نصوص أدبية

البشير عبيد: بيوت للذاكرة.. دفاتر للنسيان

رغم سنوات الجمر

وخديعة المخاتلين العاشقين

للجسد العاري

والطاولات المزهوة بالثمار والموسيقى

كان الرجل الشريد يرمم بيوتا

تداعت

وصارت مزارا للقادمين من زمن

بعيد

ربما ضاعت خطاه في الفلوات

وصار الصوت قريباً من بهاء البريق

كم من طريق ترهلت فيها الخطى

والديار التي هاجرتها الأهالي

لم تبح باسرارها للهاربين من القحط

اللعين

السواعد التي رفعت الأكفان

على الأكتاف

اندثرت منها ورقات الحلم قبل مجيء

العاشقات

للذاكرة بيوت وللنسيان دفاتر

لم نكن ندري ان مسافة فاصلة.

بين الجحيم والنعيم تعرفها القوافل

والغجر

لا حريم هنا قرب القبو القديم

لا أحد يستعين بالفقهاء في المعارك

الخاسرة

ما وجدناه مكتوبا على الورقات

صبيحة الأمس

لا تفهمه الأمهات الهاربات من الجمر

فيل أنهم جاؤوا من زمن الكهوف

و ناموا على عتبات اليقين

لم يفهموا ان النصوص قابلة

للتاويل

والمعنى يخترق الجدار والمسافات...

لا خيار لنا اذن سوى الصمت مع الفقهاء

والذهاب سريعا إلى النهر المتاخم

للحنين

ربما كانوا افذاذا ولم نعلم

يعشقون الظلال والخيام والصيد الوفير

من الأساطير

طوبى لهم بما كسبوا

لم نكن نعلم خوفهم من ذاكرة الإحتچاج

وإنفلات الغيم في الدروب

يخافون من ورق كتبت عليها تفاصيل

الوصايا

يخافون من ولد تنامت احلامه في الأعالي

يخافون من جسد جريج لا يساوم

حين تباغتنا أصوات الأمهات الهاربات

من الجمر

يخافون من غنيمة قد تضيع

و القطيع غارق في مياه الصمت والإنحناء

شريدا

عنيدا تراه العيون قبل المغيب

فاتحا ذراعيه للظلال والبهاء الطالع

من صيحات الثكالى

هنا كثير من سباع الزمن القديم

و الرعاع صاروا اسباد القبيلة

كيف لاولاد القرى

أن يسيروا فرادى باتجاه المسافات البعيدة؟

كيف ينام الفتى وبوصلة البلاد صارت سرابا....

لم نكن وحدنا في الأقاصي

كانت معنا ذاكرة الأيام

وصيحات الثكالى

خصوم الوردة المشتهاة صاروا جنودا

للاساطير

والبيوت التي هاجرها الأهالي

نام على عتباتها السباع والضباع وما ابقته

المرحلة من غيوم

قبل مرور العربات زمن الغروب

يصيح الولد الكسيح غير مكترث بالعواصف

والأنواء:

لا خوف لي من زحام المدينة وضوضاء

العواصم

ستبقى الأصابع تكتب ورقات"الشغب"

ستبقى الرايات هي البوصلة

لا مفر من هروب الضباع

وانفتاح الجسد العليل على بهاء الصراخ

الطالع من الأنفاق

لا خيار لهم سوى الهروب من كوابيس

المرحلة.....

***

البشير عبيد – تونس

 11-11-2022

 

في نصوص اليوم