نصوص أدبية

محمد جواد سنبه: أَنَا وحِمَارِي والحُكُوْمَة

في صَباح يَومٍ رَبيعيٍّ مُشّْرِقْ.

شَاهَدّْتُ حِمَاري (أَبا الرَّيْحَانِ) يَبكي بُكاءً مُحْرِقْ.

قُلتُ يا حِمَاريَ العَزيْزِ:

أَجاركَ اللهُ مِنْ كُلِّ أَمرٍ مُرهِقْ.

ما الامرُ يا (أَبا الرَّيْحَانِ) وأَنتَ للدُّموعِ تُطّْلِقْ؟.

قالَ لي (أَبو الرَّيْحَانِ):

اسكتّْ يابنَ (سُنْبَه) ... فالأمرُ جِدُّ مُصّْعِقْ.

قلتُ يا (أَبا الرَّيْحَانِ):

فَضْفِضّْ ما بقَلّْبِكَ مِنْ هَمٍّ مُخّفِقْ. (مخفق من الفشل).

تَكَلَّمّْ مَعي فأَنا صَديقُكَ المُصّْدِقْ.

قالَ حِمَاري (أَبو الرَّيْحَانِ):

نعم ... أَشكو إِليكَ يَا ابن (سُنّْبَه)، فأَنّْتَ أَخٌ مُشّْفِقْ.

لَقَدّْ وَصَلَني مِنْ بَعضِ إِخوَتي؛ خِطابٌ مُقّْلِقْ !.

قُلتُ يا حِمَاري يا (أَبا الرَّيْحَانِ):

هَلّْ مَاتَ زَعيمُكُم ذَا القَوّْلِ المُفّْلِقْ؟.

صَاحِبُ الرأْي السَّديْدِ والمَنّْطِقْ؟.

ذُو الخِطَابِ الرَّصِيْنِ المُذّْلِقْ ؟. (المذلق : الفصيح)

قَالَ حِمَاري:

قَبَّحَكَ اللهُ مِنْ مُتَشَائِمٍ مُفّْتِقْ. (يَفتِق الهموم).

قُلْتُ:

يَا حِمَاري يَا (أَبا الرَّيْحَانِ)؛ أَخبِرني بِخَطّْبِكَ المُحّْدِقْ؟.

قالَ حِمَاري (أَبو الرَّيْحَانِ):                                                

كُلُّ هَمّْي مُسْتَقّْبَلُ شَّعبِ العِرَاقِ المُقّْلِقْ.

فَأَكثَرُ الأَطفَالِ يَعيْشونَ الفَقّْرَ المُزعِقْ. (مزعق : مُرّ).

وَ الشَبَابُ يُعانُونَ شَظَفَ العَيّْشِ المُرّْهِقْ.

العَطَشُ أَهلَكَ الأَنْعَامَ والحُكومَةُ لا تُشّْفِقْ.

وَ لا وزيرٌ مِنْ حُكومَتِنا؛ يهمُّهُ الأَمّْرُ وبالحَقيّْقَةِ يَنّْطِقْ.

فَيَشّْكوْ حَالَنَا للعَالَمِ؛ لَعَلَّ (الأَتراكَ) بِنَا تُرفِقْ.

و (تُركيَا) لا تَرعى للجِوارِ حقاً وللمَاءِ تُطّْلِقْ.

وَ لا الفَاسِدونَ يَرحَمونَ هذا الشَّعبَ المَزِقْ. (المَزِق: الممزق)

فَهُمّ بهِ نَهْبَاً وأَكلاً ... أَكلَ الذِّئابِ لِحَيْوانٍ نَّفِقْ.

للهِ دَرُكَ يا عرَاقُ؛ كَمّْ نُورُكَ عَلى العَالمينَ مُشّْرِقْ.

فَلِلْعراقِ في سَمَاءِ العِلّْمِ نُجُومٌ تُبْرِقْ.

أَسَاتيْذٌ في كُلِّ عِلّْمٍ لِلمَعَارِفِ تُخْرِقْ.

أَطبَّاءٌ في فُروعِ الطِّبِّ لَهُمْ راياتٌ تُخْفِقْ.

مُهَنّْدِسُونَ في العَمَائِرِ لَهُمّْ شَأْنٌ مُشّْدِقْ.  

و أَضَافَ حِمَاري (أَبو الرَّيْحَانِ) بصوتٍ مُفّْرِقْ:

و نحنُ الحَميرُ ؛ لا وَظائِفَ لنَا والبَطالَةَ بِنا تَحّْرِقْ.

فلا بَضَائِعُ نَحّْمِلُ؛ فكُنّْا بأَحمَالِنَا مِنَ النَّاسِ نَسْتَرزِقْ.

كُلُّ هذا يا ابنَ (سُنبَه)، وتُريدُنِي أَنّْ يكونَ وَجّْهي بَهيّْجٌ طَلِقْ؟.

قُلتُ يا (أَبا الرَّيْحَانِ):

لقَدّْ أَدميّْتَ قَلّْبي ... وأَكادُ أَموتُ وأَنا فَرِقْ.

و من الحزن كأَنَّ السماءَ عَلى رَأْسِي تُطّْبِقْ.

يا (أَبا الرَّيْحَانِ) ... يا ابنَ الرَّافِدَيْنِ، كَمّْ أنْتَ وَطنيٌّ مُشْفِقْ؟.

فالفَاسِدونَ خَانُوا الضَّميرَ، وسَاروا بالطَّريقِ الزَّلِقْ.

لقَدّْ خَانُوا الشَّعبَ، وكَفَروا بِحَقِّ كُلِ مَخْلُوقٍ قَدّْ خُلِقْ.

لقَدّْ خَانُوا الشَّعبَ، وكَفَروا بِحَقِّ كُلِ مَخْلُوقٍ قَدّْ خُلِقْ.

***

محمد جواد سنبه

  

في نصوص اليوم