قراءات نقدية

محمد الأحبابي: التكرار في الشعر العراقي الحديث، شعراء السبعينيات.. دراسة أسلوبية (3)

محمد الاحبابيتكرار العبارة:

ونقصد بـه (تكرار جزء من جملة أو شبه جملة) أي أن يكرر الشاعر جزءًا من جملةٍ تكرارًا فنيًا موحيًا، بحيث يترك هذا النوع من التكرار صداه وأثره النفسي والجمالي الجذاب أكثر من تكرار الكلمة ذاتها، والجدير بالذكر أن هذا التكرار يتخذ عند شعراء الحداثة أشكالاً متعددة:(كالتكرار الاستهلالي، والتكرار اللزومي، والتكرار الختامي) (1)، لأن الشاعر، في هذا النوع من التكرار، يترك الجزء الآخر المتمم للجملة مفتوحاً ومتغيراً على الدوام، ومن المعروف ان التكرار لا يقتصر على حرف أو مفردة، إنما يمتد إلى تكرار عبارة معينة في القصيدة، وربما تكون هذه العبارة هي المرتكز الأساس الذي يقوم عليه البناء الدلالي للنص فضلا عن المهمة النغمية التي يؤديها التكرار، وهذا النوع من الصور الشائعة في الشعر العراقي ولكنه أقل من تكرار الكلمة.

ويظهر تكرار العبارة في النّص الشّعري إذا تردّدت الجملة الواحدة في أكثر من سطر شعري، وبتكرار العبارة يستمتع البصر بالإيقاع وبالزخرفة الصوتية الناتجة عن التكرار وبه يُطرب السّمع فضلاً عن دوره الوظيفي المتمثل في إضاءة اللفظة أو العبارة المقرونة به، والمتغيرة في كل مرة، (فالشاعر قديماً كان يتخذ من العبارة المكررة في الشطر الواحد من البيت مرتكزا لإضافة معنى جديد يدعم به فكرته الأساسية، على حين أن الشاعر الحديث يكرر العبارة في صدر البيت أحيانًا، لينطلق منها إلى تتبع جوانب المعنى الواحد واستقصاء مظاهر التعدد كما يراها بعين خياله) (2) .

فالتكرار يعمل على تحقيق (فكرة الانتشار التي تعمل على استغلال المكان وتضفي على الفضاء أشكالاً هندسية كالتوازي والتعامد والتناظر والامتداد والتماثل والتوازن) (3) ، يُعدُّ تكرار العبارة تكرارًا قائمًا على الشكل الخارجي للنّص الشعري، إذ يقوم الشاعر بتكرار كلمة أو عبارة، تخضع لنوع من الهندسة اللّفظية الدقيقة، ويهدف من ورائها إلى توجّيه القصيدة في اتجاه معيّن أو لتأكيد موقف ما، و(لأنّ العبارة المكرّرة تؤدي إلى رفع مستوى الشعور في القصيدة إلى درجة غير عادية، تغني الشاعر عن الإفصاح المباشر، وتصل القارئ بمدى كثافة الذّروة العاطفية عنده) (4) .

ويحتاج تكرار الترکيب إلى مهارة ودقّة بحيث يعرف الشاعر أين يضعه، فيكون في مكانه اللائق، وأن تلمسه يد الشاعر تلك اللمسة السحرية التي تبعث الحياة في الكلمات؛ لأنّه يمتلك طبيعة خادعة، فهو بسهولته وقدرته على ملء البيت، وإحداث موسيقى ظاهرية، يستطيع أن يضلل الشاعر ويوقعه في مزلق تعبيريّ، يعدّ تكرار الكلمة في النصّ، وتكرار الجملة في السياق ذا أثر عظيم في توافر الجانب الموسيقيّ، ولهذا التكرار من القيمة السمعيّة ما هو أكبر ممّا هو لتكرار الحرف الواحد في الكلمة أو في الكلام(5) ، وربما تكون العبارة هي المرتكز الأساس الذي يقوم عليه البناء الدلالي للنص فضلًا عن المهمة النغمية التي يؤديها التكرار وهذا النوع نجده حاضرًا في قصائد كثيرة .

