قراءات نقدية

الموت في قصة "نورس بلون الشمس"

نبيل جميل ثمة دائماً نقطة انطلاق وفي أيّ عمل فني، وهو تقليد راسخ وأمر وطيد، من اجل الارتقاء بالعمل الى مستوى السّموّ بمصاف الأعمال القرينة له، نقطة الانطلاق والتي هي نواة البناء ستحدد الموقف، الأساس في الفهم العام، الموضوعي، الواقعي أو المتخيّل، المعرفة بأيّ فن عامة، ولأننا بصدد قراءة قصة قصيرة، فسوف نتحدث عن سرد، فالأسلوب الذي اتبعه القاص في صياغة الجمل، وتركيب الأحداث، هي من الخواص التي تميّز كل كاتب عن غيره، اذ لا يوجد متشابه بين كل الكتّاب في العالم، وكذلك الموضوع، فلكل أديب زاوية خاصة به يرقب منها ويعالج، وفق تقنيات ذهنية معمّقة، بتجربة وخبرة، وإلّا كيف يمكنه الغوص والكتابة في أيّ موضوع، دون المام عام به، وايجاد طرق معالجة موفقة، وكل هذا يصب في النهاية لصالح العمل الفني الناجح (الموهبة / اللغة / الفكرة / الاسلوب / المخيلة ..) كل هذه مجتمعة تنتج لنا اديباً يتقن عمله ولا يكون عالة على القارئ، الالتزام سند يعرف الأديب كيف ومتى يستخدمه .

بعد نيسان (2003) انتشرت الأسلحة النارية، وعمّ السّلب والنهب كل مرافق الحياة، لم تسلم حتى الأخلاق! فقد تغيرت وفق مفهوم الطيش والبطش، الاجتياح الأجنبي دمّر البنى التحتية، مجازر هنا وهناك، تصفيات سياسية وعشائرية، ثارات واغتيالات بالجملة، فأصبح مُطلقي العيارات النارية يحملون تسميات عدة، واشتهر القضاء بجملته المعتادة (مصادر مجهولة) .

