (تدمشق، تيسمن) وغيرها حدثينا عن ذلك.

ج9: د. ابتسام الصمادي: صدق العقاد حين سماها «اللغة الشاعرة»٠"العربية" بحدّ ذاتها تحمل موسيقاها ونغمها المختلف ‏ واشتقاقاتها التي تحتاج فقط الى عين شاعرة تستولد منها الجميل، أنا بحكم دراستي للغة الإنكليزية وآدابها حاولت نفس الآلية في تثوير اللغة واستخراج الأجمل وكانت "العربية "مطواعة كالحلم والعجينة الطيبة٠

إضافة الى ان هناك توأم ذهني أسمه اللغة والفكر، أيّ تغيير وتطوير يصيب أحدهما يؤدي الى الآخر .فاذا رفعنا من مستوى التعامل مع لغتنا والاحترام لها حتى نجدد فكرنا، فالمرابح الغالية تأتي من بورصة أحلامنا المرتفعة والخسائر العالية تأتي من تدني أنفسنا في بورصة الأحلام . 

س10: ضحى الحداد: يرى البعض أن كتابة المرأة العربية لا تزال غارقة في الهموم الذاتية والمشاعر العاطفية بعكس كاتبات غربيات انفتحن على قضايا انسانية أعمق تهم مجتمعاتهن؟

ج10: د. ابتسام الصمادي: هذا جلد للذات لا أريد للنقد أن يقع في مطبه .خاصة وأن الأديبة اليوم تُدير دفة الزمن ليس فقط بمساحتها اللغوية وإنما بقضايا لم يتطرق لها الأدب ويؤرخها من البوابة المعهودة ذاتها، فالأرض البكر التي لمّا تطأها القدم كثيراً، دخلت اليها الكاتبة بثقة واضحة .والإبداع أيّ كان مبدعة لا يُثمر ويطرح تفاحه إذا لم يتطرق الى القضايا الإنسانية الكبرى أما الرداء سواء كان عاطفياً أم ذاتياً فتلك مسألة أخرى يمكن تحميلها بمعطيات فكرية تزيد من قيمتها الفنية، تماماً كما يُطعّم المزارع الخبير أشجاره بمطاعيم جديدة .

لست بمعرض الدفاع عن النفس فالكاتبة مطالبة دوماً بأكثر مما تُقدم .هذا حق الأدب عليها ولكن بأقل مما تُتهم وتُقارن وهذا حقها على الأدب.

الكاتبة في الغرب يأتيها الزمن على قدميه يُدافع عنها ويقف الى جانبها بينما العربية تجرّه من أذنية الى روضة الأطفال لتُدافع عنه وتربيه من جديد حتى يكبر على يديها وتعلمه فنون الحياة والأدب . الزمن هذا، هو نفسه الذي دفعت المرأة الكاتبة نصف عمرها وهي تشذبه وتهذبه في المطبخ والمخبر والعمل والمعمل والجامعة والحقل وأعباء الحياة....ثم يأتي من يقول أن الكاتبة الغربية انفتحت وانفجرت على قضايا انسانية أعمق؟! . .انا أقول لك ما قلته يوماً وأنا أنوب عن أبناء بلدي في البرلمان، ومن خلال تجربتي الشخصية كدارسة وباحثة في الأدب الأجنبي، أن المرأة تحمل قضياها ونبل عواطفها، لكنها ليست محمولةً عليها أبداً... فإذا ما كتبت الغربية بقلمها فإن العربية تكتب بالإزميل والعصب، بأظافرها وأدوات تنظيفها، بإرثها وحضارتها، بتاريخها المعروف والمسكوت عنه، بآمالها وتأملاتها بصبيانها وبناتها بجدودها وجداتها، بأوطانها الذبيحة ولجوئها المذبوح...ألا يقع هذا في ملف القضايا الإنسانية يا ترى؟!

س11: ضحى الحداد: البيوت والذكريات ماذا تعني لك؟

 ج11: د. ابتسام الصمادي: المدن هي أمهات البيوت، والُمدن الولود لها أبناء كثر تعطي من عراقتها و موروثها الشيء الكثير .هناك بيوتٌ أصدقاء لنا، بيوت أغراب، بيوت مغلقة تنتظر أصحابها بيوت مفتوحة لا تنتظر أحدا، وبيوت الغربة والمنافي...

البيت يعني أبي وأمي وأخوتي وأولادي والحبق والورد والأشجار والذكريات والحنين وكتبي وأوراقي ورؤاي .أحب كل شيء فيه إلا المطبخ لأنه يعتقل وقتي وأنا أتآمر عليه مراراً وتكراراً فيعتقلني تماماً ككل الديكتاتوريات التي تعتقل المبدع وتضعه تحت خط الخبز خوفاً من عقله .علماً أنني أعيش في بيت من الشعر منذ ولدتني أمي/ وملّحت جلدي الطريّ / فوجَدْتني لعشيرة الأشواق بتُّ أنتمي وقصائد عطشى تُحمحم في دمي/.

لا يعرف قيمة البيت إلّا من يسافر أو يُهجّر قسراً فيفقد بيته ووطنه .البيت هو نقطة الجاذبية المتفرّدة التي تُعيدك إليها أنّى رحلت . في كل زاوية، لمسة من روحي وأنا لا أكتب بسواها، أستمتع بزواياه كما أستمتع بشحنات قصائدي...

الذكريات هي المنطقة الشاعرية الخصبة، لا توجد ذكريات بغير أمكنة لذلك ننصب خيمة القصيدة بأوتاد المكان.

الأماكن والعطر يحجزان في نفس المبدع السلاسلَ الفضية لمطر الأماسي، يفوّح التراب ويرويه، وأماكن الله الواسعة تعيدك كلها الى نقطة الجاذبية الأولى، الى بيت أسس خيالك وحملته على ظهرك صَدَفة مسحورة تحميك في الزمن من عاديات الوقت وتُرجعك متى شاءت الى أدق تفاصيلها وأنت تستحضر بُعدك وتُراسل قربك على شاشة من حنين.

 ***

حاورتها: الشاعرة والإعلامية

ضحى الحداد – صحيفة المثقف

مدارات حوارية

في المثقف اليوم