ونلحظ ذلك في قصيدة يحيى السماوي (أخرجوا من وطني) يقول:(6)

فاخرجوا من وطني المذبوحِ شعباً

وبساتينَ

وأنهاراً وطينْ

وأتركونا بسلامٍ آمنينْ

نحن لا نستبدلُ الخنزيرَ بالذئبِ

ولا الطاعونَ بالسلِّ

وموتاً بالجذامْ

فاخرجوا من وطني ...

خوذة المحتلِّ لا يمكن أن تصبح عشاً للحمامْ

فاخرجوا من وطني ...

والدم المسفوحُ لن يصبحَ أزهارَ خزامْ

فاخرجوا من وطني....

يكرر الشاعر جملة (اخرجوا من وطني) في القصيدة ثمان مرات، وهذا التكرار لا يأتي في أسطر متوالية، إنما يأتي متباعداً في شكل منسق لتمثل الجملة المتكررة نقطة مركزية الدلالة، وهذه الجملة تعتبر من مفاتيح القصيدة، فإنّ السماوي عَمِدَ إلى تكرارها ؛ ليركز المعنى المتصل بعنوان القصيدة في ذهن المتلقي، كما جاء تكرار هذه العبارة منسجمًا مع الجو النفسي للشاعر أثناء حزنه على وطنه، وهذا التكرار يُشَكِّل ظاهرة واضحة لدى الشاعر (7) ، وإن أهم ما يلفت النظر في شعر السماوي محاكاة الشاعر للأساليب القرآنية، حيث تَفَنَّنَ الشاعر في اقتباس اللفظة الواحدة أو اللفظتين بالدلالة القرآنية نفسها، كما في قوله (بسلامٍ آمنينْ ) والتي اقتبسها من الآية القرآنية ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ٤٦﴾ (سورة الحجر، آية 46) فتكون في النص بارزة بشكل واضح يكسب السياق جمالاً فنياً .

ويقول يحيى السماوي في مقطع آخر: (8)

كفاكِ هذا العارْ

كفاكِ هذا العارْ

يا أمَّةَ الله انهضي ..

كفاك هذا العارْ

من قبل أن يُطبقُ ليلُ القهرِ بالدُجى

على بقية النهارْ

يخاطب الشاعر الأمة العربية بتكرار جملة (كفاك هذا العار) في عدة مواضع، فهو يرفض الاحتلال المخادع الذي ابتلع فلسطين والجولان والآن يبتلع العراق، حيث يستدعي الآية القرآنية ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ١١٠﴾ (سورة آل عمران، آية 110) ويستعجل الشاعر التمرد والثورة على المحتل قبل أن يطبق ليل القهر والظلام على كل الوطن، وتكمن الدّوافع النّفسية لهذا النّوع من التكرار في تحقيق النّغميّة وتكثيف المعنى (لأنّ للتكرار المقطعي خفّة وجمالاً لا يخفيان ولا يغفل أثرهما في النّفس، حيث إنّ الفقرات الإيقاعية المتناسقة، تشيع في القصيدة لمسات عاطفية وجدانية يفرغها إيقاع المفردات المكرّرة بشكل تصحبه الدّهشة والمفاجأة) (9) وينبع نجاحه من قدرته على إيقاف معنى، وملاءمته لاستئناف معنى جديد، والجدير بالذكر ان هناك المزيد من الشواهد لتكرار العبارة عند يحيى السماوي. (10)

جمال التكرار:

إنّ للتكرار خصوصية جمالية تضفي علی القصائد الحداثية إيقاعًا تكامليًا تفاعليًا يسهم في تحقيق النغم الموسيقي الذي غاب عنها، ولكونه العنصر الأساس في تماسك القصيدة وتفاعلها إيقاعياً فلابد أن يكون أساسًا في إغنائها ويتغلغل بدواخلها النفسية والدلالية (11) ، وقد يتجاوز التكرار الوظيفة التأكيدية التقريرية ليصبح تقنية جمالية ودلالية تختلف درجتها وطريقتها من شاعر لآخر (12) ، فالشاعر المعاصر حاول قدر المستطاع تجاوز الحدود التقليدية للوزن والقافية، متجها نحو التكرار وسيلة ورافدًا من روافد التعزيز لرفع صدى المستوى الموسيقي وفي الوقت نفسه باعثاً من بواعث الإثارة والشدّ نحو القضية التي آمن بها الشاعر، فالإيقاع الصوتي الذي يصنعه تكرار جرس الحروف والكلمات، يُعدّ باعثاً من بواعث إظهار القيمة الفكرية والنفسية التي يعبر عنهما من جراء العناية بتكرار لفظة معينة أو مقطع معين (13) .

