نصوص أدبية

المنتصر العامري: ربّما!!

يَحِيكُ مِنْ رَمْلِ الثَّنايَا بُرْدَةً لِعابِرٍ

تَعَثَّرَ في رِحلةٍ تَوالَدَتْ شِعابُها...

تَجُرُّه أحلامه، وهذه أَقدامُه

تَأَكَّلَتْ...أعقابُها...

حتّى دَمَتْ!...

ويَرْتُقُ مِن صَوْتِهِ المَكْدُودِ صَرْخَةً

بَدَتْ... كأنّها تَنْسابُ مِنْ عَلْيائِها:

"يا حادِيًا قوافلي، حَنانَكَ!

ألَا تَرَى عَيْسائي قَدْ تَمَلْمَلَتْ؟...

فَعلّها ناءَتْ بِما تَحَمَّلَتْ!!"...

*

يا جُرْحَهُ!

كَمْ مَرَّةً تَنَهَّدَ، ورَدَّدَ:

"لَمَّا تَشِيخُ الدّهْشَةُ...

ستَفْقِدُ الأشياءُ، حَتْمًا، سِحْرَها

ويَختفِي ظِلُّ الجَمالِ

من حُدودٍ خَطَّها خَيالُنا"

فَرِحلةٌ بدون عِشقٍ...

تُصْبحُ مجرَّد مَتاهةٍ،

بَلْ عِشقُنا حَدَّ الجنون...

يُصبحُ مُجرَّد تَفاهَةٍ!!

وتُصبحُ آهاتُنا بدون رجعٍ

في خِيامِنا التي تَأَبَّدَتْ...

*

وذاتَ فَجْرٍ، رُبّما!...

مِن مَعْبَدِ الحُلمِ العتيقِ...

يَظهَرُ فينا ملاكٌ عاشقٌ،

يُرافقُ بِصوتِه أنينَ نايٍ خافتٍ

فنَحْسَبُ اليَرَاعَةَ مِنْ وَجْدِها تَأَوَّهَتْ!!...

يُغَمْغِمُ:

"يا جارةَ الوادي،

وَهَلْ حَقًّا أنينُ النايِ يَبْقى بَعدَ أن...؟ !"

ويَصْمُتُ...

*

يُعِيدُه الصَّوْتُ المَلائِكِيُّ لِلْبِدايةِ...

يَحِيكُ مِنْ رَمْلِ الثَّنايا بُرْدَةً لِعابِرٍ...

بَلْ ها هُوَ طِفْلٌ... يُطارِدُ خُيوطَ النُّورِ

مِنْ شَمْسٍ تَوَهَّجَتْ...

لِكَيْ يُضِيءَ بَدْرًا ساكنًا خَلْفَ التِّلالِ

أَذَّنَ بأنه سَيَرْحَلُ...

فربّما!...

قَبْلَ الشُّروقِ يَأْفُلُ...

وربّما!...

تَثْنِيه عَمَّا يُزْمِعُ، فَيْرُوزُ إنْ تَرَنَّمَتْ:

"سنَرْجِعُ...هَيَّا بِنَا..."

أو ربّما!!...

***

أ.د. المنتصر العامري

 

في نصوص اليوم