أقلام ثقافية

فدريكو غارسيا لوركا.. شاعر القرن الذي تنبأ بمقتله ورثاه العالم

296 لوركا(وعرفت أنني قتلت..

وبحثوا عن جثتي في المقاهي والمدافن والكنائس

فتحوا البراميل والخزائن

سرقوا ثلاث جثثٍ

ونزعوا أسنانها الذهبية ولكنهم لم يجدوني قط.)

ولد الشاعر الاسباني الكبير فدريكو غارسيا لوركا في الخامس من حزيران 1898 في "فونتا باكيروس" في مدينة غرناطة. لم يعكف لوركا على الشعر فحسب انما كان كاتبا ومسرحيا ورساما وعازفا في ذات الوقت.

بالرغم من الفترة الزمنية القصيرة التي عاشها لوركا (1898-1936) الا ان نتاجه الادبي –الشعري والمسرحي- ترك بصمة لا تنسى في الادب العالمي من خلال القضايا التي كان يتناولها في كتاباته. ومقارعته للظلم مما جعله وكتاباته مصدر الهام للعديد من الادباء العرب وغيرهم ممن كانت لهم قضايا عادلة وممن حملوا راية الكلمة في مواجهة الظلم والاستبداد. فقد كان لوركا لسان الطبقات الفقيرة والمهمشة، فلبس ثوب الغجر وتغنى باصالتهم وعاداتهم وحاول اذابتهم في المجتمع الاسباني المتعنصر ضدهم، لم يكتف لوركا بمساندة الشعب الاسباني الذي كان يعاني الانشقاقات والانقسامات السياسية والوضع المتفجر في اسبانيا والتخندقات القومية والسياسية التي قادت الى حرب اهلية ضارية كان لوركا احد ضحاياها، انما كان لوركا يصدح بصوت الانسانية اينما حل، لذا لم يفوت فرصة زيارة أحياء السود الفقيرة ومعاناة التمييز العنصري، خلال زياته للولايات المتحدة، فتأثر كثيراً بما شاهد وعاش، وقد عبر عن ذلك بقوله (أردت إن أكتب قصيدة العنصر الأسود في أمريكا الشمالية، وأردت أن يظهر الألم الذي يشعر به السود في عالم مختلف بالنسبة لهم).

وكان لوركا محبا للاندلس العربية وحضارتها وكثيرا ما حملت قصائدة مفردات عربية وتاريخية تدل على الحقبة العربية وصرح مرارا عن اسفه لما فعله الملوك الكاثوليك بالحضارة العربية الاندلسية. وكان لوركا يفتخر باندلسيته وعاداتها الموروثة من عمقها التاريخي العربي.

خلال عودته الى موطنه اسبانيا عام 1936 ومدينته غرناطة، التي كانت مصدر الهامه الشعري والحاضرة دائما في اشعاره فتغنى بحقولها واشجارها وجداولها وكل شئ فيها الا وكان له نصيب من شعر لوركا، تم القاء القبض عليه بتهم تم نفيها عنه لاحقا منها ما تعلق بانتمائه الى المعسكر الجمهوري المضاد للمعسكر الانقلابي الفرانكوي ومنها ما اشيع عنه باتهامه بمثلية الجنس، الا ان الكثير ممن كتبوا عنه وتناولوا حياته وكتاباته بالدراسة اكدوا ان شعره من قتله. واعدم لوركا في ضواحي غرناطة ولم يعثر على جثته كما تنبأ في قصيدته.

وها هو لوركا لا زال يعيش في ذاكرة الاجيال رغم اخفاء جثته وعاش اطول مما عاش جلادوه.

وممن رثا لوركا شاعرنا الكبير محمود درويش بقصيدة حملت اسمه "لوركا"، قائلا:

"عفوَ زهرِ الدم يا لوركا وشمسٌ في يديكْ

وسليبٌ يرتدي نارَ قصيدةْ

هكذا الشاعرُ زلزالٌ وإعصارُ مياهْ

ورياحٌ إنْ زأرْ

يهمسُ الشارع للشارعِ قد مرّت خطاهْ

فتطايرْ يا حجرْ. "

 

م.م. خليل عوين فرحان/ كلية اللغات

 

 

في المثقف اليوم