شهادات ومذكرات

الفنان التشكيلي الراحل محمود السهيلي

841-awniعايش المدرسة الأوروبية زمن الاستعمار كما عايش مدرسة تونس وكان من المجددين..

أبدع في التراث بانطباعيته الرائقة ومن أعماله "الهاجرة" ولوحة "السوق"الشهيرة..

بين الانطباعية والتجريدية وبهما ..كانت رحلة الضوء حيث الألوان في جمالية مخصوصة وبضرب من التشاف .. سافر في حكايات المدينة العتيقة وأسواقها وجمال المعمار وقد لقيت لوحاته تقبلا لائقا من أحباء فنه نظرا للحرفية وجمالية التعاطي اللوني لديه.. هو من أبرز رموز التجربة التشكيلية التونسية من خلال مغامرته التجديدية التي جعلته متميزا على المنحى التشخيصي لجماعة مدرسة تونس ليبرز باتجاهه الذي ارتآهّ في الفنّ التشكيلي والذي عرف به ضمن تجربته الكبيرة..

وهنا لم يكن يهم الفتى في ترحاله اللوني منذ البدايات غير هذا الفضاء التراثي والمدينة والشخصيات بضرب فني يمدح فيه الضوء...هي لعبته التي تخيرها ومضى فيها حوالى ستة عقود لا يلوي على غير القول بأبجدية اللون ..

فنان كبير درس   بمدرسة الفنون الجميلة بتونس   بين سنتي 1949 و1952 ثم تحول إلى فرنسا لمدة 8 سنوات بالمدرسة   العليا للفنون الجميلة بباريس حيث حصل عام 1960 على الدبلومما أهله بعد ذلك ليدرّس مادة الرسم الزيتي بمدرسة الفنون الجميلة بتونس. وقد كان له تلامذته ومن الموهوبين والذين رغبوا في دراسة فنون الرسم وذلك بورشته بضاحية سيدي بوسعيد..

نعني الفنان التشكيلي الكبير محمود السهيلي الذي رحل منذ أيام وهو من أبرز الفنانين المجددين ضمن جيلين من الفنانين التشكيليين التونسيين في التجربة والروح التشكيلية.

كانت له معارض جماعية في أمريكا وفرنسا وإيطاليا وباريس وسويسرا والسويد وبريطانيا ومصر، الى جانب معارضه الخاصة بتونس، من بينها "الجزائري" بقاعة الأخبار سنة 1972 و"السودان" بالقاعة نفسها سنة 1978ومعرض رواق الشريف بسيدي بوسعيد سنة 1982 وآخر برواق القرجي سنة 1984..

وقد حصل الفقيد على جوائز وتم تتويجه في عديد المناسبات منها جائزة مدينة تونس سنة 1963 وجائزة مدينة ميلانو سنة 1964 وجائزة اتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين وجائزة ملتقى العصاميات التشكيليات بالمنستير سنة 2010 و الصنف الأكبر من وسام الاستحقاق الثقافي لسنة 2002..

الفنان الراحل محمود السهيلي عايش المدرسة الأوروبية زمن الاستعمار كما أنه عايش جماعة مدرسة تونس وكان من المجددين حيث نجح في خصوصية الضوء ضمن أعماله وأبدع في تجربته بشأن التراث بانطباعيته الرائقة ومن أعماله " الهاجرة " ولوحة

"السوق" الشهيرة والمعروفة في دار الثقافة المغاربية ابن خلدون كما عرف بالبورتريه

..هو يشتغل جيدا على المادة وقد عرفت أعماله بجمالية خاصة من ذلك بروز رسوماته وكأنها أكوارال من خلال ميزة " الترانسبارنس" ..و ذلك لحرفيته وموهبته ..

يقول عنه الرسام محمد الرقيق "..فنان من المجددين الرواد لا بد له من تكريم كبير وهو عبارة عن أم كلثوم الغناء في مصر قال عني بأنني تأثرت به وهذا صحيح ..قال عني (الرقيق تأثر بي ولكنه لا يشتغل بطريقتي ومثلي...).. فأنا أشتغل على الضوء ولكن بطريقتي..من الذين تأثروا به أيضا الهادي السعيدي وعمر بن محمود والحبيب الجامعي ..و هناك مدرسة فنية كون فيها عددا من الفنانات ومنها رسامات تأثرن بتجربته واتجاهه الفني وأذكر بالخصوص الرسامة بية بالعربي ومريم التايب..تجربة مميزة أنجزها السهيلي رحمه الله من خلال الانطباعية التي تميل الى التجريدية عبر الزيتي والأكريليك حيث سحر وفتنة وبهاء الضوء كعنصر جمالي بارز في اللوحات... اختلف عن جماعة تونس ضمن نفسه التجريدي والتجريبي.."

الرسامة بية بالعربي من الفنانات القريبات منه تقول عنه "...فنان كبير تعلمت منه الكثير وحرصت على أن يظل على اشعاعه من خلال ما أنجزه من فن ..هو فنان عالمي..أخذ بيدي وشجعني ووجد لدي استعدادا فنيا من خلال رغبتي في النجاح في الساحة التشكيلية ..تعلمت منه حكاية التناسق اللوني والضوء وجمالية اطار اللوحة...كان مؤمنا بتجربتي ومشجعا لي بصرامة وصعوبة الفنان الأمهر..انه المعلم الفنان الذي يجب أن يتم التفكير في تكريمه واقامة متحف لأعماله ..هو من التجارب النادرة ..رحم الله الفنان والمعلم والانسان محمود السهيلي الذي تعلمت على يديه أجيال ومن ذلك عدد من الرسامين الذين صاروا اليوم المعروفين والمشهورين...انها مناسبة سانحة لتقديم التعازي الى عائلته والى الساحة الفنية التشكيلية التونسية والعربية والعالمية..نعم اننا افتقدنا رساما استثنائيا وعالميا.."

 

شمس الدين العوني

 

في المثقف اليوم