قضايا وآراء

اللغة المحرمة في أدب المرأة

حيث تعتبر مواقف بعض القيادات السياسية والاجتماعية وحتى الدينية عبر الأزمنة الماضية، هي من رسمت الواقع الملموس الحديث لحضارة الشعوب والأمم المتحركة، التي ظهرت أثارها واضحة في شكل وتركيبة المجتمعات المتمدنة الحالية

 

ولكن تبقى الصورة القديمة المحملة بأعباء الموروثات وأخلاقيات الأجيال السابقة بجوانبها المختلفة المرحلة لعصر العولمة الجديد هي السمة الغالبة لثقافة المجتمع الشرقي، الذي ينقسم بدوره إلى ثقافتين أو حضارتين الأولى(ضمن تعبيرات مجازية) تنبع من عمق الثقافة الشرقية المتشابهة نسبيا(الصينية-الهندية-البوذية-الخ) والأخرى هي المترسخة دينيا المتمثلة بالمجتمع الشرقي الإسلامي، حيث تعتبر الديانة في المجتمعات الشرقية اللاسلامية أكثر انفتاحا من المجتمعات الإسلامية،

مع إنها تعترف ببعض الممارسات والطقوس الدينية، إلا إنها لاتخضع للقيود الحديدية التي تضعها القواعد والأسس الإسلامية الشرعية المتعاملة بحدة مفرطة أحياننا مع الفرد والأسرة والمجتمع ككل، لذلك هي لاتعاني من تلك المشاكل التي تحد من قدرة المرأة عن التعبير بحرية نسبية يتقبلها المجتمع وتشجع عليها أحياننا المدارس الثقافية والفكرية هناك

 

أما بالعودة إلى لغة الجسد في كتابة وتعبير المرأة العام سواء كان أدبيا أو حتى إعلاميا وثقافيا في محيط المجتمعات الإسلامية المتدينة، فهي مسألة نسبية لايمكن ان تجد لها دعما واسعا ولا حتى قبولا كاملا في الوسط الثقافي الملتزم بالقيود والنصوص الأدبية القديمة وأخلاقيات الكتابة المحتشمة

ولكن قساوة المجتمع ألذكوري الشرقي عموما، والذي يعطي في معظم مراحله التاريخية أدوارا قاسية تحد من أنوثة المرأة ومشاعرها الرقيقة، ويحملها مسؤولية كبيرة بضمنها أعمالا يومية متكررة شاقة وفوق طاقتها الاعتيادية، وهي أيضا غير مضمونة النتائج والمعوقات والآثار الجانبية المختلفة،

كل هذا وغيره كثير يجعل من المسرح الثقافي العام للمرأة أسير لهذا الميدان وإشكالاته المتشعبة، فهي تبحث عن المخرج والمتنفس من هذا السور الكبير، الذي يمتد خارج الحيز النفسي والمادي والمكان الذي تعيش فيه، من خلال كتابات متطرفة تخاطب جوارح وجوانب وأحاسيس الجسد المحاصر بكل تلك الأعباء

 

لذلك ان حياة المجتمعات الشرقية الإسلامية الجافة الصعبة تجعل حتى من تلك المتنفسات المقبولة أخلاقيا وإنسانيا هي محرمة ، بل هي منطقة عبور خط الانحراف أو النهاية من وجهة نظرهم، فهي تخضع لعدة تأويلات خطرة تهدد حياة الفرد والمجتمع،

وقد تكون الأشكال والصور الأدبية الإباحية غير مقبولة حتى من قبل المدارس الحديثة المنفتحة، إلا ان غلق الباب بوجه الثقافة الرومانسية المهذبة وعدم السماح بالاقتراب منها، يعني إعادة شد الوثاق للروح وطبيعتها الغرائزية وتحجيم دورها الإنساني الفطري

تبقى نسب القبول بالمنطلقات التعبيرية المباشرة للكتابة في مجال تحريك لغة الجسد للمرأة، التي بدأت تتبعها بعض الكاتبات والمهتمين بتلك الجوانب الإنسانية المعقدة، هي المعيار الرئيس الذي تقف عليه شرعية الخوض في هذا المضمار الخطر، عند بعض المجتمعات المقيدة بالعادات والتقاليد والموروثات الدينية والاجتماعية المتداخلة

يبقى الرأي الذي يمكن ان تتقبله المجتمعات المتدينة لحرية التعبير الشفاف الخاص بالمرأة واحتياجاتها الطبيعية والنفسية، وذلك من خلال إتباع نهج الكتابة المهذبة ثقافيا وأدبيا وأخلاقيا، بحيث لايمكن لها ان تخدش الحياء العام للمرأة والمجتمع عموما، وان يعتمد أسلوب التلميح الغير مباشر في طرق صياغة صور التفاعل الجسدي (البعيد عن تحريك الانفعالات الغرائزية) مع النصوص الأدبية، التي تصب في مصلحة الخلاص والخروج من دوامة الصراع من اجل التخلص من النهج الأحادي للمجتمعات الذكورية

 

مهدي الصافي

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1303 الاحد 31/01/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم