قضايا

تنظيم النسل في الإسلام

رجاء موليومقدمة: إن مسألة تنظيم النسل في السابق، كانت مسألة مزاج تحدث في أوساط اجتماعية، وعلى نطاق ضيق وبمقتضى ظروف اختيارية صرفة يتفق فيها الزوجان لمبررات خاصة. لذلك لم يكن البحث فيها ملحا وضروريا.

أما اليوم وبعد أن تجاوزت المسألة نطاقها المزاجي الاختياري الضيق، وأصبحت عامة وشاملة تدفعها الأزمات والضغوط الاقتصادية والاجتماعية وتحمل طابع التحديد القهري والإلزامي فلا بد من إباحة وجهة النظر الإسلامية فيها، لكي يكون المسلم المؤمن على بينة من الحكم الشرعي ملتزما به متقيدا بنهجه وإرشاداته وتعليماته الحقة، التي هي وحدها القادرة على تحقيق السعادة والنعيم له، وتجنبه البؤس والانحراف والضياع والشقاء.

إن تحديد النسل لا يتم بوسيلة واحدة وكيفية واحدة حتى يتمكن المؤمن من معرفة الحكم الشرعي باختصار (مسموح به أو غير مسموح) وإنما يتم بوسائل متعددة وكيفيات مختلفة، ويختلف الحكم الشرعي حسب الوسيلة المستعملة وكيفيتها.

تحديد النسل: معناه تنظيم الولادات للحد من تضخم السكان في العالم، وهو علم غايته دراسة الشروط الفضلى للتناسل وتحسين الجنس البشري والتقليل من عدد أفراد الأسرة بصورة تجعل الأبوين يستطيعان القيام برعاية أبنائهما رعاية متكاملة بدون عسر أو حرج أو مشقة.

الأصل في الدين الحث على الزواج، وهو من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية التي تدعوا إلى كثرة سواد الأمة ونموها على مر الزمان حتى تستطيع مواجهة الأحداث بقوى عاملة.

فالإكثار من النسل مطلوب في ذاته وهو غاية الزواج الفضلى في الإسلام، وذلك هو الفطرة، والإسلام دين فطرة كما يقول عز وجل: ﴿فاقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون﴾[1]

فالشريعة الإسلامية عندما تدعو للكثرة، تقصد الكثرة القوية لقوله عليه السلام "تزوجوا الودود الولد فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة"[2] وقوله تعالى: ﴿ ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا ليسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون﴾[3]

إن الكثرة التي دعا إليها الإسلام لا تنشد لذاتها، ولكن لما يترتب عليها من صلاح الأسرة والمجتمع والأمة، والتكاثر الخليق بالمباهاة هو التكاثر الذي يتفاعل بالقوة، ويزخر بالخير، وينبض بالعطاء، فالمؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف.

لا ريب أن بقاء النوع الإنساني من أول أغراض الزواج، وبقاء النوع إنما يكون بدوام التناسل، وقد حبب الإسلام في الكثرة لكنه رخص للمسلم في تنظيم النسل إذا دعت الضرورة لذلك، وقد كانت الوسيلة الشائعة التي يلجأ إليها الناس هو القذف خارج الرحم روي عن جابر في الصحيحين "كنا نعزل في عهد رسول الله عليه السلام فبلغه فلم ينهانا" .[4]

إن مسألة تحديد النسل بغير وجه حق أو ضرورة ملحة يعد مكيدة غربية؛ اغتر بها المسلمون من أجل تنظيم أسرهم خوفا من الفقر والجهل والمرض والعجز المادي وذلك بغية منهم لإضعاف نسل لمسلمين وتشتيت قوتهم وطعنا في دينهم الذي يوصي بالكثرة الايجابية. ومن بين النتائج التي أسفرت عنها الدعوة إلى تنظيم النسل يمكن رصدها كالآتي:

قلة النسل: يقول تقرير اللجنة الملكية في انجلترا "إن الذي تشهد به الحالة الاجتماعية في انجلترا وفي البلاد الأخرى أن انخفاض نسبة المواليد إنما هو نتيجة ناتجة من منع الحمل".

ويقول الأستاذ في علم الاقتصاد: "إننا كنا نرتكب حماقة المحافظة على قلة السكان فلتعلم حسب العلم أنه ليست قلة السكان حلا لمشكلة البطالة في بلادنا، كما أنه من المحال أن يرتفع بها مستوى معيشة السكان، إن مؤثراتها الاقتصادية لا بد أن تكون سيئة للغاية إذ لابد بسببها ترتفع عندنا نسبة العجائز وبذلك يضطر المنتجون أن يظلوا يشغلون المتقاعدين.

