نصوص أدبية

إنتحار

السيد الزرقاني‏راحت تلملم بعض أشيائها المبعثرة في أرضية الغرفة، قبل مجيء سيارات الشرطة إلي المنزل، اثر قيام زوجها بإلقاء نفسه من شرفة الطابق الثاني ليلقي حتفه في لحظات، الرعب يسكن كل أوصالها .

 لم تكن تقصد أبدا أن توصله إلي تلك الحالة، كل أبناء القرية يتجمعون أسفل المنزل، أطفالها يصرخون، فقدان أبيهم الحنون، كان يقبلهم كل صباح يدعوا لهم بالسعادة الدائمة، سمعت صفير سيارات الشرطة يخترق صمت القرية، خرت في أرضية الحجرة جثة هامدة، طرقات علي باب الغرفة وأصوات متداخلة، وهي غارقة في الخوف المميت، تحاول أن تنهض، يغلبها الخوف تقع مرة أخري، الطرقات تزداد قوة وسرعة علي الأبواب، تحاول الهروب خلف دولاب الملابس تجد ملابس زوجها معلقة، تخرج مسرعة، تشعر بيد زوجها تجذبها بشدة من الخلف، تجري نحو الصالة تري الصغار يتربصون بها،  كل منهم يحمل سكينا، تنظر إلي أيديهم تجد أظافرهم صارت طويلة أسنانهم كبيرة، كافك الأسود الجائعة المتربصة، تجري نحو المطبخ تجده مغلقا، تصرخ "لست انا الكل يصوب إليها النظرات، أهل زوجها تجمعوا حولها، يصرخون، تسمع أصواتهم تقترب تحاول الهروب النوافذ مغلقة، تهرب إلي ذالك الباب المؤدي الشرفة البحرية التي انتحر منها زوجها، أصوات غريبة تخترق الأجواء، هنا كلب بوليسي يدخل إلي الشقة لا تدري من أين دخل؟

حتما سيلحق بها انه يمتلك فراسة الإمساك بالمجرمين، أنا لست مجرمة أنا فقد اختلفت مع زوجي، سيتمكن الكلب مني، والأولاد اجتاح إلي معجزة لإثبات براءتي أمام الجميع، صرخت أحست بان صوتها صار مبحوحا، لا تقدر علي إخراج الصوت جرت الي الشرفة اعتلت سورها لفحتها تلك الأصوات الزاعقة انزلي، انزلي، انزلي، نظرت في العيون المحدقة فيها، أغمضت عينيها حتي لا تري احد، اقترب منها ذالك الكلب حاولت القفز علي السور قبل أن يلحق بها، ألقت بنفسها إلي الخارج، صارخة في الجميع، وقبل السقوط علي أسفلت الشارع، أحست بإرتضمت رأسها بحافة السرير فاستيقظت علي صرختها فوجدت زوجها يمتد بجوارها، مدت يدها الي كوب الماء المجاور لها لتشرب جرعة ماء وتحمد الله بانه كان كابوسا فقط؟

***

السيد الزرقاني - كاتب مصري

........................

قال ابن المقفع في كتابه "الأدب الكبير"، في فصل عن الدين والرأي: "إن الدين يسلم بالإيمان، وإن الرأي يثبت بالخصومة، فمن جعل الدين خصومة، فقد جعل الدين رأيًا، ومن جعل الرأي دينًا، فقد صار شارعًا ومن كان يشرع الدين لنفسه، فلا دين له".

 

 

في نصوص اليوم