آراء

أورنيلا سكر: الطوفان والحرب الموعودة

إن الانتصار البطولي الذي حققته المقاومة الفلسطينية في صفوف الاسرائيليين بقيادة الجناح العسكري لقسام في غزة، كان بمثابة تحول جديد في الصراع الفلسطيني -الاسرائيلي من الناحية التوقيت والجهوزية الاستباقية التكتيكية. وهذا العمل يشهد للمقاومة الفلسطينية به. وقد قال رئيس الوزراء الاسرائيلي، بنيامين نتانياهو بالامس، إننا في حالة حرب ولسنا في عملية عسكرية وذلك في اول تصريحات له في عملية طوفان الاقصى. إن هذه العبارة لها مدلول كبير وبخاصة، أن العملية تتزامن مع احداث اقليمية مهمة في سوريا وصفقة التطبيع السعودي مع اسرائيل. فهل تنذر عملية الطوفان بحرب شاملة في المنطقة؟

بداية لا بد ان نشير الى أن هذه المقاومة الفلسطينية موجود قبل ايران وقبل حزب حزب، فلا حاجة للقول بأنها مدعومة من قبل ايران وربط الصراع الفلسطيني بعناصر مستجدة . ثانية، لا بد ان نشير إلى أن ما حدث يوم السبت يعتبر خرقاً غير مسبوقاً للكيان الاسرائيلي من خلال قتل 150 قتيلا و2000 جريح في قطاع غزة ومنهم قيادات اسرائيلية تم اعتقالهم واسرهم. إن هذا الخرق الامني والاستخباراتي يعد عملية نوعية ومهمة جدا بفعل استخدام حماس السلاح السيبراني والاسلحة المتقدمة في العملية. ما شكل حالة ارباك لدى دولة الاحتلال على كافة المستويات الامنية والاستخباراتية، الامر الذي قد يقود اسرائيل نحو تغيير قواعد الاشتباك.

وفي تصريح لصحيفة نيويورك تايمز التي افادت: "بأن هجوم حماس الواسع كشف اخفاقات كبيرة لمؤسسة الدفاع الاسرائيلي".

وبالتالي، وسط هذه الاجواء من التصعيد والمواجهة ما حدود الرد الاسرائيلي على عملية طوفان الاقصى؟

ربما تتشابه احداث الطوفان بعملية خط برليف عام 1973، غير ان الظروف ومعطيات اليوم تختلف عن السابق بفعل العديد من المعطيات الموضوعية. كما ان الاعلام العسكري متقدم جدا في نقل الصورة والحدث بدقة ووضوح ، فلا مجال للتشكيك والظنون، وبخاصة اننا نعيش في قرية صغيرة منكشفين اعلاميا على كل شيء. فما المتوقع في الايام القادمة: هناك سيناريوهان لا سواهما، الاول: ان تكون ردة فعل الكيان الاسرائيلي محدودة تقتصر على عملية التصفية في صفوف الفلسطينين وقيادة حماس كما جرى في عمليات سابقة ايام عملية مخيم جنين ومن ثم التفاوض حول ملف الاسرى. ثانيا، الخوف من انتقال المعركة نحو حرب شاملة يتم من خلالها فتح الحدود البرية وبخاصة، أن السيد حسن نصرالله قد توعد بفتح الجبهة البرية اللبنانية فيما لو اقدم العدو على فتح جبهته البرية. ما يعني أننا دخلنا في حرب شاملة تشمل لبنان وسوريا وبخاصة ان الاحداث في الشمال السوري باتت اكثر تعقيدا وبخاصة ايران تتعرض لضغوطات قوية جدا ما يؤشر كذلك على احتمالية دعمها للمقاومة الفلسطينية بهدف التصعيد ورفع حالة الاستنفار والتأهب في المنطقة. وكذلك، في لبنان على خلفية النزوح السوري الامر الذي ينذر باجتياح اسرائيلي جديد الى لبنان لفرض واقع جديد وبخاصة انه يتم التحريض في لبنان نخو دعوات الدخلات خارجية وسط خطاب عنصري يستهدف من خلاله النازحين السوريين، ما قد يؤدي الى اشتباكات طائفية مسيحية - سنية -شيعية محتملة ومواجهات أمنية كالتي وقعت في منطقة كل من الكحالة والطيونة.

بالختام، ما يجري اليوم من احداث متزامنة وملتهبة تفتح الصراع على سينارويهات عديدة محتملة وذلك لانعدام الحلول وتفاقم الازمات والصراعات العميقة التي لا تستجيب فيها الانظمة العربية الى اصوات شعبها المهجورة والمشرد.

***

كتابة: أورنيلا سكر - صحافية وباحثة متخصصة في العلاقات الدولية

مديرة موقع أجيال قرن ال٢١

في المثقف اليوم