أقلام ثقافية

ملاحظات ضرورية حول ترشيح الشاعر مظفر النواب لجائزة نوبل

ahmad alhiliالنبرة الأيديولوجية والنظرة الموضوعية: في سابقة دراماتيكية فريدة من نوعها أقدم الاتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين على ترشيح الشاعر الشعبي العراقي واليساري العريق مظفر النواب لنيل جائزة نوبل للأدب للعام الماضي .

وفي حقيقة الأمر نحن لا ندري ما هي المسوغات والمبررات التي عملت عملها وفعلت فعلها حتى دفعت بأعضاء المجلس المركزي لاتخاذ مثل هذا القرار الفنتظازي ...

وبحسب ما جاء في توضيح الناطق الإعلامي لاتحاد الأدباء الشاعر عمر السراي الذي صرّح في أعقاب اتخاذ هذا القرار ؛

من ضمن مقررات المكتب التنفيذي لاتحاد الأدباء في اجتماعه الأخير، ترشيح الشاعر مظفر النواب إلى جائزة نوبل للآداب، فالنواب تجربة إبداعية وموقف وطني وإنساني كبير، وهو نقطة تفرّد بما مارسه من ثباتٍ، وبصمة مميزة على مستوى النتاج الشعري، فضلاً عن الطيف الواسع من شريحة المتلقين لجمال أدبه وثقافته ...

واضاف السراي قائلاً : ولمتابعة ترشيح عازف (الوتريات الليلية) و(نورسها الحزين)، شكل الاتحاد لجنةً متخصصة من المعنيين بالأمر، ستشرفُ على متابعة تقديم التجربة بصورة كاملة، والتواصل مع الجهات الرسمية، واقتراح كل ما من شأنه دعم ترشح النواب، وتسليط الضوء بصورة أكبر على تجربته المتوهجة كلما توقدت في محفلٍ ومناسبة. وتكونت اللجنة من الأدباء والمثقفين:

فاضل ثامر / رئيساً، جمال جاسم أمين / مقرراً،مفيد الجزائري، سيار الجميل، د. مالك المطلبي،حسين الجاف،رياض النعماني وكاظم غيلان اعضاء.

الملاحظ هنا أن عدداً من الأدباء العراقيين وغير العراقيين انبروا لتأييد وتعضيد هذا الترشيح مهللين ومطبلين معتبرين إيّاه خطوة ضرورية تنم عن حصافة وحكمة، ومن بين هؤلاء الشاعر جمال جاسم أمين أمين العلاقات الدولية في الاتحاد الذي قال : اقترحت الأمانة الدولية ترشيح النواب إلى جائزة نوبل للآداب، لمكانته البارزة التي لا تتوقف عند الشعر فحسب، فالنواب بصمةٌ عراقيةٌ تلتقطُ كوحدةٍ لا تتجزأ، فهو الشاعرُ والكاتبُ والفنان والمناضلُ، وهو السيرةُ الحية لوطنٍ حمله في قلبه متزامناً مع أوجاع جميع المظلومين في شتى أصقاع العالم .

والغريب في هذا الأمر أن عدداً من الأدباء العراقيين أبدوا اعتراضهم على هذا الترشيح وتباينت وجهات نظرهم لاعتبارات مثل؛

"ان جائزة نوبل مسيسة ولا يمكن ان تعطى بمبدع كبير مثل مظفر النواب مهما كانت عظمة ابداعه وان مثل هذا الترشيح لا يليق باسم النواب وسيرته الادبية الرائعة لان مجرد وضع اسمه تحت مظلة هذه الجائزة هو اساءة له وان جائزة محبة الشعب العراقي هي الاعظم للشاعر الذي عاش هموم شعبه منذ بداياته ". وكأن كبار الأدباء العالميين الذين حصلوا عليها إنما حصلوا على وصمة إمبريالية نابية سوف تغض من شأنهم .

وهنا يحق لنا أن نتوجه بالسؤال الضروري إلى أعضاء المجلس المركزي الموقرين الذين انساقوا خلف هذه الحمى، هل هم حقاً على دراية وإطلاع حقيقي بمعايير وشروط منح هذه الجائزة العالمي الكبرى، والتي يأتي في مقدمتها أن يحمل الأدب المنتج من السمات الفنية والجمالية ما يؤهله لذلك وأن يكون ذا نزعة عالمية ويصب في خدمة التوجهات الإنسانية بعيداً عن الأدلجة ...

والآن بوسعنا أن نجري فحصاً سريعاً لمنتج الشاعر، لنقف على قيمتها الفنية والجمالية وهو ينقسم إلى قسمين ؛ الأدب الذي انتجه الشاعر باللغة الفصحى ويضم قصائده ذات المنحى التهكمي الهجائي يأتي في مقدمتها (الوتريات)، كما أن لديه بعض النصوص في مجال المسرح، وعلى الرغم من هيمنة الوتريات لفترة زمنية طويلة نسبياً بالنسبة لذائقة عدد كبير من المتلقين العراقيين في الداخل والخارج بوصفها أيقونات نضالية في مقارعة الديكتاتورية والظلم والقهر والتعسف إلا أننا نستطيع أن نلحظ أن تلك القصائد كانت تتسم بالشعاراتية وأنها كانت ابنة مرحلتها لا سيما وأنه تخللها الكثير من السباب والشتائم والألفاظ البذيئة التي من المؤكد أنها كانت ضرورية في مرحلتها وأن الأطراف الموجهة إليها كانت تستحق ذلك، إلا أنه لا يمكن يكون ذلك منطلقاً نحو السمات والمواصفات العالمية .

بوسعنا أن نرصد هنا أن السادة المعنيين بهذا الأمر، وأعني أمر الترشيح أنهم غضوا النظر وتغاضوا عن ارتماء الشاعر في حضن الديكتاتور الليبي معمر القذافي حتى قيل أنه أصبح مستشاراً ثقافياً له، ونحن نعلم أن الشعر هو كلمة وموقف قبل كل شيء، فأين كلمة الشاعر أو موقفه من ذلك .

ونحن هنا لا نريد أن نغض من شأن الشاعر مظفر النواب، وإنما نريد أن نضع الأمور في نصابها الصحيح بعيداً عن مظاهر التهريج، أرى أنه من الأفضل لنا ولشاعرنا الكبير برمزيته العالية أن نضعه في إطار محليته العراقية، وبما أنتجه من أدب شعري باللهجة العراقية التي تسجل له ريادته ومكانته العالية .

 

 

في المثقف اليوم