تكريمات

شهادات حية: عرش القوافي له ...

الفطاحل في الشعر العربي من الزمن الجميل الذي افتقدناه كثيرا هذه الايام .. السماوي فارس ماهر استطاع ترويض حصان الشعر الجامح الذي لايسلم لجامه الا للمبدعين فاتحفنا قصائد ودواوين لا نظير لها جمالا واصالة .. او كانه بحار محترف قاد اشرعة الشعر الى سواحل الخيال والحلم ليهدينا اجمل ماجادت به قريحة واحلى ما تجلت به ارهاصات شاعر.. او رحالة لايهدا فراح يجوب مغارات الابجدية بحثا عن قصائد المستحيل  فكانت من نصيبه..

دواوينه عرائس تزينت بقصائد كانها سلاسل الذهب وترصعت بجواهر نفيسة فحار الناظر اليها, ايهما اجمل العروس ام قلائدها ام جواهرها ام صائغها ومبدعها وفارسها ...من مجموعاته التي وقفت عندها طويلا وتركت اثرا حنينيا في روحي.. (شاهدة قبر من رخام الكلمات) والتي يرثي فيها والدته بابدع مايكون فكانت حقا من عيون الادب في الرثاء.. ففي الوقت الذي عبر فيه عن مقدار الالم والحزن لفراقها الا انه عاد وبحث عن وسيلة اكثر رقة واشفاقا للتعبير عن تفجعه فالتجأ للخالق ليكون المه اخف وطأة ..

ومن دواوينه التي احبها (هذه خيمتي للوطن.. فاين الوطن)  ... (ونقوش على جذع نخلة).. هنا حمل السماوي دفْ ودفق الحب للعراق وحلم الانسان والثورة على ركام الخراب والفساد صاغها بتوجع بادي للقاريء ونسجها من غزير  المفردات الجزلة ورقي الصور ورصانة التعبيرات .. وهنا اتسع افق شعره  ليشمل كل العراق وصحاريه وفراته ودجلته ونخيله الباسقة واشجاره الوارفة... كما تميز شعره دائما بلمسة روحانية قرانية سماوية تدل وبما لايقبل الشك ان الرجل متمكن من اسباب اللغة ودهاليزها وبانه ضليع في القران الكريم وهو مصدر قوته اللغوية والبلاغية .. وبانه مهما ابتعد الى قصائد الحداثة فان بخور الاصالة يغمر شعره فيضوع منها ياسمين الرصانة والتفاؤل والامل والحب والحنين والالم والحزن.. فهو مسكون بحب العراق ويرق لحال شعبه.

مهما حاولت ان اقول فيه فستكون كلماتي قاصرة وعاجزة عن ايفائه حقه فهو صرح كبير من صروح الادب العراقي والعربي .. حروفه من حرير وقصائده من نسيج سحري اخاذ فهو شاعر متفرد يعي سر الجمال وينتقي الرائق من الالفاظ واكثرها جزالة وبذخا وفخامة .. يطوع الخيال الجامح ببلاغته الادبية الرصينة الى صور معطرة باريج الانسانية النبيلة وكل نبضة فيها تنطق بحب العراق واهله .. وجدانياته عندما اقراها اشعر انها تهدجات في حضرة الابداع .. قصائده الوجدانية مترعة بعذب الكلام ورقيقه وموشاة بعبق الشوق وحرارته وسحر بيان الزمن الجميل وحلاوته

عالمه فضاء شعري فسيح وخميلته بيدر عطاء وابداع متفرد, شاعر اتخذ من الشعر محرابا ومن المحبة بخورا ومن التفاعل مع الاخرين عيدا ومهرجانا صوفيا يحتفل به على طريقته المميزة

دمت ايها السماوي الذي يتجدد عطاؤك وابداعك على مدى فصول العمر ولايثنيك عنه غربة ولاعمر دمت كوكبا  متوهجا في سماء الشعر ووشما منقوشا في عيون الكتب والادب وفي القلوب

 

...........................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (عدد خاص: ملف تكريم الشاعر يحيى السماوي، الخميس 1/1/1431هـ - 17/12/2009)

 

 

في المثقف اليوم