ثقافة صحية

محمد كريم إبراهيم: لماذا العلاج ليس (ميبو MEBO)

محمد كريم ابراهيممن المفترض لهذا المرهم أن يعالج الحروق والجروح الموجودة في جسدك، بالإضافة الى أي تشققات جلدية موجودة في أسفل كعبك وفي حلمتك. تشير الأبحاث الصينية والعربية إلى فعالية المرهم في التسريع من عملية التئام الجروح، ومنع الالتهابات، وتجميل مكان الجرح! باختصار، هو علاج عشبي مأخوذ من طب تقليدي صيني، كمثل أغلبية تلك العلاجات العشبية يوعد بالكثير ويوفي بالقليل، أو بلا شيء على الاطلاق.

مرهم ميبو متوفر بشكل واسع في العراق وهو مستورد من شركة جلفار الإماراتية الشهيرة، ويتم استعماله يوميا من قبل آلاف المرضى المحروقين والمجروحين سواء بجروح بسيطة او بالغة أو الذين عملوا عمليات جراحية. وذلك بسبب نصيحة عشرات من الأطباء إن لم نقُل المئات الذين يوصفون المرهم فور ما ينتهون من مقابلة المريض أو بعد اجراء عمليات لهم.

لكن هل يا ترى يَعلمُ هؤلاء الأطباء والجراحين بأن المرهم الذي يقدسونه قد لا يكون فعالاً على الاطلاق، على الأقل ليس فعال كالعلاجات القديمة مثل الايودين والنيوسبورين. وذلك لان مكوناتها محل الشك في قدرتها على التأثير على الجرح.

جاء الى انتباهي هذا الأمر عندما لاحظت إن المكون الفعال في المرهم ميبو هو بيتا-سيتوستيرول: المركب الذي يُستخدم لمعالجة الكوليسترول عالي وتضخم البروستات ناتج عن ورم حميد. وجدتُ بإن المركب موجودٌ في زيت السمسم والتي من المرجح استخدموه في المرهم. بذلك بدأ شكي بالازدياد، كون الزيوت والبذور يدخل من صنف العلاج بالأعشاب.

بدأتُ بالبحث عن أبحاث اكاديمية ووثائق تثبت فعالية الدواء لكني وجدت بأن الباحثين والجامعات الممولة للبحث حوله كانت متحيزة بشدة. وتلك الأبحاث بدت عليها علامات الدعاية من البداية، حيث تقرأ فقرات طويلة عن نجاح الدواء في العلاج وعن تقارير التي تطبل بوجود استخدامات عديدة للمركب. كيف عرفتُ بأن الأبحاث متحيزة؟ الحيلة تكمن في النظر الى آخر ورقة في تلك الأبحاث التي توجد فيها المصادر. هذه المصادر جميعها أما كانت صينية أو عربية (المستفيدتان من المرهم)، وبالتالي غير موثوقة للبحث عن احتمالية فعالية الدواء.

أما الأبحاث من دول أخرى فقليلة جداً، وبين مؤيد له ومعارض. إلا إن هناك تقرير مفصل من وزارة الصحة الماليزية تنتقد فيه الأبحاث الداعمة للدواء بأنها مصممة بشكل سيء ومجربة على عدد قليل من المرضى المشتركين في البحوث. فينصح التقرير بإجراء أبحاث إضافية بشكل أفضل وذات عدد كبير من المرضى. مع وجود دراسة مصرية واحدة من جامعة القاهرة تقارن ميبو مع ضمادة اكواسيل بنتيجة مفضلة اكواسيل على ميبو.

وهذا هو حقيقة الأمر، المرهم ميبو لم يثبت فعاليته بشكل حسمي و نزيه علميًا لكي يوصفهُ الأطباء للمرضى بكل ثقة. أي أنه قائم على مبدأ (أنت وحظك) سواء يعالجك أم لا، وهذا كفيلٌ على ترك الطبيب المحترم له وبدأ المحتال بتأييده.

المرهم ميبو آمن باستخدامه على الجسد، لكن يبقى المشكلة الفعلية في تفريق طريق العلاج للمريض ومنعه من استعمال ادوية وعلاجات مثبتة علميًا بدلًا عن هذا المرهم. بالضبط مثل العلاجات العشبية الأخرى، والتي تكون عادةً اخطر من ميبو، والتي تمنع مريض السكري والكلى والسرطان وغيره أن يأخذوا العلاج اللازم بدلاً من الخزعبلات لكي يتعالجوا بما يوصيه العِلم الرصين.

الشركات المنتجة والدول المستفيدة والصيدليات التي تبيعه وتستفيد منه لا تهمها كثيراً مصلحة المريض ما دامت تجني ما يُعيّشها ويستمر بقاءها لبيع المزيد. يكمن الحل بيد وزارات الصحة للدول ولجان الصحة لمنع ادوية اعشاب الطبية الخطيرة وغير النافعة من البيع في الصيدليات ومراكز بيع الأعشاب، ويوعوا أبناء شعبهم بعدم فعالية تلك الأعشاب في علاج الامراض، ويحذروا الأطباء من وصف ادوية لم يثبت العِلم فائدتها.

 

محمد كريم إبراهيم – محلل وكاتب عراقي

 

في المثقف اليوم