في قصة (نورس بلون الشمس) للقاص عبد الرزاق السويراوي والمنشورة ضمن عدد مجلة الاقلام (2/ نيسان / حزيران 2015)، نكتشف من خلالها ثمة تصاعد في حمّى الحدث، وكشف عن الذين يريدون ايقاف عجلة الناس الأنقياء الأبرياء، والمنعم الله عليهم بالبحث عن عيش بسيط وهادئ، بعد ان كانوا يعانون من ظلم وقسوة نظام حزب البعث، اغلب العراقيين تخيلوا ان التغيير سوف يجعل البلد اجمل وأروع ويعم السلام والبناء، لكن هذا التصور لم يتحقق، وظل حبيس حوار النفس مع الطبيعة والذات الإلاهية، فضاعت كل مظاهر الفرح، وخيّم غراب الموت، منذ عام (2003) والى هذه اللحظة على جوّ بلدنا العراق . هل هو البحث عن (زمن مفقود) أم هو الحكم بالمطاردة والتخفي ؟ اسئلة داهمتني وأنا اقرأ قصة (نورس بلون الشمس)، وعن فحوى الرسالة التي اراد ان يوصلها القاص الى المتلقي، كما هو معروف فإن افلاطون يرى بأنّ الفن هو محاكاة للحقيقة المعيشية، بمعنى عدم محاكاة الفكرة المجردة وانما الظاهرة، وهذا ما عمل عليه القاص، حيث اجبر المتلقي على ايقاظ ما بداخله من واقعية تراكمية، حدث مدفون في الذاكرة أو ربما مرّ به ذات يوم، لكن هل ينتهي دور القاص في الايقاظ وانهاء الحكاية؟ أم ان لهُ هدفاً معيناً ؟ هل القصة مجرد مضمون وتعدد دلالات ؟ وشكل جاهز فَرض عليه القاص موضوعه ؟ اسئلة لابد من التوقف عندها وهي التي تهم القارئ (المتابع / الواعي)، تأكيداً، فالقارئ الغبي لاوجود له بيننا، وهنا يأتي دور القاص المتمرس، الواعي، صاحب الموقف، الذي يستطيع ان يقدم عمله الفني ببراعة، تاركاً في اذهاننا اثراً مدويّاً، فالقصة ليس ايقاد فكرة ما، يتمكن القاص من الوصول الى حل لغزها، أو ترك نهايتها مفتوحة، فهناك العشرات من القصص تتناول نفس الموضوع وللعديد من الكتّاب، لكن من يبدع في تقديمها بشكل ومضمون مميز يستحق وبجدارة ان نطلق عليه قاص مبدع، خاصة اذا ما اهتم بالجانب الانساني، النفسي، الهاجس، الحس، الاشباع، الرغبة في الاستمرار لمعرفة النهاية، الموقف، سحب القارئ دون اعطائه فرصة لرفع عينيه من الورقة، الشد، بالإصرار على مواصلة الدرب، من يصل قبل الآخر القاص أم القارئ ؟ (الخبّاز) أم (الرصاصة)، طائر (النورس) أم (بزوغ قرص الشمس)، ثنائية جميلة وليس مكررة بملل، ترسبات تجارب، ذكريات وأحلام، تداعي، استخراج ما في النفس من احداث، بدفق سردي دقيق، بعيداً عن الغموض، رسم شخصية (الخبّاز/ البطل) وكيفية حصوله على المخبز، بعد ان كان عاملاً فيه : (كان المخبز يعود لرجل ظل يديره لفترة، بمعونة ولديه اللذين ازدردهما وعلى التعاقب فم تنين، لحربين متعاقبتين، فلم يتحمل الرجل هاتين الصدمتين، بحيث داهمته الشيخوخة، قبل اوانها ليجد نفسه في النهاية، عاجزاً عن الاستمرار في العمل، ما اضطره وضعه الصحي المتعب، على بيع المخبز له .. انت أولى بالمخبز من أيّ شخص آخر لأنك طالما تعبت معنا فيه ..(، لكن الرجل لا يعلم بأن فم التنين ما يزال مفتوحاً وازدرد العامل الوفي ايضاً، (التنين / الموت)، (الأمل / الأمنية)، الأمنية تحققت لكنها الآن اضحت ضريحاً غارقاً في نهر دجلة : (يتواصل اندفاع الرصاص، الرؤية لديه تشوشت حتى انه أمسى غير متأكد من انه اصيب برصاصة في كتفه الأيسر، أم لا ؟؟ وكل الذي شعر به الآن هو ان حركة يديه ورجليه تباطأت، وان جسده بات يستسلم للأمواج وهي تحتضنه، بل تشده لتسحبه نحو قاع مجهول، تاركة بعض بقع دائرية حمراء لا حصر لها)(.

الموت في قصة (نورس بلون الشمس) هو ليس موتاً عادياً، مبتذلاً كأيّ موت نمر به اثناء القراءة لبعض القصص والروايات، الموت هنا مصحوب بهالة من الاصرار الذي لا يخلو من دهشة، اذ ربما يتساءل قارئ ما : " ترى لماذا لم يعد الخبّاز ادراجه لحين انتهاء عملية اطلاق النار ؟" تساؤل تشوبه عاطفة قارئ عادي، وأنا متأكد كوني كاتب قصة بأن (السويراوي) قد فكر بهذا الأمر، لا اقصد ما تساءل به القارئ، بل ما سوف يفكر به مثل هؤلاء القرّاء، انها لحظة التخيّل، الاشراك وعلى كافة المستويات من القراءة، القاص لاعب ماهر والقارئ ساحة مفتوحة من المشاعر، انها ليست عملية نجاة من الموت بل عملية استمرار في اتخاذ قرار، رغم ما مرّ به (البطل / الخبّاز) طوال سنيّ حياته، حروب، حصار، غلاء معيشة، دمار البنى التحتية، العوز الدائم لمظاهر العيش، انها حقائق تصل بنا لأعماق ذواتنا، تخبرنا بأن الأحداث هي من تتحكم فينا، واحياناً تنوب عنّا في رسم المصائر، مهما حدنا عنها، لكن الحياد لا يكفي للخلاص من المجهول .

