أقلام فكرية

محمود محمد علي: الاستكلاب ظاهرة فلسفية

يقال عنه بأنه عالم غريب لا يُعرف عنه الكثير حتى الآن، ولكنه بدأ ينتشر بشكل كبير في أوروبا وخاصة بريطانيا، حيث يريد عدد من الرجال البالغين أن يكونوا "كلابًا"، يرتدون أزياء الكلاب المصنوعة من اللاتكس والجلد ولديهم علاقات مع عمال من البشر، والمتحمسين لها يقولون إنها ليست دائمًا مسألة جنسية ولكنهم يريدون فقط أن يعيشوا حياة الكلاب، ووصل عدد المنخرطين بظاهرة "الكلاب البشرية" في بريطانيا وحدها 10 آلاف فرد.

والكلاب البشرية هم بشر على هيئه كلاب يلبسوا ويتعاملوا مثل الكلاب بالضبط معظمهم من الرجالة وابتدأوا ان يظهروا في الوطن العربي بكثره وبالأخص في مصر والسعودية ولبنان والأغرب أنهم بكامل قواهم العقلية والأكثر من هذا  يصل راتبهم الشهري لأكثر من 7000 دولار.

ففي عام 2016 أخرجت منصة Firecracker وثائقيا تحت عنوان " الحياة السرية للكلاب البشرية Secret life of the human pups لنرى وثائقيا فريدا من نوعه، فهو يرصد الروتين اليومي لحياة مجموعة من الكلاب، لكنه مع ذلك لا يشابه وثائقيات الحياة البرية والبحرية الشهيرة، فأنت هنا لن تشاهد أسدا يفترس غزالة، ولن ترى معاناة اصطياد سمكة التونة العنيدة، لكنك بدلا من ذلك سترى مجموعة من البشر يرتدون أزياء جلدية ضيقة، ويعتمرون أقنعة كلاب فوق رؤوسهم، ويشمون على أربع، ولا يصدرون إلا النباح.

هم بشر في الهيئة، لكنهم يعرفون أنفسهم بوصفهم كلابا، شأنهم في ذلك شأن بشر يعرف نفسه كإمراه أو امرأة تتفاخر بأنها تنجذب فقط للنساء، فما حكاية هؤلاء الكلاب البشرية ؟، ومن أي رحم خرج هذا السقط المقزز إلى عالم الإنسان؟

ففي حوار لصحيفة The Guardian البريطانية مع أحد المستكلبين، والذي يدعى " توم Tom  " أو سبوت Spot"، قال هذا الكلب البشري أنه يستمتع بعيش حياة الكلاب، ولو بشكل جزئي، فهو لا يقلقون بشأن المال أو الطعام أم العمل، ولا تشقيهم أي من مشكلات الإنسان المعهودة، مما دفعه لتعريف نفسه بوصفه كلبا، مرتديا بدلة جلدية بيضاء فيها نقط سوداء، وقناعا على هيئة رأس كلب.

إلا أن المفارقة الأكبر هي أن رعيته، كانت خطيبته التي رفضت إتمام زواجها به، ولكنها لم تجد غضاضة في رعايته ككلب، بل أدى ذلك للتقارب بيهم بصورة أكبر، كما يزعم هذا المستكلب، والذي لا يمثل نفسه وحسب، وإنما يعبر عن نفسه عن عشرة آلاف بشري، يعيشون حياة الكلاب في بريطانيا، فضلا عن آلاف آخرين يعيشون في أنحاء أوروبا ليشكل ظاهرة فريدة من طمس الفطرة، والتي لم تحظ بقبول واسع في أوروبا حتى الآن، بالرغم من قبول متحولين آخرين طمسوا فطرتهم واختاروا لهم هوية غير التي خُلقوا عليها.

والسؤال الآن والمهم: أين ومتي بدأت ظاهرة الكلاب البشرية؟، وما أسباب ظاهرة المستكلبين أو الكلاب البشرية؟، وما قصة الرجال مقطوعي الرأس وعلاقتهم بظاهرة الاستكلاب؟

إن البشر الكلاب والبشر مقطوعي الرأس، وأمة العيون الواحدة.. مخلوقات غريبة ما بين الأسطورة والتاريخ، وهناك روايات تاريخية عن هذه المخلوقات منذ العصور القديمة وإلى العصور الوسطى، تحديدا بالمناطق النائية وفي أماكن شتى من العالم. ولعل هذه الوفرة في الروايات من ناحية الزمان والمكان وتعدد مصادرها هي التي أسبغت على الموضوع نوعا من الواقعية بعيدا عن عالم الأساطير، أو بالأحرى دفعت الباحثين للتنقيب والبحث عن الأصل الواقعي للأسطورة.

ودعونا نبدأ رحلة حديثنا من العصور القديمة، فقد جاء ذكر الرجال مقطوعي الرأس ( Headless men ) على لسان هيرودوت في تاريخه، وذلك في معرض حديثه عن الأقوام الساكنة في ليبيا القديمة، فزعم وجود هذه المخلوقات في الجزء الشرقي من البلاد إلى جانب مخلوقات غريبة وقبيحة أخرى كالبشر الكلاب وإنسان الغاب المتوحش.

