قضايا

واقع التعليم والمناهج الدراسية بين الامس واليوم

الى حد قريب كانت المناهج الدراسية بدءا بالقراءة الخلدونية- التي الفها ابو ساطع الحصري وسماها على اسم ابنه "خلدون"- والتي خرجت اجيال من المثقفين من كتاب وادباء وعلماء اثروا الساحة المجتمعية بابداعاتهم التي كانت ولاتزال ياكل المجتمع ثمارها، اطباء، مهندسين قضاة، معلمين، وكل شرائح المجتمع، كانت بمادتها السلسة وطريقة هجاءها تعتبر المرجع الاول للطفل وهو في اول مراحل حياته الدراسية، تلك الطريقة التي تجعله يتهجأ اي كلمة وهو في الصف الاول، ولايخفى على احد انّا كنا نتهجأإ اسماء المحال التجارية ويافطات الاطباء لما لهذه الطريقة الهجائية من وقع تكنيكي على دماغ الطفل وكأن الكلمة قطع "ليغو" يفككها ثم يعيدها..

اما اليوم فالهجوم التعليمي على دماغ الطفل وصل ذروته في ظل المناهج الصعبة جدا ابتداءا من الاول الابتدائي حيث القراءة التوليفية، فتجدالطفل يردد كالببغاء دون ان يعرف كنه الحرف او الكلمة، دروس علمية في مادة العلوم كحالات المادة والاجسام الغاطسة والطافية"قاعدة ارخميدس" التي كانت تدرس في المتوسطة، طرق معقدة في درس الرياضيات لف ودوران من اجل حل مسالة طرح بسيطة تقود الطالب الى متاهات لاغنى له عنها سوى التذمر وكره الدروس ثم العزوف عن الذهاب الى المدرسة ، اضافة للدروس الاخرى الغير منهجية كالحاسوب واللغات مع تقصير باستغلال واهمال دروس الفنية والرياضة والتي تعتبر المتنفس الوحيد للطالب، وقد بدا الامر ياتي اكله من خلال التسرب من مقاعد الدراسة ناهيك عن ان بعض بنايات المدارس غير صالحة صحيا ونفسيا ، تفتقر لشروط النظافةاضافة الى تكدس اعداد كبيرة بالصف الواحد يصل الى اربعين او خمسين طالب، مع التفريط بالزامية التعليم التي تركت الحبل على الغارب لقيام بعض الاهالي من الطبقة الفقيرة بالزام اطفالهم بالنزول الى سوق العمل وترك المدرسة مما ولّد اجيالا من الاميين الذين يغزون المجتمع الان..

ان الامر محسوم بالنسبة لطلاب المدارس الاهلية من حيث البنايات والاهتمام بالتدريس وان كانت المناهج واحدة والتي تمتاز بالصعوبة والضغط على اعصاب الطفل خصوصا الطفل المتوسط الذكاء او مادون المتوسط، فتلك الماساة يدفع ثمنها الطفل واسرته وخصوصا الامهات اللواتي تولن بانفسهن مهمة اداء الواجبات، وهذه للاسف حقيقة ومعاناة حقيقية في كل بيت تقريبا ..

ان واقع التعليم اليوم يحتاج الى وقفة جادة لايجاد الحلول الناجعة المناسبة  لاعادة التوازن الى العملية التربوية من جديد من خلال اعادة النظر بالمناهج الدراسية والاهتمام اكثر بالواقع التعليمي الذي يعتبر الخط الاول والرافد الحيوي المهم في اي مجتمع يسعى الى التطور والازدهار ..

 

مريم لطفي

 

في المثقف اليوم