قضايا

الزواج خارج المحكمة

يعرف الزواج شرعا وقانونا على انه رباط مقدس بين الرجل والمراة وفق شروط وضوابط محددة يتفق عليها الطرفان من اجل اقامة مؤسسة اجتماعية (الاسرة) تنسجم انسجاما وثيقا مع الدين والقانون لتكون منظومة  قوامها التكافؤ الاجتماعي والاقتصادي والثقافي التي تضمن الحقوق والواجبات للطرفين.

وهذه المؤسسة الصغيرة التي على اساسها يقوم المجتمع الغاية منها الاستقرار النفسي واستمرار النسل البشري الذي تربطه علاقات سليمة قوامها المودة والرحمة،قال تعالى(ومن اياته خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليهاوجعل بينكم مودة ورحمة.. الروم 21) اي ان تكون لكل زوج زوجة تناظره من حيث المستوى الخلقي والاخلاقي يتعايشان بكل مودة ورحمة ولتسكنوا هنا تعني السكن والسكينة.

والزواج لغةً هو الارتباط والاقتران بين اثنين بعد ان كانا منفصلان.

اما الزواج اصطلاحا فهو عقد بين الرجل والمراة يتيح لكل منهما الاستمتاع بالاخر وفق ضوابط وشروط لتكوين الاسرة، ولكي يكتمل الزواج  ويقام على اسس متينة يجب ان يتحقق فيه الشرطين الشرعي والقانوني.

ان الزواج خارج المحكمة والذي يسمى بالعامية (عقد المومن) يكون مستوفٍ من الناحية الشرعية ويقوم به عادة شيخ مختص بامور الزواج والطلاق،لكنه يفتقر الى التوثيق بالمحكمة مما ينجم عنه تبعات لاتحمد عقباها..

ان من يقدم على الزواج خارج المحكمة اما ان يكون بسبب عدم استحصال الموافقة من الاهل او انه متزوج ويريد الزواج من اخرى بالسر او ان الزوجة قاصرا غير مؤهلة للزواج او انه مصمم اصلا على الاستمتاع وسلب حقوق الزوجة التي ترضى بهذا الوضع مرغمة اما لعوامل اقتصادية وهي اهم العوامل اذ تضطر بعض الاسر لتزويج بناتها لفقر حالهم اولافتقارهم للثقافة والادراك بجسامة هذا الامر خصوصا ان عقد الزواج الرسمي يترتب عليه تسجيل الزوجة والاولاد في سجل النفوس وهذا يترتب عليه اعتراف الزوج/الاب رسميا بمسؤوليته عن هذه الاسرة والانفاق عليها في كل الاحوال ان كان الزوج موجودا او في حالة الطلاق لاسامح الله،هذه المسؤولية التي توفر الحصانة لهذه الاسرة من كل الظروف.

في السابق كان هذا الزواج مقتصرا على المناطق الريفية ،فقد اعتاد سكان الريف تزويج بناتهم بسن مبكرة لعدة اسباب ،منها لاسباب اقتصادية تتعلق بالعمل المضني الذي تقوم به المراة من زراعة واعتناء بالحيوانات حالها حال الرجل ومنها لزيادة النسل لنفس السبب ومنها عشائريا وغير ذلك،فقدكان هذا الزواج شائعا  ولازال،اما الان فقد انتشرت هذه الظاهرة بل وغزت مجتمع المدينة وصار من المسلّمات وهذا طبيعي نتيجة الحروب والاثار الوخيمة التي تخلفها الحروب، بوجود كم هائل من الارامل والايتام ،فصارهذا الزواج يجري على قدمٍ وساق لسهولته وتملص الزوج من مسؤولياته وبالمقابل تفشت حالات الطلاق السريع التي تخلي هذا الزوج من التزاماته خصوصا النفقة وباتت الزوجة المتضرر الوحيد من هذه الصفقة الغير عادلة اجتماعيا واقتصاديا فتجدها تلاقي الامرّين في سبيل استحصال الجنسية او شهادة الجنسبة لتسجيل اطفالها في المدارس وكانما قد انجبتهم لوحدها! اضف الى ذلك حرمانها من النفقة لتجد نفسها كريشة في مهب الريح لاساند ولاسند،وتفضل الف مرة ان تبقى من غير زواج على ان تكون ام وحيدة مع عدد من الاطفال بلا معيل ولانفقة.

هذ الموضوع يجب ان يحمل بمحمل الجد للحد منه عن طريق توعية الاهل بكل وسيلة من وسائل الاعلام المتاحة واقامة الندوات التثقيفية لما له من خطورة على الاسرة والمجتمع ،كما يجب  ان يخضع الى قوانين صارمة للحد منه وان وجدت تلك القوانين التي بدا مفعولها غير سارٍ في ظل الفوضى العارمة التي يعاني منها  المجتمع الان.

 

مريم لطفي

 

في المثقف اليوم