نصوص أدبية

من الأعماق

حسين يوسف الزويدأيا مَنْ كُنْت آمالاً وآلاماً وإعجازاً ونبراساً

و بركاناً يَفيضُ ندىً على صحرائيَ الكانَتْ

بِلا أمَلِ.

أيا مَنْ كُنْتِ إعصاراً وزلزالاً وتهياماً

بلا بُشرى،

تَفجَّرَ دونما سَبَبٍ

فَكان الحلَّ والمسْرى

تَمَطى دوحَةَ الأشواقِ في معزوفةِ الزَلَلِ

خَبا لولاكِ ذاكَ الوَهْجَ والحرمانُ والذكرى

فأنتِ أعدْتِ تاريخي وأشجاني على عَجَلِ

تعالَيْ أنتِ سيدتي تعالَيْ أطرقي طَرْقا

تعالَي نسألُ التاريخَ عَنْ آشورَ عَنْ بابلْ

وَ عَنْ أحلامِ (أنكيدو) عَنِ الوركاءِ عَنْ سومَرْ

ففيكِ وجَدْت (عشتاري)

و حضنناً ماطِراً هاطلْ

دَعينا نَكتُبُ التاريخَ نسكنُ ذا المدى الآهِلْ

ففي واديكِ لي قَلَمٌ

تغنّى يعشقُ الطَرْقا

يَشُقُّ ترابَكِ الغافي على بوابةِ المسقى (1)

أتى يشكو (لسنحاريبَ) ما آلتْ لَهُ (كالحْ) (2)

و كيفَ خرابُ آشُرْكاتْ؟(3) كيف خرابُ أربلّو؟ (4)

تعالَي آهِ كمْ تدرينَ ما تعني لنا الألقابُ

و الأسماءُ والموروثُ.. كمْ نَشقى

ألا سُحْقاً لألقابٍ على حرمانِها نبقى

تعالَي نسكنُ الأمواجَ والترحالَ

و الآفاقَ نَحضُنُ حالَنا الأنقى

تعالَي نَسبُكُ الآهاتِ والأوجاعَ واللوعاتِ

مِنْ أعماقِ ذاكَ الوجدِ

نرسمُ حُلمَنا الصدّاحَ في

الأرجاءِ والأصقاعِ والمشقى

نسجْتُ عراقَ أهلينا

على فوديكِ، مِنْ زاخو، لفاوِ الحنةِ

الشهباءِ مهدُ عروبتي تبقى

دعيني يومَها كمْ قُلْتُ يا دنيايْ :

رَجَوْتُكِ غَيِّري الموضوعَ فالتاريخُ أوجاعٌ تَقُضُّ مَواجعاً كبرى،

فجاءَ جوابُكِ المعسولُ والأخّاذُ والمحرومُ : بلْ دِعْنا، نُغَيِّرُ مكانَنا هذا لآخرَ ملؤهُ وجعٌ، فَمِنْ وجعٍ على وجعٍ وفي وجعٍ،

نَلُمُّ شَتاتَ أحلامٍ ونرسمُ موسمَ الألحانْ

نُطَرِّزُ ذكرياتِ الأمسْ

على ذاكَ القماشِ وهل...؟

فَهَلْ نرسو ونمسكُ عِروةً وُثْقى.. ؟!

***

د. حسين يوسف الزويد

..................

(1) بوابة المسقى: هي احدى بوابات سور العاصمة الأشورية نينوى تقع قبالة الحي الزراعي في مدينة الموصل وان هذه البوابة واطلال هذا السور ما زالت شاخصة للعيان وبمحاذاة الشارع المؤدي الى جامعة الموصل.

(٢) كالح: هي العاصمة الأشورية الثانية وتقع اطلالها في ناحية النمرود الى الجنوب الشرقي من مدينة الموصل (شرق نهر دجلة). حيث عرف عن تاريخ الأشوريين نقل عاصمتهم من مكان إلى آخر بين فترة وأخرى.

(3) آشُرْكاتْ: وتعني مدينة الذئاب باللغة الأشورية وهي أول عاصمة للأشوريين وتقع في مدينة الشرقاط الحالية، والتي هي مسقط رأس كاتب هذه السطور.

(4) أربلّو: وتعني الآله الأربعة باللغة الأشورية وهي مدينة اربيل الحالية.

 

 

في نصوص اليوم