لكل ذلك لا بد أن نستعين بكل طريق ممكن للقيام في وجه خطر قلة النسل".

والحقيقة التي لا مراد فيها إن الثروة البشرية فيما يقرره علماء الاقتصاد عنصر أساسي للتنمية وزيادة الانتاج ولا يكون استغلال هذه الطاقات البشرية بإهدارها أو العمل على إقلالها[5].

ولهذا فالدعوة إلى تقليل النسل ليس هو الحل الأنسب لحل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، بل الحل الإيجابي هو العمل على توفير أحسن الأجواء والمتطلبات لكي يواجه المجتمع التدفق السكاني أو ما يسمى بالانفجار السكاني لأن تقليله يؤدي إلى مشاكل عدة تعود على المجتمع بالهلاك والتأخر.

ثانيا: عدم التوازن بين الطبقات

لما كان اهتمام الإسلام كبيرا بالأسرة باعتبارها الحجر الأساسي للمجتمع كان حرصه شديدا على الإكثار من النسل إلا أن حركة تحديد النسل في البلاد الغربية قد أوجد نوعا من عدم التوازن بين الطبقات، وقد أثبت تقدير اللجنة الملكية في إنجلترا: أن أسر العمال الصغار منهم حسب الإحصائيات أكبر من أسر غيرهم بمعدل 40% على الأقل ويقول الأستاذ "واين تامس" الخبير الأمريكي الشهير بإحصائيات السكان: "إن الذين هم أقل ثقافة أسرهم كبيرة، والذين هم أكثر ثقافة، أسرهم صغيرة.

إن قلة الطبقات ذات القدرة والاستعداد الفني وتضاؤل حجمها وانحطاط المعيار الفكري والعقلي العام وقحط الرجال... تلك هي الأخطار التي تواجهها اليوم البلاد الجارية على خطة تحديد النسل، وأن أرباب الفكر والعلم من أهلها في غاية من القلق والاضطراب لأجلها.

ويقول الدكتور "تامس" أن ارتفاع نسبة العجائز ذو تاثير كبير وعاقبة مزرية، لأن معناه تزايد معدلات الوفيات وانخفاض معدلات المواليد وكل ذلك مرده إلى عدم التوازن بين الطبقات الذي أوجدته حركة تحديد النسل.

وهكذا فإن التوازن بين الطبقات يحدث فيه الاختلاف الشديد لأجل تحديد النسل، ولا يزال العنصر الذكي الحيوي النشيط ينقرض لأجله شيئا فشيئا.[6]

أضرار تحديد النسل:

أولا: انتشار جريمة الزنا

ويمكن تعريف الزنا في الشريعة الإسلامية بأنها: "كل صلة جنسية محرمة بين رجل وامرأة"[7] قال الله عز وجل: ﴿ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا﴾[8]

وقد عرفه فقهاء الشريعة الإسلامية بأنه "وطئ مكلف عامد عالم بالتحريم من قبل محرم العينة مشتهى طبعا مع الخلو من الشبهة".

والزنا من أفضح الجرائم الاجتماعية، لما له من المضاعفات السيئة التي منها تسرب الخيانة إلى الأسرة، وسلب احترام أولادها، وعدم حب الأب لأولاده، وجميع قوانين البشر تعاقب عليه، ومن المؤسف انتشاره بصورة هائلة في هذا العصر، يقول محمد فريد وجدي: "ومما يؤسف له أن جريمة الزنا أخذت في الانتشار، وزاد مرتكبوها في هذا العصر زيادة كبيرة بما قام في وجه النوع البشري في أدوار من العادات لا تتفق مع الحياة الصحيحة".

كما أن الزنا نكسة حيوانية تذهب بجميع معاني الإنسانية، وتسمخ الإنسان، وتهبط به إلى مستوى سحيق.

قال الله تعالى: ﴿ الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تاخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تومنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المومنين﴾[9]

ومن هذه الآية الكريمة نجد أن كل من اقترف هذه الخطيئة لا بد له من الجزاء الوخيم، وهذا العقاب يجب أن يكون في الملأ ليكون عبرة وموعظة لغيره ولكل من تسول له نفسه الوقوع في الغلط والانجرار إليه.