خاتمة

(على مسافة غير بعيدة، ثمة اسراب لنوارس أخرى، راحت تحلّق عقب توقف اطلاق الرصاص وارتفاع قرص الشمس من الأفق الشرقي، وطفقت حركة المارة والسيارات تمارس ضجيجها اليومي)، ان هذا (المقطع / النهاية) يعطينا انطباعاً بالاستمرار، بريق أمل، درب حرية، طوق نجاة، بشرى وفرح.. لكن تبقى المخاطر تتحين الفرصة المناسبة للخروج، أماكن مغيّبة وبؤر معبّأة، هنا أو هناك، صور وافية عمّا جرى ويجري، كاميرا القاص هي من اعطت الوصف للمكان والزمان، وغاصت في الأعماق.. ذهنية الخبّاز، هواجس النورس، مطلقي الرصاص المجهولين، ولأنهم مجهولون فلم يحدد القاص تسميتهم، لذا فضّل ترك ذلك للقارئ فهو من يختار، اذ تعددت الأسماء والجرم واحد . ليظلّ حلم البحث عن برّ الأمان هو الهاجس المهيمن، والمهمة الشاقة، المليئة بالعقبات، حلم يراود كل انسان عراقي، تحولت حياته الى عملية هي اشبه بتقطيع سينمائي، ولا يدري في ايّة لحظة يتم فيها (قطع / حذف) (المشهد / الدور) الذي يظهر به .

 

نبيل جميل

..........................

القصة

نورسٌ بِلونِ الشمْسِ

عبدالرزاق السويراوي

لسنواتٍ عديدة، تعوّد النهوض مبكّراً مع أوّل ترنيمةٍ لأذان الفجر، تصْدحُ بها مئذنة المسجد القريب من بيته، بعدها، ببضعُ دقائق، وريثما يسْتبدل ملابسه، ينسلّ بجسده الناحل في فضاءات أزقّة محلته الغارقة في الظلمة، إلاّ من بعض مصابيح متناثرة، هنا وهناك، فيبدو شحوب ضوؤها، ناعساً، يحاكي نعاسَ عينيه، ما يضطرّهُ بين الوهلة والأخرى، لتمريرِ أطراف أنامله عليهما. شارف على الوصول الى نهاية الزقاق الأخير، والذي يتصالب عند أحد طرفيه مع الشارع الرئيسي الممتد بموازاة نهر دجلة. ينعطف في سيره، يساراً، حيث الجسر الذي يتحتّمُ عليه عبوره، كما دأبَ على ذلك، في رحلته اليومية فجر كل يوم، ليصل أخيراً الى مخبزه الكائن في الضفة الأخرى. كان يحرص كثيراً، على الوصول الى مخبزه، قدر الإمكان، قبيل شروق الشمس .

في السابق، كان جلّ اهتمامه، هو امتلاكه لنفس المخبز، بدلاً من العمل فيه بأجرٍ يومي مثلما عليه الحال، أيّام كان المخبز، يعود لرجلٍ ظلّ يديره لفترة، بمعونة ولديه الذين ازدردهما، وعلى التعاقب، فمُ تنّينِ، لِحرْبينِ متعاقبتين، فلم يتحمّل الرجل هاتين الصدمتين بحيث داهمته الشيخوخة قبل أوانها ليجد نفسه في النهاية، عاجزاً عن الاستمرار في العمل، مما اضطره وضعه الصحي المتعب، على بيع المخبز له... أنت أولى ببيع المخبز لك من أيّ شخص آخر، لأنك طالما تعبتَ معنا فيه... هكذا برّر الرجل، فإبتاع المخبز منه، منذ ذلك اليوم .

