قضايا

رحيم الساعدي: الجانب الاستراتيجي‬ والمستقبلي في فكر الامام الحسن ‬

يجدر بنا الحديث عن احد اهم المعالجين للازمات في التاريخ، فالأمام الحسن بن علي (ع)، قاد وبنجاح مرحلة خطيرة من مراحل تأسيس الحضارة  الاسلامية، بالرغم من المعوقات التي وضعها واسسها ضده البعض منالمجتمع المحلي والخارجي .

وفي وقت شهد فيه القرن السابع الميلادي (زمن حياة الامام) توترات عالمية مثل انتهاء الحروب الرومانيةالفارسية والقضاء على سلالة سوي الحاكمة في الصين وتأسيس لسلالة تانغ وايضا انتهاء فترة ممالككوريا الثلاث واستقرار القبائل الجرمانية والسكسون بأراضي هولاندا كما احتلت الامبراطورية الساسانيةمصر والقدس بالإضافة الى حروب في البلقان وبلغاريا، فانه وفق كل هذه الاحداث برزت الحضارة الاسلاميةبصورة مثالية ومجددة للفكر والحياة الانسانية، مدعومة من السماء، ودخلت معترك التاريخ بوصفها احداهم المتغيرات العالمية ضمن مفهوم الدول او الحضارات العظمى، فقد انهت او حجمت حضارات الفرسوالرومان الهند، وفتحت حضارات العالم الاخرى من المشرق والمغرب والشمال والجنوب .

وقد دخل الامام الحسن في افق تلك الاحداث العالمية، بوصفه راس الهرم والقائد العام للقوات المسلحة للدولالاسلامية التي ضمت الشعوب المختلفة لاهم حضارة فتية، وقد دُجنت الحضارات ضمن الوجود الاسلاميالوليد وانتشاره، من خلال السياسة والثقافة والجانب العسكري .

ان الدورالاستراتيجي للإمام المجتبى في ادارة الدولة وترويض الازمات، سار بنحوين: الاول هو انه كان وزيراومساندا لأبيه الامام علي في المساهمة او بمعالجة ازمات الحروب العديدة فقد التحق بجيش عقبة بن نافعبأفريقيا، كما ذكر ابن خلدون، مع عبد الله بن عباس والحارث بن الحكم بن أبي العاص وعبد الله بن جعفر بنأبي طالب والحسن والحُسين، وفتحوها سنة 26 هـ أو 27 هـ. كما شهد فتح طبرستان تحت قيادة سعيد بنالعاص وشارك بمعركتي الجمل وصفين .

اما الجانب الاخر فهو الذي اختص باستيعاب وتذويب الازمات، وهي التي برزت في مرحلة استلامه الحكماثر استشهاد والده، فقد اعد للحرب وفاوض ورسم الطريق لثورة الامام الحسين، وهذا يعني ايضا مساران فيحياة هذه الشخصية المقاتلة والمحاورة والمفاوضة، المسار الاول هو فهم طبيعة الارض والمجتمع والعدو،والثاني هو فهم تداعيات المرحلة الخطرة والاعداد للمستقبل، بإخراج ثورة الامام الحسين بوصفها وجودامستقلا يغطي المرحلة من زاوية الظرف الاجتماعي والنفسي والسياسي ويتوافق مع السنن الالهية، وقد جمعبين فهم الحتمية الالهية والتاريخية لشهادة الحسين (ع) والمروية عن جده المصطفى، وبين الاعداد الواقعيالتطبيقي والراهني لتلك الثورة، كما انه (ع) تلافى سيناريو القتل الجماعي له وللإمام الحسين معا واهلبيتهم، ويمكننا تخيل ان الطف وقعت بمشاركة الحسن والحسين (ع) مما يعني مقتلهما واهل بيتهما بوقتواحد، وهنا ستختلف المعادلة من الناحية التاريخية و الاستراتيجية والمستقبلية وهي التي توجب لها انتتألف من:

1. التمهيد والاعداد للثورة وقد اسس ذلك الامام الحسن (ع) .

2. التضحية من اجل طلب الاصلاح (وقام بتنفيذه ببسالة الامام الحسين(ع) واهل بيته) .

3. تعرية الباطل واختبار الامة وكشف المخططات الخارجية والداخلية بالإضافة الى الاعلام ونشر مبادئ ذلكالفعل النقي (وهو جهد المراة الباسلة، التي الجمت الطاغية و التي جرجرت القلوب لضفة ال محمد، وخبأت التاريخ في اكمامها (السيدة زينب ابنة علي والامام السجاد (عليهما السلام) . وهذه التضحية وتلك الادوار منعت الوقوع في فخ ال امية (معولالشيطان) و معاوية وبطانته التي ارادت قلب الحقائق وتخريب الامة وزرع الفتن واستخدام السفسطةوالجانب النسبي وتحويل الامة من المنهج السماوي الى الملكي طبقا لما يطبقه الروم . 

ان خارطة المعادلة اعلاه تمثلت بفعل الامام الحسن والحسين (عليهما السلام) بتعرية المنهج البركماتيالسفسطائي النسبي الاموي، وتوضيح الجهة التي هي احق بتولي الحضارة الوليدة ثم المرحلة الثانيةبرزت معادلة التضحية التي غيرت ومازالت تغير وجه التاريخ اليوم ومن ثم الجانب الثالث وهو الرساليوالاعلامي للسيدة الطاهرة زينب بنت علي (ع) والامام السجاد (ع) .

لقد كان الفهم الاستراتيجي للأمام الحسن يشير الى الهدف والغاية بوضوح والى المنهج والرؤية الشاملة للوضع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والعسكري، والى متابعة قوة الادوات التي يستخدمها (الافراد).

***

ا. د. رحيم محمد الساعدي

في المثقف اليوم