ولأن( التكرار من أكثر الأدوات البلاغية استخدامًا في الخطاب العربي و ذلك لما له من تأثير على مشاعر المتلقي العربي الذي يتذوق المعنى و يتفاعل مع المرسل من خلال الأساليب التي استخدمها في الخطاب والتواصل معه و قدرته على استخدامها) (14) .

والتكرار ليس ضرورة بنائية وحسب، يأتي بها الشاعر للانبهار اللغويّ، وإنما هو بنيةٌ نصيّةٌ تُلقي بأشعتها اللافتة ظلالاً على المواقف الدلالية التي توزع شبكة خيوطها حول الكلمات المكررة، ولهذا أفاض شعراء مرحلة السبعينيات في استخدام التكرار تعبيراً عن فيض أحاسيسهم وكشفاً عن رُؤاهم الفكرية (15) .

فالتكرار يشد النص ويفضي إلى تلاحم بنيانه، وتفعيل موسيقاه، وترشيد استهلاك المتلقي في فهم الغرض، أو الفكرة التي من خلالها يسترعي انتباه من يهمه الأمر الذي لا يحتمل التأخير، ودافع من دوافع الشدّ الآني للموقف، لأنه على الفور سيتصور موقف الشاعر وحالته الوجدانية ومدياته الشعورية التي لجأ إلى التكرار كوسيلة للبوح بها واستنهاض مكامن القراءة الواعية، فضلاً عما ينتجه من فضاءات دلالية في النص(16) ، إذ يتميز التكرار في الشعر الحديث عن مثيله في الشعر التراثي بكونه يهدف بصورة عامة (إلى اكتشاف المشاعر الدفينة، وإلى الإبانة عن دلالات داخلية فيما يشبه البث الإيحائي، وإن كان التكرار التراثي يهدف إلى إيقاع خطابي متوجه إلى الخارج، فإن التكرار الحديث ينزع إلى إبراز إيقاع ادرامي ) (17) .

ويمكننا القول إن سر نجاح كثير من القصائد الحداثية يعود إلى هذه القيمة الفنية التي أغنت العديد من قصائد الشعراء الجُدد، ونشير هنا إلى بعض مواطن التكرار في شعر الشعراء الحداثيين، من ذلك قصيدة بدر شاكر السباب فقد اعتمد فنيًا ومعنويًا على التكرار في قصيدته الشهيرة (أنشودة المطر) وقد تكررت كلمة مطر بترتيبية معينة تخدم السياق والمعنى وقد تكررت كلمة مطر فيها(26) مرة (18) ، أما قصيدة نازك الملائكة (أنا) فقد تكرر الضمير (أنا) ثلاث عشرة مرة (19) ، وفي قصيدة (البحث عن وردة الصقيع) للشاعر صلاح عبد الصبور، كرر(أبحث عنك) في قصيدته هذه تسع مرات (20) وقد وظف الشاعر نزار قباني التكرار في أغلب قصائده ومن هذه القصائد (قصيدة الحزن) حيث جعل جملة (علمني حبك) مطلعاً لكل مقطع (21) ، أما الشاعر أمل دنقل فقد وظفه في كل مستوياته بدءاً من تكرار الحرف وانتهاء بتكرار الجملة مثل قصيدته (الحداد يليق بقطر الندى) فقد كرر العبارة الافتتاحية (قطرُ الندى) اثنتي عشرة مرة في تضاعيف القصيدة (22) . فالتكـرار رسـالة دلاليـة غـير صـريحة، رسـالة لا تحملهـا الأبيـات مباشـرة ولا تؤديها مفردة بعينها، فهو يقوم بدوره الدلالي عبر التراكم الكمي للكلمة أو للجملة أو للحرف وبالتالي يعمق أثر الصورة في ذهن المتلقي (23) .