والسؤال الذي يتبادر إلى المسلم الحق ما علة تحريم الزنا؟

تجيب الدكتورة ابتسام عبد الحليم في مجلة منبر الإسلام على هذا السؤال ببحثها:"جريمة الزنا بين الطب والدين" تقول الدكتورة عبد الحليم: إن الله تعالى بحكمته الإلهية نهانا عن الزنا لما فيه من أضرار على ذريتهم أيضا، كما وأن له نتائجه السيئة على المجتمع وعلى الأخلاقيات عامة... فمن الأمراض التناسلية التي تصيب كل من الزاني والزانية مرض الزهري وهو نوعان نوع يصيب الإنسان عن طريق الملامسة ونوع آخر وراثي.

ومن الأمراض التناسلية التي تصيب الزناة أيضا القرحة الرخوة والعدوى تتم بواسطة الجرثومة العضوية، وهي تظهر في الرجل في جسم القضيب أو الصفن أو العانة أو عند الشحفة، أما في الإناث فتكون في الشفرين والشوكة والفخدين.

وكذلك مرض السيلان عن طريق الملامسة الجنسية.

وتختم الدكتورة عبد الحليم بحثها بقولها يكفي قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "وبشر الزاني بالفقر ولو بعد حين" فمعنى هذا أن الله يمهل ولا يهمل.[10]

نهى الإسلام الحنيف عن الانقياد وراء أي رذيلة واعتبر الزنا جريمة قانونية تستحق أقصى العقوبة لأنه وخيم العاقبة ومفضي إلى كثير من الشرور والجرائم فالعلاقات الخليعة والاتصال الجنسي الغير المشروع، مما يهدد المجتمع بالفناء والانقراض، فضلا عن كونه من الرذائل المحقرة، ولأنه سبب مباشر في انتشار الأمراض الخطيرة التي تفتك بالأبدان، وتنتقل بالوراثة من الآباء إلى الأبناء، وأبناء الأبناء، كالزهري والسيلان، والقرحة.

كما أنه من أحد أسباب جريمة القتل، إذ إن الغيرة طبيعية في الإنسان، وقلما يرضى الرجل الكريم، أو المرأة الشريفة العفيفة بالانحراف الجنسي فيجده الوسيلة التي يغسل بها العار الذي لحقه ولحق أهله.

والزنا يفسد نظام البيت، ويهز كيان الأسرة، ويقطع العلاقة الزوجية ويعرض الأولاد لسوء التربية مما ينتج عنه: التشرد والانحراف والجريمة، وفيه من ضياع النسب وتمليك الأموال لغير مستحقيها.

وجملة القول أن للزنا ضرر عظيم وهذا لأنها من أكبر الأسباب الموجبة للفساد وانحطاط الآداب، فهي مروجة للعزوبة ولاتخاذ الخليلات وأكبر باعث على الترف والعهر والفجور.

ولهذا جعل الإسلام عقوبة الزنا أقسى عقوبة لأنه يوازن الضرر الواقع على المذنب، والضرر الواقع على المجتمع، ويقضي بارتكاب أخف الضررين، وهذه هي العدالة.

إن عقوبة الزنا وإن كان فيها ضرر للمجرم نفسه، فإن في تنفيذها حفظ للنفوس، وصيانة للأعراض، وحماية للأسر، التي هي اللبنات الأولى في بناء المجتمع وبصلاحها يصلح وبفسادها يفسد.[11]

ولهذا خصها الخالق عز وجل بعقوبة مخصصة لها في القرآن الكريم قال الله تعالى:

﴿ الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ﴾[12]

  

ثانيا: انتشار الأمراض الفتاكة

هناك أكثر من عشرين مرضا ينتقل بالاتصال الجنسي، وحتى القريب كان هناك مرضان يستوليان على الساحة الجنسية وهما:

السيلان والزهري، وتراجعت هذه الأمراض نظرا للعلاجات المختلفة بالمضادات الحيوية، ولكن ظهرت أمراض أخرى ولا تقل أهمية: كلاميدبا وارسب وتريكوموناس وغيرها.

