قضايا

القانون الطبيعي كأساس لحقوق الإنسان في الإسلام

علي رسول الربيعيالإسلام والعلمانية وتحديات حقوق الإنسان (4)

المطلوب أن يبدأ البحث عن أسس لحقوق الإنسان من دون عرض التراث القانوني الإسلامي التاريخي كنظام شامل يتم تطبيقه إلى أقصى حد في نشر الأخلاق العالمية المستمدة من الوحي الإسلامي. ومن المناسب الأشارة هنا الى أن الوثيقة الدولية العلمانية لحقوق الإنسان لاتدعي الالتزام بأكثر من أساس غير شامل وبسيط. من المؤكد أنها مبنية على اتفاق أخلاقي متعدد الثقافات حول حقوق الإنسان، وبالتالي، فهي تعدّ مُسؤولية الناس في كل مكان، بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية وخلافاتهم، عن الصلاحية المطلقة لبعض الادعاءات الأخلاقية. التي تحمي وتعزز الحريات الأساسية لجميع البشر بوصفهم بشر. لكن ما يواجهنا من تحدي هو أن المعايير الأخلاقية مستمدة من تجارب أخلاقية متمايزة تؤكد على الطابع التاريخي الخاص الذي يميًز كل شخص، وهذا هو مايجعل كل ادعاء أخلاقي واضحًا في التقاليد الثقافية التي تشرح تلك المعايير. فتظهر مشكلة هي إن مفهوم الأخلاق المشتركة المعروفة لجميع البشر، في سياق لغة حقوق الإنسان هناك من يعتبره أنه غير شامل، لأنه على الرغم من أن مفهوم الحقوق أو الواجبات الطبيعية القائمة على العقل العالمي في الفكر الغربي كان بمثابة أساس منطقي لأخلاق عالمية علمانية في الوثيقة أو الإعلان، فإن تطبيقها عبر الثقافات في سياق التقاليد الدينية المختلفة أمر مثير للجدل1. وفي الوقت نفسه، ليست هناك حاجة للإعلان أو أي وثيقة من هذا القبيل التي يحمي مضمونها ويبرر حقوق الإنسان الأساسية على أساس المذاهب الشاملة، لأن المهم هو أن المعتقدات الأخلاقية المستمدة من مصادر دينية أو غير دينية يجب أن تولد التزامًا عامًا لحماية كرامة الإنسان، وليس الأخلاق الشاملة.

يمكن للمجتمعات المسلمة أن تلائم هذا الفهم غير الشامل للأخلاق، في متناول جميع البشر كبشر، من حيث المفهوم الأكبر للقرآن للطبيعة البشرية والغرض من الخلق. وبعبارة أخرى، يمكن أن تكون المفاهيم القرآنية عن الإنسانية كمجتمع واحد تحت رعاية الله، والمساواة بين جميع البشر من خلال هبة الله ذات لطبيعة أساسية القادرة على تمييز القيمة الأخلاقية للعمل المرتبط بالوحي بشكل بديهي، بمثابة أساس الحد الأدنى حقوق الإنسان في الإسلام. يمكن لهذا الأساس أن يسد، بدلاً من تجاوز، الفجوة الفكرية والأخلاقية بين الأخلاق العالمية العلمانية والدينية غير الشاملة من أجل جعل قضية مشتركة للتربية الأخلاقية والتدريب حول الكرامة الإنسانية المتأصلة والقيمة الأخلاقية لكل شخص على هذا النحو. يمكن أن يعود اساس الحقوق الإنسانية إلى الشخص لمجرد إنسانيته، سواء قبل أو لم يقبل الإسلام كدين له، الى مفهوم الطبيعة البشرية الواحدة وهي الفطرة بوصفها النقطة الأكثر منطقية لدخول المسلمين في لغة حقوق الإنسان. إن فمفهوم الأساس الطبيعي أو الفطري للإنسان هو المذهب الأساس للقرآن الذي يؤكد إصرار على خلق الله الهادف للبشرية.

 

الدّكتور عليّ رّسول الرّبيعيّ

.........................

 -1Gene Outka and John P. Reeder Jr., eds., Prospects for a Common Morality (Princeton, NJ: Prin ceton Uni versity Press, 1993), pp. 3-4.

 

 

في المثقف اليوم