نصوص أدبية

من آيات الخراب.. وقصص أخرى

حسن السالميلُبس

بعد نهاية الدّرس سأل المدرِّس تلميذه:

- أيّهما أطول، اللّيل أم النّهار؟

- لم أرهما يقفان جنبا إلى جنب!

أنا الموظّف

أرفع رجلا فتغرق أخرى...

المُضاد

أفقت على وجع في صدري وبياض في عينيّ.. هرعت إلى الطّبيب... قال: "في صدرك أجسام غريبة."

حين أفقت من البنج وجدت إلى جانبي كومة من الأصنام..

قال الطّبيب: "نزعنا أصناما من صدرك إلاّ واحدا، لا يحطّمه سواك."

وهو يكتب على ورقه: "ما أسرع أن تعود الأصنام، فَقِ نفسك بهذا الدّواء."

نظرت في الوصفة فإذا هو قد كتب: لا إله إلاّ الله.

بهلول

وقف يتأمّل أرضه المديدة: "إلى متى يأكل الرّجال رزقي؟"... مع غبشة الفجر انشقّ الأفق عن هامة تقترب.. رجل قويّ البنية ساذج، على بدنه أسمال بالية...

"هلاّ شاركتني حرثي؟"

لم تفتح السّماء أبوابها كما فتحته ذلك العام.. الزّرع مديد، ومنجل البهلول يلعب يمينا وشمالا...

"صاعان لي وصاع لك!"

"خسِئت، بل نتقاسمه قمحة لي وقمحة لك"!

عادة

مذ بدأ المارد يتجوّل في دمها، وهي تدمن عادة النّظر في المرآة.. تقف أمامها طويلا تتأمّل حديقة جسمها المثقلة.. تغمغم: أما من قاطف لهذه الثّمار؟

ها هو الخريف يهبّ على أغصانها المورقة وزهورها الفوّاحة...

يشتعل الجحيم في عينيها، يتحوّل بصرها إلى مائة فم، كلّ فم يقطف مائة ثمرة.. عين على المرآة، وعين على يدها الزّاحفة على ما بقي من ثمار.. تهتزّ الأرض، تنفجر ألف آهة، الثّمار في طعم الحصرم، تمضغها على مهل، ثمّ تمضغها في شراهة كوحش جائع.. تسحّ الرّوح عرقا، تهتزّ الهزّة الأخيرة، ينبت الشّوك في صدرها، فتنداح في العينين بحيرات مالحة...

من آيات الخراب

صاحبي من بلاد الشّاق واق:

"مدينتكم يا صاحبي، مدينة العجائب. على كلّ باب من أبوابها يقف حامِل عصا. مهمّته النّظر في الأيدي: الفارغة الخشنة الغليظة، يهوي عليها حتّى تسحّ دما، والنّاعمة الطريّة التي لا تحسن مسك المنجل، يمسّها مسّا خفيفا...

تلك من آيات خرابكم أتلوها عليك..."

اعتليت منبرا وأخذت أتلو على قومي ممّا عُلِّمت، فتساقطت عليّ الحجارة من كلّ مكان...

***

بقلم: حسن سالمي

 

في نصوص اليوم