أقلام ثقافية

ضياء نافع: عن بعض (الغوغوليين) العراقيين

الغوغولي – نسبة الى اسم الكاتب الروسي نيقولاي غوغول، و نعني به في مقالتنا هذه الشخص الذي ساهم باي شكل من الاشكال بنشر مؤلفات غوغول بالعربية او الكتابة عنه، وواقعيا، فان كل المتخصصين العرب في الادب الروسي هم كذلك تقريبا، ولكننا نود ان نتوقف في مقالتنا هذه عند بعض الاسماء، التي تميّزت في هذا المجال، وأصدرت (تأليفا او ترجمة) كتبا لغوغول او حوله بالعربية، ونؤكد، ان اختيار الاسماء هنا هو اجتهاد شخصي بحت من قبلنا، وكأي اجتهاد شخصي، يمكن ان يكون صائبا او غير صائب جزئيا او حتى كليّا، والامر متروك للقراء وآرائهم واجتهاداتهم ايضا، اذ لا يمكن لاي اجتهاد ذاتي ان يكون متكاملا، ومن المؤكد ان هناك اسماء اخرى في هذا المجال لا نعرفها او لم نتذكرها، وسنكون ممتنين لهؤلاء الذين سيذكّروننا بتلك الاسماء. هذا و قد تم ترتيب الاسماء طبعا حسب الحروف الابجدية، والاسماء هي كما يأتي، وسنتوقف عند كل اسم من تلك الاسماء بشكل وجيز، ونتحدّث عن العمل الذي انجزه حول غوغول بالعربية، تأليفا او ترجمة.

الاسماء

- د. تحسين رزاق عزيز – مترجم عراقي قدير عن اللغة الروسية، وقد قدّم للمكتبة العربية أكثر من اربعين كتابا مترجما، ويمكن القول، انه الان واحد من أبرز المترجمين العراقيين عن الروسية. يرتبط د. تحسين رزاق عزيز بغوغول بترجمته لكتاب غوغول – مختارات من مراسلات مع الاصدقاء، الذي أصدرته دار المدى في بغداد هذا العام (2023)، وقد وضع هذا الكتاب النقاط على الحروف (كما يشير التعبير العربي العتيد) بشأن غوغول ومواقفه الفكرية الكبرى حول تقدميته او رجعيته، والتي (تراكمت !!!) في الذهن العربي (وليس فقط العربي) بعد الانتقاد الحاد والمتطرّف ضد الكتاب المذكور، دون الاطلاع عليه ودراسته.

- أ.د. جليل كمال الدين (1930 - 2014) - اسم معروف في مسيرة الثقافة العراقية منذ اواسط القرن العشرين، وقد كتبت عنه عند رحيله مقالة بعنوان – وداعا ايها العبقري الذي لم يعرف قدر نفسه، وذكرت في تلك المقالة مجموعة من المواضيع، التي يقتضي الكتابة عنها، ومنها موضوع بعنوان – جليل كمال الدين وغوغول، اذ نشرت له دور النشر السوفيتية عندما كان طالب دراسات عليا في جامعة موسكو عدة كتب مترجمة عن الروسية، ومن ضمنها كتاب يتضمن قصصا طويلة لغوغول، وهي قصص مشهورة له، ومن بينها قصة (المعطف)، التي كانت ولازالت لحد الان مادة يتناولها النقد الادبي الروسي والعالمي، وتعدّ هذه الترجمة واحدة من أفضل الترجمات العربية العديدة جدا لتلك القصة الشهيرة. هذا، وقد أعاد د.جليل كمال الدين نشر الكتاب المذكور في بغداد بعد أكثر من عشر سنوات على اصداره في موسكو.

- غائب طعمه فرمان (1927 – 1990) – شيخ المترجمين العراقيين للادب الروسي في القرن العشرين بلا منازع، ويرتبط اسمه طبعا بغوغول، اذ انه ترجم او راجع ترجمة مؤلفات غوغول الرئيسية من قصص ومسرحيات وروايته الكبيرة (الارواح الميتة) والتي جاءت عند غائب بعنوانها الذي استقر اخيرا باللغة العربية، وهو (الانفس الميتة)، وقد صدرت كل تلك الكتب بموسكو من قبل دور النشر السوفيتية آنذاك، ولا زالت تصدر بطبعات جديدة في بغداد. غوغول بترجمة غائب طعمه فرمان – موضوع واضح المعالم لاطاريح الماجستير والدكتوراه في اقسام اللغة الروسية وآدابها في الجامعات العربية كافة، وهو ما سيحدث في المستقبل حسب وجهة نظرنا، فغائب طعمه فرمان شخصية ثقافية مهمة في مسيرة الثقافة العربية، وفي تاريخ الترجمة الادبية بالذات.

- أ.د. محمد يونس (1937 - 2009) – اسم كبير في تاريخ قسم اللغة الروسية بجامعة بغداد، وساهم بنشاط ملحوظ في حركة الترجمة والتاليف من موقعه الاكاديمي، وهو يعدّ الان واحدا من الاسماء البارزة في مجال العلاقات الثقافية العربية – الروسية. يرتبط اسم د. محمد يونس بغوغول ارتباطا وثيقا، اذ انه العراقي المتخصص الوحيد بيننا، الذي اصدر كتابا كاملا عن حياة غوغول وابداعه ضمن سلسلة (اعلام الفكر العالمي) في بيروت، واعيد طبع هذا الكتاب لاحقا. يتميّز كتاب د.محمد يونس في كونه يعرض وجهة النظر السوفيتية حول غوغول، والتي كان مقتنعا بها قناعة تامة، وفي هذا الجانب بالذات تكمن الاهمية التاريخية لهذا الكتاب.

- د. منذر ملا كاظم - أحد التدريسيين النشطين حاليا في قسم اللغة الروسية بكلية اللغات في جامعة بغداد، والذي اسميناه في احدى مقالاتنا – مؤرشف الادب الروسي في العراق، وهو يستحقها فعلا. يرتبط اسم د. منذر بغوغول في كونه المتخصص العراقي الوحيد، الذي أصدر بالروسية كتابا عن غوغول، وقد صدر هذا الكتاب ضمن منشورات جامعة فارونش الحكومية الروسية، وهي الجامعة التي حصل فيها د. منذر على درجة الدكتوراه في الادب الروسي حول غوغول، علما انه كان (غوغوليا !) ايضا عندما حصل على درجة الماجستير في جامعة بغداد. مساهمات د. منذر ملا كاظم الواسعة في مجال نشر الادب الروسي عموما تستحق التقدير والاشادة والثناء .....

***

أ.د. ضياء نافع

في المثقف اليوم