أقلام ثقافية

احترام النفس اولا..

"قمة الاحترام لنفسك، ان تبتعد عن صغار العقول"..جورج برناردشو

الاحترام: قيمة عليا وصفة من الصفات الانسانية التي ترقى بصاحبها، وهو على نوعين، احترام مادي ويشمل احترام الانسان لكل مايملك، جسده، ماله، عائلته، واحترام معنوي ويشمل خصوصيته، كرامته، اختياراته، قراراته، وهكذا..

يعتمد احترام الاخرين على احترام الشخص لنفسه، وذلك بدوره يعتمد على تربية الانسان وبيئته الاولى وكم الصفات التي تعلمها من ابويه على مدى سني نشاته وترعره، وماتعلمه وتربى عليه من قيم الفضيلة، والسلوكيات اليومية ابتداءا من القاء التحية، فن الاصغاء، احترام الكبير، احترام الجار، احترام المائدة، احترام الوقت، احترام الموعد، احترام الطقوس والمناسبات، احترام الفقير، احترام الانسان كأنسان، احترام الصديق، احترام البيئة والمجتمع الذي نشا فيه، احترام الوطن، وهكذاتنشا مع الانسان قيمه الانسانية الرفيعة والراقية التي تجعله محترما بين الناس، ويكون الاحترام هو القيمة العليا للمفاضلة.

فلايفرض الانسان احترامه على الاخرين مالم يحترم نفسه اولا، لذا فان اولى خطوات الاحترام تبدأ بالنفس، فاذا مااحترم الانسان نفسه واجتهد بتثقيفها وتهذيبها فانه يكون قد وضع الخطوط العريضة والمحددة لبناء شخصيته التي ستفرض احترامها على الاخرين من باب "الادب"، فليس من المعقول ان يكون الانسان غير محترما، يعاني من اضطرابات سلوكية وانحرافات اخلاقية واجتماعية لاحصرلها، كالغرور، التهكم، العنجهية، الكذب، الخيانة الاستغلال، النصب، استخدام الالفاظ النابية ورفع الصوت-خصوصا في مجال العمل-وفي ذات الوقت يطلب الاحترام من الاخرين، وان حصل عليه فهذا "خوفا"وليس احتراما، ولذافان الابتعاد عن صغار العقول او المصابون "بجنون العظمة"يكون هو الاحترام بذاته.

ان الانسان المحترم يتحلى بدماثة الخلق، الهدوء، الحكمة، الصبر والاناة، الحلم، التواضع، الترفع عن التفاهات وذلك مايجعله محترما بين الناس وتلك اخلاق الانبياء "ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك"..ال عمران.158.، تلك اخلاق رسولنا الكريم محمد (ص) واخلاق المسيح (ع) الذي كان يدعوا للمسيئين اليه بالهداية..

ان الانسان وهو يعيش في اي مجتمع تحكمه قبل كل شئ انسانيته، بغض النظر عن اللون والدين والمعتقد، يحكمه التراب الذي ولد منه وسيعود اليه يوما، واحترامه لبني جنسه قائما على ذلك، مقرا ببنوته لادم، "فكلنا لادم وادم من تراب"، وتصرف الانسان وسلوكه يعتمد على ذلك، فلايجوز ان نقف استعدادا للغني ونحتقر الفقير، ونسبح بحمد القوي على حساب الضعيف، ونتودد للقريب ونزدري البعيد، او نعامل الانسان حسب دينه اومعتقده او لونه او عرقه، فكل الناس سواسية كاسنان المشط، يقول رسولنا الكريم "ليس منا من لم يحترم صغيرنا ويوقر كبيرنا".

وعليه فالانسان يجب ان يكون قدوة لنفسه وللاخرين فمثلا يدخل الزوج الى البيت ساخطا، غاضبا، يزجر وينهر مستخدما سيلا من الالفاظ النابية ليظهر بمظهر القوة وليجعل زوجته تهابه-كما يظن-فتقابله اما بالصمت او بالتغاضي، او ربما بابتسامة تدل على تربيتها الصالحة وفي هذه الحالة تكون هي من فرضت احترامها وليس العكس، كذلك الحال بالنسبة للابناء، فالتربية والاحترام لاتعني باي شكل من الاشكال استخدام العنف للوصول الى المبتغى، بل على العكس ستكون النتيجة عكسية ويكون التمرد هو المحصلة النهائية، او يدخل المعلم الى الصف بمزاج عصبي يتوعد ويهدد، متجهم الوجه –وهو القدوة-لتلاميذه ويريد بذلك ان ينزع الاحترام انتزاعا، وان حصل عليه فذلك من باب الخوف وليس من باب الهيبة والاحترام، وهكذافعلى المرء ان يحترم مشاعر الاخرين وظروفهم قبل ان يطلب نصيبه من الاحترام، فالعلاقة متبادلة، فلايطلق لنفسه العنان ليحترم من يشاء ويحتقر من يشاء في اي وقت يشاء حسب مزاجه او حسبما تقتضيه المصلحة، لان الاحترام يكتسب لاينتزع انتزاعا.

ان احترام الاخر مبدا من مبادئ التسامح والتعايش بين الناس لانه يقود للاحترام المتبادل واشاعة السلام في مجتمع تسوده المحبة والالفة لاالترهيب والتخويف وازدراء الاخر، يقول توماس مور"ارقى انواع الاحترام احترام مشاعر الاخرين"...

 

مريم لطفي

 

في المثقف اليوم