آراء

قيس ناصر: الفاو أرض النقيضين (2)

سلسلة مقالات عن ميناء الفاو الكبير

تكملةً للمقال الأول، يمكن القول أن من ايجابيات مشروع الميناء أنه شكّل رأياً عاماً مهتماً به، وهذا الاهتمام سيساهم بشكل ما باستمرارية العمل وسيحث السلطات على انجاز الميناء، لكن بالمقابل من هذه الصورة الايجابية، هناك صورة مغايرة، تتمثل بأن هذا الرأي العام يتم توظيفه أحياناً، لقضايا سياسية مرتبطة بسياسة الكمائن التي تستعملها جماعة سياسية ضد جماعة أخرى. ولأن موضوع الميناء أصبح قضية رأي عام، سنحاول الإجابة عن السؤال الأبرز الذي يتم توظيفه سياسياً على الرغم من أنه موضوع فني بامتياز ويقع على عاتق الجهة القطاعية المستفيدة دون غيرها مسؤولية تحديد المصلحة بتفضيل التعاقد مع شركة دون أخرى. والسؤال هو: لماذا تم احالة مشروع ميناء الفاو إلى شركة دايو الكورية، ولم يتم احالته إلى شركة CMEC  الصينية؟

من الناحية الادارية... تمت احالة المشاريع الثلاثة التي ذكرناها في المقال الأول إلى شركة دايو على وفق قرار مجلس الوزراء المرقم (63) لسنة 2019، في زمن حكومة السيد عادل عبد المهدي، أما المشاريع الخمسة التي تم ذكرها أيضاً، فتمت احالتها كذلك إلى شركة دايو لأن القرار (63) يعد نافذاً مع إجراء تعديلات عليه في قرار (220) لسنة 2020.

على الرغم من أن بعض الجمهور يكتفي بمعرفة السياق الاداري، إلا إن هناك من يريد معرفة لماذا تم استبعاد مقترح العرض الذي قدمته شركة CMEC؟ (مع تأكيد القول أن عرض شركة CMEC ضمن ائتلاف شركات في 2017، قد رفض أيضاً في تلك الفترة)

نقلاً عن المعنيين بالمفاوضات، إنه مع اكتمال المفاوضات الفنية والمالية مع شركة دايو، أرسلت شركة CMEC مقترحها الفني والمالي عبر رسالة الكترونية بتاريخ 11/11/ 2020، -وهذا العرض هو الذي يروج له في التواصل الاجتماعي- وفي اليوم نفسه، طلبت الشركة الصينية تزويدها بوثائق المناقصات للمشاريع الخمسة، وهذا بحد ذاته يمثل تناقضاً واضحاً بين تقديم عرض السعر المالي وطلب المواصفات، وإنه بعد التداول واطلاع فريق شركة CMECعلى العرض والمواصفات الفعلية للمشاريع الخمسة قد تراجعت عن العديد من المشاريع التي ذكروا انهم سيقدمونها بشكل مجاني في العرض الذي تم ترويجه اعلامياً، بل طلبوا مبلغاً أكبر مما مقرر للمشروع من اجل انجازه .

أما الأمر الآخر الذي تم ترويجه، هو إن الشركة الصينية هي من تقدم القرض لإكمال المشروع، وعلى وفق رأي المفاوض العراقي، إنه بعد سؤال الشركة الصينية كانت اجابتها إن هذا الأمر من مسؤولية الحكومة العراقية، هي، من تطلب القرض من المصارف الصينية (تخيلوا  في ظل الاجراءات والبيروقراطية التي تحكمنا، كم من الوقت سيحتاج العراق في اجراءاته للحصول على القرض الصيني؟)

ومع عدم انكار المكانة العالمية لشركة  CMEC في مجال المكائن الكهربائية وبناء المجمعات السكنية وغيرها، ونجاحها الاعلامي في التسويق عن نفسها من خلال العراقيين، لكن السؤال الذي يهمنا ما تصنيف شركة CMEC الصينية ضمن الشركات العاملة في العراق وهل لديها مشاريع في الموانئ العراقية؟

لقد صُنفت شركةCMEC  الصينية ضمن الشركات (الفاسدة) على وفق توصيات لجنة الأمر النيابي(62) التي تخص مراجعة ملف الكهرباء. أما عن الترويج في التواصل الاجتماعي بأن شركة CMEC لديها مشاريع عقد لثلاثة حفارات في الموانئ العراقية، فهذا الأمر بعيد عن الواقع وغير صحيح، لأن العقد ليس معCMEC   إنما مع شركة صينية اخرى متخصصة بالأعمال البحرية. وإجابة السؤال السابق تدفعنا الى طرح سؤال هل عدم التعاقد مع CMEC  الصينية يعني عدم اقامة مشاريع لاحقة مع الشركات الصينية في ميناء الفاو؟ وما علاقة الميناء بمبادرة الحزام والطريق الصينية؟

إجابة هذه الأسئلة ستكون محوراً للمقال -3-

 

د. قيس ناصر - باحث واكاديمي

 

في المثقف اليوم