فقد أحتلتْ الدراسة الشّعريّة للقصائد آنفة الذكر منزلةً بارزةً في الدّراسات النّقديّة الحديثة، إذ راحتْ تلك الدّراسات تفتّش عن سرّ خلود نصوص إبداعيّة دون سواها، فبحثت في القوانين التّي جعلت من النّصّ الإبداعيّ نصًّا أدبيًّا، ومن أجل ذلك كان لابدّ من سبر أغوار النّصّ، ودراسة ظواهره الفنّيّة لاستنباط القوانين الجماليّة التّي شكّلت شعريته، ومن تلك الظّواهر ظاهرة التّكرار الفنّيّ، إذ يرتبط التكرار بالشعر ارتباطًا وثيقًا، وهو سمة فيه، وبخاصة ما كان منه موزونًا، وما الوزن إلاّ تكرار لتفعيلة ما، يلتبس بها الكلام، وأنه أهم ملمح على الإطلاق للّغة الشعرية في كثير من اللّغات، وقد يكون على مستوى الصوت والتركيب النحوي والكلمة كذلك لذا يُعدُّ التكرار وسيلة من الوسائل المتبعة لتمرير أفكار الشاعر إلى جمهوره واختصارًا للوقت في إظهار الحقائق أو نقلها إلى السامع أو المتلقي. (24)

2- أنماط التكرار:

للتكرار إيقاع تعبيري فريد في بنية القصيدة، التي تقوم على تكرار السمات الشعرية، واستعمالها مرات متعددة في النص بشكل تأنس إليه النفس التي تتوق إلى معرفة ما وراءه من دلالات مثيرة(25) وهذا ما جعل أذهان النقاد تنفتح على بعض الأشكال التكرارية التي يتم استخلاصها من خلال الدراسات التطبيقية على بنية اللغة الشعرية في العصر الحديث(26) وسنحاول من خلال هذا البحث أن نذكر بعضًا من هذه الأنماط المجسدة ضمن شعر شعراء السبعينيات في العراق.

المبحث الأول

التكرار الاستهلالي:

إن الاستهلال الشعري هو أول لَبنَة في بناء القصيدة شكلاً ومضمونًا، ذلك مع الإقرار باستواء العناصر الأخرى للقصيدة، في تحقيق الأثر المطلوب الذي يتوخاه الشاعر، ويسمى كذلك تكرار البداية، حيث يشكل منطلقاً دلاليًا وإيقاعيًا يرتكز عليه الشاعر من خلال توظيفه لفعل أو كلمة أو شبه جملة أو عبارة في بداية النَّص تتكرَّر عبر كافة مراحله بالصيغة نفسها أو بصيغ متشابهة مما يولِّد حالة إيقاعية يستقبلها المتلقِّي لها آثارها ودلالاتها و أبعادها (27) .

وتشترط نازك الملائكة في التكرار الاستهلالي أن یحقّق توافقًا وتناسقًا داخل المقاطع الشعرية فـ( یوحّد القصيدة في اتجاه یقصده الشاعر إلّا إذا كان زیادة لاغرض له) (28) ، تشكل الجملة الاستهلالية مدخلاً للقصيدة، وتحمل ذروتها أو إحدى ذراها الأساسية، وهو (تكرار الكلمة أو العبارة الأولى في أبيات أو جمل متتالية لغرض بلاغي) (29) من هنا جاءت هذه الجمل ذات كثافة إيحائية عالية، وكما يعرّفه الغرفي ( هو نمط تتكرّر فیه اللفظة أو العبارة في بدایة الأسطر الشعرية بشكل متتابع أو غیر متتابع) (30) وحدده الدكتور محمد صابر عبيد: (بالضغط علی حالة لغویة واحدة، وتوكيدها عدّة مرّات بصيغ متشابهة ومختلفة من أجل الوصول إلی وضع شعري معین قائم علی مستویین رئيسين: إيقاعي ودلالي ) (31) ، بعبارة أخری، أنّ التكرار الاستهلالي هو التركيز على كلمة أو جملة من خلال تكرارها عدّة مرات، وعند دراسة التكرار في الشعر العراقي مرحلة السبعينيات نلحظ أن الشعراء يعمدون إلى تكرار مفردة أو جملة معينة في مستهل قصائدهم للإيحاء بأنها قد تشــكل محورًا تعبـــيريًا بارزًا فيها، وينتـــج عن هذا التــكرار بعــدان صوتي ودلالي .