الشارع الرئيسي، ما زال خالياً من المارة، في مثل هذا الوقت، ومن السيارات أيضاً. لم يبقَ بينه وبين مقترب الجسر، سوى أمتار قليلة. شعر بمداعبة النسمات الربيعية لوجهَه بحنوّ فاستجاب لها جسدُهُ، إذْ تحرّرَ من بعض خمولِ ليلةٍ أرِقَ فيها كثيراً ولم ينلْ كفايته من النوم. واصلَ سيرَه. مصابيحُ أعمدة الإنارة، رغم خفوت ضوؤها النسبي، بدّدَتْ مساحات ممّا تبقّى من ظلمة الفجر الذي ما زال يفرش رداءه على معظم الموجودات. تنبّهَ لظلّه وهو يتعملق تدريجياً من أمامه، كلّما ابتعد حثيثاً عن عمود الكهرباء، ليتلاشى تماماً أو يكاد، وحين يقترب من عمود مصباح جديد، يعاود ظلُّهُ الالتصاق على أسفلت الشارع ولكن هذه المرة من خلفه.. تتكرّرُ عملية انعكاس ظلّه، من الأمام ومن الخلف، على التناوب، كلّما ابتعد، أو اقترب، من عمود كهربائي يحمل مصباحاً في أعلاه. في لحظة مباغتة، انطلقت رشقةُ رصاصٍ من الزوايا المشبّعة بالعتمة من الضفة الأخرى للنهر، مزّقتْ السكون المطبق فسمعَ موجَ النهر، يردّدُ صداها بوضوح، أعقبتها رشقةٌ أخرى، كأنها جاءتْ لتتناغم مع الرشقة الأولى، غير أنها انطلقت هذه المرة، من على يمينه، حيث تتوزع الكثير من البيوت. ارتبك فورَ سماعه لعلعة الرصاص، فشعر بقدميه يتسمّران فوق الشارع، لكن تزايد كثافة إطلاق الرصاص، ومن الجهتين، أعانَ قدميه على أنْ فكّ عقدة الارتباك منهما ليركض مسرعاً باتجاه مقترب الجسر، إذْ خمّنَ في لحظة وامضة، لم تأخذْ من تفكيره، عُشْرَ عشرٍ من أجزاء الثانية، فرأى أنْ لا خيار له للرجوع من حيث أتى، وينبغي عليه مضاعفة سرعة ركضه نحو مقترب الجسر، علّه يوفّر له ملاذاَ أكثر أماناً ليختبئ خلفه. وصل المقترب وهو يلهث بشدة، فيما نظراته القلقة تمسح كلَّ الاتجاهات دون التركيز على نقطة بعينها. حدّةُ الرصاص وكثافته آخذة بالازدياد ومن وجهتين متقابلتين. داهمه رعبٌ شديدٌ، خصوصاً حين أبصر لونَ الرصاص الجمري، فتخيّله مثل رزمٍ مبعثرة لعشرات من السجائر التي أُشْعلتْ في وقت واحد لتطرّزَ بحمرتها، ظلمةَ كلِّ الفجوات التي تمر بها، بعضها يصل مداها الى البيوت البعيدة نسبيا، فيصطدم بجدرانها ليرتد متقهقراً. خياراتٌ بعينها، باتتْ الآن تتقافز كفقاعاتٍ، أمام ذهنه الذي أوشك أنْ يفقد قدرته على التركيز، وأيقنَ بعبثيّة المكوث أطول حيث يختبئ الآن لصق الجدار الحديدي لمقترب الجسر، فثمة رصاصة، وربما أكثر، أصابتْ هذا الجدار. وبالرغم من تشوّش ذهنه، رجّحَ خيارَ القفز في ماء النهر... ولِمَ لا؟ وأنا الذي شهدَ لي كلّ أهل محلّتي، ببراعتي في السباحة منذ صباي.. فأنا ابن الماء، ابن دجلة!...

