أقلام ثقافية

آباء مع وقف التنفيذ

ليس غريبا ان تسمع ان فلانا عاقا لوالديه فذلك يندرج تحت بند عقوق الوالدين وتلك باتت ظاهرة وللاسف يعاني منها المجتمع، بل الاغرب ان تسمع ان ابا عاقا لاولاده وتلك كارثة لايحمد عقباها..

نعم هذه الحقيقة المرة التي اتت ا’كلها مؤخرا تحت اي نوع من المسميات، فقد تعدد العقوق واتخذ اشكالا مختلفة، فمن الاباء من يترك زوجته الحامل غير آبهٍ بالمولود البرئ الذي سياتي الى هذه الحياة ولايهمه ان كان ذكرا او انثى او ماذا سيكون اسمه..

ومن الاباء من يترك اطفاله الصغار ويهاجر الى بلاد العم سام حيث الخضرة والماء والوجه الحسن والخدمات غير مكترث ماذا سياكل الصغار!ماذا سيشربون!مالذي ستفعله زوجته بغيابه خصوصا ان كانت ربة بيت في ظل ظروف قاسية تعيش عبئا على اهلها الفقراء اصلا او من ذوي الدخل المحدود من الذين بالكاد يدبرون امرهم او بوجود زوجات اخوانها اللائي اعتدن العيش بطريقة ما، فتجد هذه الزوجة تحمل اعباءًا تنوء الجبال لحملها لالشئ سوى انها وجدت نفسها مسؤولة عن اطفال بلا معيل لاحول ولاقوة لهم، وبحكم تربيتها تستبسل هذه الام لتوفر لقمة العيش لصغارها مضحيّة بكل شئ راحتها، سعادتها، كرامتها تزاول اي مهنة خياطة، عاملة، طباخة، او انها تقوم بالطبخ حسب الطلب وفي احسن حالاتها اذاكانت موظفة فالامر اهون، فيما يلهو الاب ويلعب باحضان الطبيعة مؤسسا حياة اخرى بعيدا عن الضحايا الذين تركهم بلا ماوى دون ان يرف له جفن، واب اخر تجده قد انزل اطفاله الى سوق العمل ليبيعوا مختلف الاشياءاكياس نايلون(علاكة) مناديل ورقية في التقاطعات بين العجلات والشاحنات الكبيرة تحت وطأة الخطر والزجر والنهر ليحصلوا على قوت يومهم الذي سينتهي بعد عناء طويل بعد ان ياخذ الاب منهم المال بحجة انه مسؤول ويصرف على بيته وهو نائم في فراشه او جالس بكرسيه امام باب المنزل يطالع هذا وذاك او يقضي وقته باحد المقاهي منتظرا الصغار الذين منعهم من المدرسة ليعملوا بدله في ورشات الحدادة او النجارة اوبدفع العربات اواي نوع من الاعمال المضنية وقد دفع العديد من الاطفال حياتهم ثمن ذلك اما بالتغرير بهم اوخطفهم اوالمتاجرة باعضاءهم البشرية او الانجراف بطرق غير مشروعة، كل ذلك بسبب تخلي او عدم وعي ومسؤولية الاباء عن اداء مهامهم فهؤلاء هم بحق اباء عاقون..

 

مريم لطفي

 

في المثقف اليوم