قضايا

المسئولية عن الخيانة ما بين الرجال والنساء!

منى زيتونعلى غلاف العدد الأخير من صحيفة In Touch Weekly الأسبوعية، ظهرت صورة للأمير ويليام حفيد الملكة إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا، وصورة أخرى لزوجته الأميرة كيت، مع عنوان صادم عن أسوأ كوابيس الأميرة؛ بخيانة زوجها لها، التي اكتشفتها مؤخرًا، وفقًا لما أوردته الصحيفة.

نشرت الصحيفة القصة الكاملة لما زعمت أنه خيانة الأمير ويليام لزوجته كيت ميدلتون، مع إحدى صديقاتها، والتي بدأت عندما كانت كيت حاملًا في ابنها الأخير لويس. لكن يبدو أن الزوجة المخدوعة تأكدت من شكوكها فقط في الشهر الماضي.

وأشارت التقارير الصحفية أن ويليام لا يظهر عليه الشعور بالذنب، بل ولم يعترف! ونفى لكيت أنه خانها كما تعتقد. ولست محققة قانونية معنية بتحري صحة الواقعة، ولكن كان هذا الخبر لافتًا؛ فالأمر أعم من أنه ابن الأمير تشارلز الذي خان أمه الأميرة ديانا في شهر العسل، واستمر في خيانته لها طيلة سنين زواجهما؛ إذ أنه بالرغم من أن الرجال عبر العالم وعبر التاريخ لديهم استعداد طبيعي لزوغان العين، لكن الملاحظ أن التبجح المصاحب للخيانة قد زاد مرة أخرى في العصر الحديث، بعد أن كانت قد تقلصت نسبته منذ منتصف القرن العشرين، مواكبًا لدعاوى احترام المرأة والمساواة بينها وبين الرجل في الحقوق التي سادت في تلك الحقبة.

كثيرًا ما تغضب النساء مني، وتتهمنني بانحيازي للرجال في كثير من القضايا الاجتماعية التي أناقشها في مقالاتي. وحقيقةً فإنني ربما كنت أرى النساء أكثر احتمالية لاستخدام أساليب اللف والدوران والتوقيع والكيد وغيرها من خبائث الأساليب الاجتماعية، لكن فيما يخص الخيانة الزوجية، فإنني أرى النساء أكثر إخلاصًا، ولا وجه للمقارنة بينهن وبين الرجال، بل وليت الرجال يكونوا في معشار قدر إخلاصهن، وليس هذا تحيزًا مني للنساء. وصدق من قال: إن الرجل قلبه كحبة الرمانة تسع ألف من الأحبة، إنما المرأة عندما تحب رجلًا يستحيل أن تطرف عينها على رجل غيره، بل هي تعمى عن غيره حتى لو كان خائنًا متمرسًا في الخيانة! ومن وجهة نظري، فهذا من حكمة إباحة التعدد للرجال دون النساء؛ فالله خالقنا وهو أدرى بخلقه. وليس هذا الأخير موضوع نقاشنا هنا على أي حال.

وخلاصة رأيي أنني أرى الخيانة الزوجية أكثر شيوعًا في الرجال، فقد نجد نساءً خائنات لأزواجهن، وأغلبها خيانة غير جسدية –وهذا ليس تبريرًا مني لهن-، لكن كم النسبة؟ كما أنني أرى أن مسئولية الرجال عن الخيانة أكبر في أغلب الحالات من مسئولية النساء، وهذا ينطبق عبر العالم وباختلاف الثقافات.

أحد الأصدقاء المُصر على تعادل مسئولية الرجال والنساء في أمر الخيانة، احتج على كلامي قائلًا: دائما يُذكر الرجال عندما يأتي الحديث عن الخيانة؛ ولكن أين النساء من هذا المعترك؟! وهو هنا لا يقصد خيانة زوجة لزوجها، فهو يعترف أنها نادرة ولا تُقاس أعدادها بأعداد حالات خيانات الرجال المتزوجين لزوجاتهم، بل يقصد المرأة الطرف الثالث التي تمت معها الخيانة من رجل متزوج. من وجهة نظر الأخ العزيز فإن هناك إسهامًا متبادلًا وخفيًا بين النساء والرجال في سقطة الخيانة.