وفي قصيدة (التمييز) التي تتسلط اللغة فيها لتعالج مشكلة الاستبدال عبر استنطاق الأنموذج في النص الشعري بتكرار استهلالي كما في قصيدة يحيى السماوي: (32)

كيف لي أن أميّز

بين سيف " عروة بن الورد " وسيف " هولاكو"

بين " عمامة الحسن البصري " و" قلنسوة تيمور لنك "..

بين " الحرّ الرياحي " و " زياد بن أبيه "

بين لحية مخضبة بالديناميت

وأخرى محناة بدموع النسك

بين البرتقالة والقنبلة

بين " العربي " و " العبري "

بين " سيجار جيفارا " و " مسواك السياف "

بين الخيط الأبيض والأسود .

إن الشاعر يضعنا هنا أمام سلسلة من التكرارات الاستهلالية من خلال أداة الاستفهام (كيف) وقد خرجت أداة الاستفهام إلى معنى مجازي وهو التعجب، وكرر لفظة (بين) ثمان مرات وهو ظرف مكان، يبدو لي أن الشاعر في تساؤلاته المتكررة، يعرف الإجابة بدقة وعمق، من خلال توظيفه لهذه المقاطع المشتركة في الألفاظ والمتناقضة في معانيها، فسيف ابن الورد كان يسله ويستعمله من أجل توفير الطعام للفقراء والمعوزين، ففي هذا الاستعمال تتجلى أبهى معاني المروءة والفروسية العربية، أما سيف هولاكو فيمثل القتل والتدمير والخراب، فالشاعر يعرف كل ذلك وأكثر فهو ليس في حيرة فيما يتساءل عنه، إنما يريد بهذا الأسلوب الإثارة وجلب انتباه المتلقي، وبتكرار حرف العطف(الواو) قد ربط البنية وجعلها أكثر تماسكاً. وكذلك فهو يعرف ماذا تمثل عمامة الحسن البصري، هذا الزاهد والعالم من جيل التابعين، فشتان بين عمامته وما ترمز إليه من التدين والإيمان والزهد والحكمة والعدل، وبين قلنسوة (تيمورلنك) الذي لم يحدثنا التاريخ عن رجل أظلم وأقسى منه، فما فعله بأهل بغداد يفوق التخيل، من حيث البطش والقتل والدمار.

"يتبع"

 

د. محمد الأحبابي

......................

* من البحث الذي حاز به الباحث شهادة الدكتوراه في النقد الحديث .

(1) الإيقاع اللغوي في الشعر العربي الحديث، خلود ترمانيني، ص121.

(2) النظم وبناء الأسلوب في البلاغة العربية، شفيع السّيد، دار غريب للطباعة والنشر، ط1، القاهرة، 2006م، ص 143.

(3) البنية الإيقاعية للقصيدة المعاصرة في الجزائر، عبد الرحمان تيبرماسين، دار الفجر للنشر والتوزيع، الجزائر، ط1، 1998م، ص 227.

(4) التكرير بين المثير والتأثير، عز الدين علي السّيد، ص 298.

(5) انظر، المرجع نفسه: ص 80 .

(6) ديوان (نقوش على جذع نخلة) ، يحيى السماوي، دار التكوين، دمشق، ط2، 2007 م، 7-11.

(7) انظر المزيد في ديوان( قليلك لا كثيرهن) ص،43، 53، 94، وانظر ديوان (أطفئيني بنارك ص 5، 41، 44، 47، 81، 92 .

(8) ديوان( قليلك لا كثيرهن) يحيى السماوي، ص153 .