نشرت مجلة الصحة في العالم الناطقة بالمنظمة العالمية للصحة في عام 1986، وقالت الأمراض الزهرية تتكاثر بشكل مدهش وبالخصوص في الشباب ما بين 18و 24 سنة وهناك حوالي 3 ملايين مصاب بهذا المرض وذلك راجع إلى التدهور الأخلاقي الذي تفشي في كثير من المجتمعات ونتطرق باختصار لهذه الأمراض:

المرض الزهري الأول (النوار): لا زال في الانتشار ويساعد على ذلك كثرة الحرية في الاتصال الجنسي واللواط وانتشار الزنا بشكل مدهش، ولا يزال هذا المرض يشكل خطرا شديدا على المستوى العالمي، ويتمثل المرض في ثلاث مراحل[13]:

السيلان: المسبب لهذا المرض الخطير هو الكونوكوك، والسيلان يعتبر من أقدم الأمراض التناسلية في العالم ينتقل بالاتصال الجنسي في أغلب الأحيان وعلامات المرض تكون مختلفة في الجنسين، تختلف كذلك حسب الأماكن: الأعضاء التناسلية والسرج وأماكن أخرى.

ويصيب الطبقات الضعيفة حيث تقل النظافة وتتوفر شروط العدوى.

مرض نيكولافابر أو التهاب الغدد اللمفاوية: لأسفل جدار البطن وهو مرض تناسلي للغاية يسببه فيروس، وهذا المرض يتطور إلى ثلاث مراحل:

المرحلة الأولى: تمتاز بقرحة ذات شكل أوبيس في الأعضاء التناسلية.

المرحلة الثانية: يكون مصحوبا بولسيس ذي شكل انتفاخي حول الأعضاء التناسلية.

المرحلة الثالثة: تمتاز بحصار الجهاز اللمفاوي والغددي، فتكون النتيجة إصابة غشاء الخصيتين مرض الفيل وكذلك المهبل، ومع تقدم الطب هذا الطور الثالث أصبح نادرا.[14]

ثالثا: الدعوة إلى تحديد النسل دعوة إلى الوأد المحرم

لقد كفانا القرآن الكريم مئونة الرد على هذه الشبهة فلقد كان الوأد المحرم هو الاعتداء بالقتل على مولود استقبل الحياة وبرز إلى الوجود بعد استيفاء أطوار نموه.[15]

كما جاء في قوله: ﴿وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون﴾[16]

وهذا ما نهى الله عنه وقال تعالى: ﴿ولا تقتلوا أولادكم من إملاق﴾[17]

وقد حكم القرآن على مرتكب هذا القتل بالخسران المبين ووصفه بالسفه والجهل.

قال الله عز وجل: ﴿وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت æ﴾[18]

فهذه كلها آيات تدل على حرمة قتل الولد، كبيرا كان أم صغيرا، ذكرا كان أم أنثى ناقص الخلقة كان أم كامل الخلقة وعليه فإن الطفل الذي يولد أعمى أو أصم أو مجذوذ اليد أو ناقص العقل مجنونا أو مبتلى بأي نقص أو عيب لن يمتلك أحد الحق في القضاء عليه لا أباه ولا أمه، ولا الهيئة الطبية ولا غيرهم، سواء كان قتله بإعطائه مصلا ساما أو استعمال أشعة مهلكة لأنه مخلوق من مخلوقات الله فلم يرخص أو يأذن في قتله لأحد لأن فاعل ذلك جزاؤه جهنم.

ومن ذلك أيضا أنه كان يجب على الآباء في كثير من الشعوب البدائية وغيرها قتل أولادهم أو بعضهم في جميع الحالات أو في حالات خاصة لاعتبارات دينية أو اقتصادية وكثير من العشائر البدائية باستراليا وغيرها كانت تسير على هذا النظام، ولكنها كانت تختلف فيما بينها في وجوه تطبيقه ففي عدد غير يسير منها كان يصطفى البنات ولا يقع القتل على البنين وفي بعضها كان يصطفى البنون ولا يقع القتل على البنات وفي عشائر كانت الأمهات يتخلصن من بعض أولادهن بدون نظر إلى جنسهم ولا تفرقة بين ذكورهم وإناثهم وكانت بعض قبائل العرب في الجاهلية تلجأ كذلك إلى قتل أولادها بدون تفرقة بين ذكورهم وإناثهم تحت تأثير الفقر ورغبة في التخلص من واجب تربيتهم.

وكانت الطريقة السائدة في الوأد، أن يحفر بجانب الموضع الذي اختير لولادة الأم حفرة عميقة، فإذا ظهر أن المولود أنثى قذف بها حية عقب ولادتها مباشرة في هذه الحفرة وهيل على جسها التراب.