بدوري أرى أن النساء اللاتي تتم الخيانة معهن بعضهن من نوعية الباحثات عن منفعة من الرجل، وهن من يُطلق عليهن فئة "المصلحجية"، سواء كانت المصلحة هدايا أو خدمات تُقدم لهن، وبعضهن صائدات رجال ساعيات في خراب البيوت العامرة، وكلا هاتين الفئتين من النساء هن من تبدأن بالمبادرة ومحاولة لفت وجذب انتباه الرجل، الذي دائمًا ما يكون رجل ناجح وصاحب مركز اجتماعي ومادي مرموق.

 لكن النسبة الأكبر من النساء اللاتي ينخرطن في علاقات خيانة لسن أكثر من ساذجات، لم يكن يعلمن بالأساس أن الرجل متزوج أو خاطب أو مرتبط، وهذا رأيته في كثير من الحالات. وبعض الرجال الخونة أيضًا يوهم الساذجة بأنه في طريقه للانفصال، أو أنه يريد أن يتزوجها مع الإبقاء على زواجه البائس الذي لن ينهيه حرصًا على الأطفال أو حرصًا على رضا أمه التي لا تريده أن يطلق الأولى التي لا يحبها ولم ينجب منها بعد، أو أن ما يؤخر ارتباطه بها هو ضيق ذات اليد وأنه ينتظر فرصة ما لتحسين دخله أو للسفر إلى الخارج ليتزوجها ويأخذها معه. وفي كثير من البلاد العربية لا زال الزواج الثاني شائعًا ولا مشكلة فيه. ولو اجتهدت لحصر مختلف الحالات التي اطلعت عليها، والأسباب المتنوعة التي يطلقها الرجال الخونة لخلق علاقات خارج إطار الزواج، لأعياني الحصر، وكأن الواحد منهم لا يكتفي بأن تكون له ضحية واحدة وهي زوجته، فيخونها مع خائنة على شاكلته، بل يُصر على أن تكون له ضحيتان!

إذًا فالمسألة نسبية، ولكن مساهمة الرجال في القضية تكون بالنسبة الأكبر، بدليل أن الرجل الخائن تتكرر منه الخيانة مرارًا، وليس منطقيًا أن الله يجعل في طريقه دائمًا نساء متلاعبات! وقطعًا هذا ليس دفاعًا عن المتلاعبات.

إن المرأة يستحيل أن تخون رجلًا تحبه ولو خطب ودها ملك، فعندما تحبك امرأة لن ترى غيرك، وربما لهذا كانت الخيانة أصعب وقعًا على الرجل لأنها تعني له أنه لم يكن مخدوعًا فقط في عفة زوجته، بل ومخدوع في استشعاره حبها له، بينما المرأة تعرف أن عيون الرجال طوامح، والرجل أكثر استعدادًا للخيانة مع اختلاف درجاتها، ولا يمنعه حبه لزوجته عن خيانته إياها! ونزوات الرجل لا تنفي حبه، ففي قلبه متسع لأخريات! وربما لهذا تكون النساء أكثر استعدادًا للمسامحة والغفران بعد فترة من حدوث الخيانة، عندما يعود لها الرجل، وبراءة الأطفال في عينيه، لتبدأ معه الحوار رافضة عودته بـ "أيظن أني لعبةٌ بيديه؟" وفي النهاية تحن إليه وتقول: "ما أحلى الرجوع إليه!".

ومن الملاحظ لي أيضًا أن الزوجة ذات الشخصية القوية تميل لإلقاء الذنب على الرجل أكثر من المرأة التي شاركته الخيانة، بينما المرأة الضعيفة –وأكثرهن كذلك- تميل إلى تحميل المرأة التي شاركت زوجها خيانته لها الذنب، صابة جام غضبها عليها وحدها! حتى وإن كانت تعلم أن زوجها معتاد الخيانة، وليست هذه سقطته الأولى.

وربما كانت هذه السلوكيات من قِبل النساء آثار غير مباشرة تسهم في تكرار حالات خيانة الرجال.

 

د. منى زيتون

 

في المثقف اليوم