قضايا
آية محي الدين: عمالة الأطفال في السينما المصرية

لقد أثار حادث فتيات المنوفية أو كما اطلق عيلهم المجتمع المصري "فتيات العنب " الكثير من الجدل واعاد فتح ملفات عمالة الأطفال مرة أخري، لكن يجب علينا في بداية الأمر التفرقة بين عمالة الأطفال جبراٌ وطواعية....
عمالة الأطفال ليس موضوع جديد في مصر أو العالم العربي، لكن مع التطور الزمنى والاهتمام بحقوق الطفل ووضع قوانين تُجرم عمالة الأطفال وتفرض عقوبات علي من يخالف القانون، فللطفل حقوق يجب أن ينالها في المجتمعات العادلة.
أيضا عملت السينما منذ نشأتها على طرح ملف عمالة الأطفال سواء من خلال الاعمال الدرامية أو الكوميدية لتوضح مدي تأثير العمل على الطفل جسدياً ونفسياً، لكن السينما قدمت جانب واحد من عمالة الأطفال وهو العمل الاجباري حيث يُجبر الطفل في سن صغير علي العمل قسراً دون مراعاة لمشاعره أو قدراته الجسدية على تحمل هذا العمل الشاق وذلك لعدة أسباب منها ظاهرة أطفال الشوارع أو التسول أو خطف الأطفال تلك بعض الظواهر الاجتماعية التي تعد سبب في عمالة الاطفال جبراً.
لكن عمالة الأطفال طواعية هي رغبة من الطفل بكامل أرادته على العمل ومساعدة والدية على تحمل أعباء الحياة في سن صغير، هذا الأمر ينطبق علي ملف " فتيات العنب " ذلك الامر الذي كان محل جدال في المجتمع المصري ما بين قبول ورفض عمل الاطفال. والسؤال الآن ما الذي دفع هؤلاء الأطفال للعمل طواعية ؟
والحقيقة ان هؤلاء الفتيات وأيضا السائق الشاب الذي يعمل من أجل أعالة أسرته، كل هؤلاء الضحايا يريدون العمل لمساعدة أسرهم التي تعاني من الفقر وعدم القدرة علي توفير اساسيات الحياة لأطفالهم.
والحقيقة ان الامر ليس مرتبط بحقوق الطفل أو سن قوانين لعمالة الأطفال بل نحن نحتاج الى توفير حياة لهؤلاء الأطفال بداية من المأكل والملبس والتعليم المجاني الذي لم يعد مجاني فأصبح هذا التعليم بالنسبة لتلك الأسر البسيطة يفوق قدراتهم المادية.
حادث فتيات العنب ليس الأول ولن يكون الأخير ما لم ينعم الطفل المصري أو العائلة المصرية بحياة عادلة وليس شقاء. لو استطاع اباء هؤلاء الأطفال واكفاء الاحتياجات الأسرية لما اضطر الأطفال الى العمل للمساعدة سواء طواعية أو قسراً...
لذلك عملت السينما على عكس الواقع الاجتماعي فيما يخص عمالة الأطفال من خلال طرح العديد من الاعمال الفنية ومحاولة توضيح الجوانب والمشكلات التي تؤدي الى ظاهرة عمالة الاطفال مع طرح العديد من التساؤلات في هذ الاعمال وأيضا تقديم الإجابات بما تتوافق مع البيئة والفترة الزمنية التي تؤدي لعمالة الأطفال؟
من الاعمال الفنية التي ناقشت قضية عمالة الأطفال فيلم الغابة (2008) حيث تدور أحداثه حول مجموعة من أطفال الشوارع تجمعهم ظروف حياتهم السيئة وتتنوع طرق حصولهم على المال، من قبيل التسول والعمل في الدعارة والمخدرات، ويرصد الدوافع التي أودت بهم إلى سلوكياتهم وتأثير ذلك في المستقبل اجتماعياً او نفسياً فلا يوجد طفل يتعرض لكل هذا العنف ليصبح سوياً عندما يبلغ مرحلة النضج.
أيضا العمل الفني جلد حي (2010) الذي اهتم بمناقشة عمالة الاطفال في أطار محدد، فهو فيلم وثائقي مدته 56 دقيقة يناقش خطورة العمل في المدابغ على الأطفال وسط أجواء من المواد السامة، والأسباب التي دفعتهم إلى امتهان هذا العمل الشاق. الذي لا يتناسب مع هذا العمر الصغير والجسد الهزيل.....
لا شك أن السينما المصرية لعبت دوراً هاماً في نقل واقع المجتمع والمشاكل التي يعاني منها الأطفال والكبار وقدمت العديد من الاعمال التي تهتم بمشكلة عمالة الأطفال وأطفال الشوارع والتسول وقتل الأطفال. لكن الواقع يحتاج الى معالجة حقيقية وجذرية للأسباب التي تؤدي لعمالة الأطفال مثل البطالة وغلاء الأسعار، الفروق الطبقية التي أصبحت من سلبيات المجتمع المصري حالياً والعديد من الأسباب الأخرى.
***
آية محي الدين - مصر