ومنهم من كان يئد من البنات من كانت زرقاء أو سوداء أو بشراء أو كسحاء، ويمسكون على البنات من كانت على غير تلك الصفة مع ذل وعلى كره منهم وهذا المذهب كان عليه قليل من العرب ولم يأخذ به الأكثرون ومنهم من كان يقتل أولاده خشية إملاق وخوفا من الفقر، وهم فقراء من بعض قبائل العرب،[19]  وفيهم نزل قوله تعالى: ﴿ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقهم وإياكم ﴾[20]. وفي كتاب بلوغ الأوب في معرفة أحوال العرب للسيد محمود شكري الألوسي أخبار كثيرة من ذلك.

ويرى هؤلاء أن تنظيم الأسرة بأية وسيلة هو قتل غير مباشر للأطفال ولذلك قال تعالى: ﴿إن قتلهم كان خطئا كبيرا ﴾[21].

ثم إن المسلمين يستندون إلى حديث نبوي آخر سال بعض الصحابة النبي عليه السلام : هل يمارسون الوأد أي القذف خارج الرحم، فأجاب: "لا عليكم إلا تفعلوا فإنه ليس من نسمة قضى الله لها أن تكون إلا وهي كائنة".[22]

وختاما فإن للعلماء موقفين موقف إجازة تحديد النسل منها الخوف على حياة الأم من الضرر والخوف على الأولاد أن تسوء صحتهم وتفسد تربيتهم وكذلك على المجتمع من الفساد بسبب الكثرة السلبية.

وموقف المنع الذي يستند إلى تحريم قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وذلك أن الله ما يخلق من خلق إلا ومعه رزقه.

أن أعداء الإسلام أرادوا تقليل نسل المسلمين لأنهم أدركوا أن عزتهم في كثرتهم.

إن لتحديد النسل أضرار وخيمة على الفرد والمجتمع وتتمثل في انتشار جريمة الزنا التي تعد من أفظع الجرائم الاجتماعية لما لها من سلبيات على الدين والأخلاق، وكذلك انتشار الأمراض الفتاكة من الزهري والسيلان.

 

رجاء موليو

......................

[1] - سورة الروم، الآية: 29.

[2] - السنن الكبرى للبيهقي، كتاب النكاح، باب استحباب التزوج بالودود الولود، ص: 82/ج، 7.

[3] - سورة الروم، الآية: 21.

[4] - صحيح مسلم في كتاب النكاح، باب العزل، 138-1440، ص: 1065.

[5] - حركة تحديد النسل، لأبي الأعلى المودودي، الطبعة الأولى، 1965م_ 1385ه، دار الفكر بدمشق، ص: 40.

[6] - حركة تحديد النسل، لأبي الأعلى المودودي، الطبعة الأولى، 1965م_ 1385ه، دار الفكر بدمشق، ص: 13-14-15.

[7] - الحلال والحرام في الإسلام، الشيخ أحمد محمد عساف، دار إحياء العلوم بيروت، الطبعة الثانية 1409ه- 1989م، ص: 77-96-29-30.

[8] - سورة الإسراء ،الآية: 32.

[9] - سورة النور، الآية: 2.

[10] - الحلال والحرام في الإسلام: الشيخ أحمد محمد عساف، ص: 101.

[11] - فقه السنة، السيد سابق دار الكتاب العربي، بيروت الطبعة الشرعية الثامنة 1407ه- 1987م، ص: 340-358-359.

[12] - سورة النور، الآية: 2.

[13] - تأملات حول السيدا والأمراض التي تنتقل بالجنس، الدكتور عبد السلام البقالي، الطبعة الأولى 1989، طبع بدار النشر زنقة بيروت بلفدير- الدار البيضاء، ص: 11-12.

[14] - تأملات حول السيدا والأمراض التي تنتقل بالجنس، الدكتور عبد السلام البقالي، الطبعة الأولى 1989، طبع بدار النشر زنقة بيروت بلفدير- الدار البيضاء، ص: 11-12.

[15] - الإسلام وتنظيم الأسرة، للشيخ خلف السيد على وإبراهيم دسوقي مرعي،  ج/ ،ص: 123.

[16] - سورة النحل، الآية : 58-59.

[17] - سورة الأنعام، الآية: 152.

[18] - التكوير، الأية : 8-9.

[19] - الإسلام وتنظيم الأسرة للاتحاد العالمي لتنظيم الوالدية، المكتب الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، بيروت لبنان 1973، ص: 48.

[20] - سورة الإسراء، الآية: 31.

[21] - سورة الإسراء، الآية: 31.

[22] - صحيح مسلم، كتاب النكاح باب احكم العزل125- (1438) ص: 1061.

 

 

في المثقف اليوم