وهو يرمي بجسده في النهر، حسم أمر الإسراع بالسباحة والوصول الى الدعامة الكونكريتية الأولى للجسر، وليس أكثر من مرور دقائق، إنْ هو ضاعف جهده في السباحة، فسوف يصلها حتماً في الوقت المناسب. هكذا قدّر المسافة التي تفصله عن الدعامة الكونكريتية الاولى للجسر. أحسَّ ببرودة الماء تسري في جسده، فأكسبته نوعاً من اللذّةٍ لم يشعر بمثلها من قبل، لكنها كانت لذّة ممتزجة بالخوف، فالرصاص ما أنفكَّ يعاود الترتيلَ. اندفع بعزم أشد للوصول الى الجهة الشمالية من الدعامة الأولى. اقترب منها أكثر. تخيّلها مثل جبلٍ أسطوري وهي تجثم بجبروت فوق صدر النهر. كان يعوّل على وصوله الى الجهة الشمالية من الدعامة الأولى للجسر، بأنها ستجعله بمنأى عن وجهتي الرصاص النازف من الجهتين. رشقات جديدة أصاب بعضُها جزءاً من هيكل الدعامة، فأصابه القنوطُ، غير أنّ هاجساً لأملٍ في النجاة، دغدغ خيالَه، حين لمحَ انحساراً تدريجياً لخيوط ظلمة الفجر... لعلّهم، سيلوذون بالفرار حين يبزغ قرص الشمس، فالأفق الشرقي، أخذ يتسربل حثيثاً بجلبابِ حمرةِ خيوط الشمس التي أوشك قرصُها على أنْ يعتقَ نفسَه من قبضة سجن ظلام الليل.

وهو يسرع نحو الدعامة، حانتْ منه التفاتة، فأبصرَ الأمواجَ ترسم دوائرَ تتوالد من نقطة جسده الغاطس في الماء، فكانت تتّسع شيئاً فشيئاً كلما ابتعدت عنه، لتتلاشى، ومن ثمّ تتوالد أخرى غيرها من جديد، في حركة تراتبية بطيئة نوعاً ما. وصل الدعامة، لكن الرصاص هو الآخر، بات يصلها أكثر من ذي قبل، فلم يتمكن بعد، من العبور الى جهتها الشمالية. أيقن بتأزم الوضع وأنّ الخيارات أمامه، وصلتْ حدود الّلا خيار، أو أنها باتتْ متساوية في درجة انعدام جدوى أيّ خيار.. من بعيد، شاهد أوّل نورس وفدَ من الجهة الجنوبية.... قد يكون هو الآخر، تورّط مثلي، إذْ جازف بالتحليق.. لاحظ اصطباغ جناحيه البيضاويين بحمرة شمس الصباح، فأضفتْ على بياضهما نصوعاً أخّاذاً. لكنه ما زال بعيداً عنه بعض الشيء، فلربما توهّم في تقدير المسافة التي تفصل بينهما.

يتواصل اندفاع الرصاص. الرؤية لديه تشوّشتْ حتى أنّه أمسى غير متأكد من أنّه أصِيبَ برصاصة في كتفه الأيسر، أمْ لا؟ وكل الذي يشعر به الآن، هو أنّ حركة يديه ورجليه، تباطأت، وأنّ جسده بات يستسلم للأمواج وهي تحتضنه، بل تشده لتسحبه نحو قاع مجهولٍ، تاركة بعضَ بقعٍ دائرية حمراء، لا حصر لها، وثمة نورس، يترنح في طيرانه أوشك أنْ يسقط قريباً من مركز دوائر الأمواج الحمراء التي ابتلعته بالكامل، لكن النورس تمكّنَ بحركة ارتدادية، من استعادة توازنه فيواصل طيرانه ماراً بالقرب من الدعامة الأولى ومن ثم ليجتاز الجسر من الأسفل.

على مسافة غير بعيدة، ثمة اسراب لنوارس أخرى، راحتْ تحلّق عقب توقف إطلاق الرصاص وارتفاع قرص الشمس من الأفق الشرقي. وطفقتْ حركةُ المارة والسيارات تمارس ضجيجَها اليومي.

 

 

في المثقف اليوم