(9) - الشعر العربي المعاصر (ظواهره وقضاياه الفنية)، عز الدين إسماعيل، دار الفكر العربي، د. ط، 1978م، ص 166.

(10) انظر، ديوان ( قليلك لا كثيرهن) ، ص53، 65، 70، 94، 112 .

(11) انظر، آفاق شعرية، دراسة في شعر يحيى السماوي، عصام شرتح، دار الينابيع، دمشق، (د-ط) ، 2011م، ص157 .

(12) انظر، أساليب التكرار في ديوان (سرحان يشرب القهوة في الكافيتيريا) لمحمود درويش، عبد القادر علي زروقي، جامعة الحاج لخضر، الجزائر، 2012م، ص 18.

(13) انظر، التكرار بين المثير والتأثير، عز الدين علي السيد، ص 84 .

4- مدخل إلى التحليل اللساني للخطاب الشعري، نعمان بوقرة، ص38 .

(15) التكرار في شعر العصر العباسي الأول: خالد فرحان البداينة، أطروحة دكتوراه، جامعة مؤتة، 2006م،.

(16) -انظر، فاعلية التكرار في النص الشعري الرثائي شعر الخنساء أنموذجاً، د عائشة انور عمر، مجلة آداب الفراهيدي، العراق، العدد18، 2014م، ص129 . وانظر الإعجاز التعبيري في سورة الواقعة (التماسك النصي أنموذجاً) د حسين علي هادي، كلية الدراسات القرآنية، جامعة بابل، 2017م، العدد4، 7/ 107.

(17) لغة الشعر، قراءة في الشعر العربي الحديث، رجاء عيد، منشأة المعارف، الإسكندرية، (د-ط) ، 1985م، ص 60 .

(18) الأعمال الشعرية الكاملة، بدر شاكر السياب، ديوان انشودة المطر، 1 /262 - 263.

(19) نازك الملائكة: ديوان عاشقة الليل، دار العودة، بيروت، 1997م، 2 / 114-115.

(20) الأعمال الشعرية الكاملة، صلاح عبد الصبور: ديوان ( شجر الليل) ، دار العودة، بيروت،ط2، 1977م، 3/ 457

(21) الاعمال الشعرية الكاملة، نزار قباني، منشورات نزار قباني،بيروت، لبنان (د-ت) ، 1/701- 707 .

(22) الأعمال الشعرية الكاملة، أمل دنقل، مكتبة مدبولي، ط2، 2005م، ص 203 -204 .

(23) انظر،أساليب التكرار في ديوان العالم تقريبا، فيصل الأحمر، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في الآداب واللغة العربية، سليمة جيدل، جامعة محمد خيضر، الجزائر،2015م، ص 1 .

(24) - انظر، قضايا الشعر المعاصر، نازك الملائكة، ص238 . وانظر، قراءة الشعر بين النظرية الشكلية وآفاق الاتجاهات الأسلوبية،إبراهيم السيد، مجلة علامات، جدة، 2001 م، 10 / 155 .

(25) - انظر، حركة الإيقاع في الشعر العربي المعاصر، حسن الغرفي، افريقيا الشرق، بيروت، لبنان (د-ط) ، 2010م، ص81.

(26) - انظر، جماليات التكرار في الشعر السوري المعاصر، عصام شرتح، ص62.

(27) انظر، الاستهلال في شعر غازي القصيبي، معيض عبد الكريم الشيخ الذيابي البندري، كلية اللغة العربية، جامعة أم القرى، 2012م،ص18.

(28) قضايا الشعر العربي المعاصر: نازك ملائكة، ص269 .

(29) معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب، مجدي وهبة و كامل المهندس، ص118 .

(30) حركية الإيقاع في الشعر العربي المعاصر: حسن الغرفي، ص81.

(31) القصيدة العربية الحديثة بين البنية الدلالیة والبنية الإیقاعیة، محمد صابر عبید، دمشق، اتحاد کتاب العرب، (د-ط) ،2001م، ص 161.

(32) ديوان (شاهدة قبر من رخام الكلمات)، يحيى السماوي، ص 46 – 47 .

 

 

في المثقف اليوم