وفي السياق ذاته ذكر المؤرخ اليوناني "بليني الأكبر" في تاريخه الطبيعي قبيلة ( بليميا Blemmyae ) وعدّهم من قبائل شمال أفريقيا وقال: (ليس لديهم أي رؤوس، وأفواههم وعيونهم تقبع في صدورهم )، وقيل بأن هذه القبائل تقطن في أثيوبيا، وأما المؤرخ سترابو فقال جاء على ذكرهم أيضا، حيث قال بأنهم مسالمين ويعيشون في الصحراء الشرقية بالقرب من مدينة مروي في السودان. وفي الواقع كانت هناك بالفعل قبيلة تدعى بليميس عاشت جنوب مصر وخاضت حروب عدة ضد الرومان.

وهناك صورة من مخطوطة اوربية قديمة لعالم اللاهوت الفرنسي صموئيل بوخارت تطرق إلى كلمة (البليميا) وقال بأنها مشتقة من مصطلحين أو كلمتين عبريتين معناهما "بلا دماغ". مما يعني أن شعب البليميين كانوا بشرا بلا أدمغة.

وخلال عصر الاستكشاف، تحدث المستكشف والمغامر الانجليزي السير والتر رالي عن رجال مقطوعي الرأس أطلق عليهم أسم ايوايبانوما، وذلك في معرض حديثه عن رحلته الاستكشافية إلى مقاطعة غوايانا في فنزولا، وأستشهد كذلك بما ذكره بعض الرحالة الأسبان الأوائل في كتبهم.

أما البشر الكلاب، فشعب الأزتيك في المكسيك كان يؤمن أيمانا مطلقا بوجودهم، زعموا بأنها وحوش تقتل الصيادين، وآمنوا بأن هذه المخلوقات التي تسمى نجويل (Nagual ) تسرق الجبن وتغتصب النساء لكنهم لا يقتلون أحدا ما لم يتعرض لهم.

والسؤال الآن: هل ظاهرة الاستكلاب لها علاقة بأسطورة الاله انوبيس الفرعوني؟

أغلب الظن أن معظم تلك الأساطير مستمدة من أشكال الآلهة الفرعونية القديمة، خصوصا انوبيس، أله الموتى الذي يتجسد في هيئة إنسان برأس أبن آوى، وكذلك حابي، وهو أحد أبناء حورس الأربعة الذين يحرسون عرش اوزيريس في العالم السفلي، والذي يظهر بهيئة إنسان برأس قرد البابون، وهو شبيه بالكلب طبعا. ومن وحي هذه الأساطير المصرية القديمة ظهرت أسطورة البشر المستكلبين (Cynocephaly ) فذكرت المصادر الإغريقية القديمة أن هؤلاء البشر هم أقوام متوحشة تسكن الهند وتستوطن الجبال العالية، وقالوا بأن هذه الأقوام أو القبائل تتواصل مع بعضها عن طريق النباح وتعتاش على الصيد. أما المؤرخ الشهير هيرودوت فقد ذكر بأنهم من الأقوام التي تستوطن شرق ليبيا القديمة، وقد تطرقنا لهذا أنفا.

وهناك نقش قديم للقديس كريستوفر، فالكثير من الناس في العصور القديمة كان يؤمن بأن هذه المخلوقات موجودة حقا، لا بل هي كانت حقيقية في نظرهم إلى درجة أن جدلا طويلا ثار حول كونها من نسل آدم وحواء أم لا.

وثمة نقطة جديرة بالإشارة وهي أن بظاهرة الاستكلاب ربما لها علاقة بأسطورة المستذئب الاوروبية ؛ فالإيمان بوجود البشر الكلاب أستمر خلال العصور الوسطى في أوروبا، ولعل أسطورة الرجل الذئب (Werewolf ) مستمدة أصلا من أسطورة الرجل الكلب.

ومن الأساطير الغريبة الأخرى التي تطرقت لها المصادر القديمة هي تلك التي تحدثت عن مخلوقات ذات عين واحدة، وهي مخلوقات كان لها شهرة واسعة لدى الإغريق والرومان، وعرفت بأسم سايكلوبس (Cyclops )، وقيل بأنها من جنس العمالقة ؛  وهناك أسطورة أخرى عن ذوي العين الواحدة، وهي تتحدث عن الشقيقات غراييا، وهن ثلاث شقيقات ساحرات كن يتناوبن النظر بعين واحدة، كل واحدة منهن كانت تنتظر دورها لتأخذ العين وتنظر بها.

كذلك المصادر التاريخية القديمة تحدثت أيضا عن وجود أمم من ذوي العين الواحدة، قيل بأن قبيلة منهم كانت تعيش جنوب روسيا وتدعى اريماسبي (Arimaspi )، وهي قبيلة سكيثية من المحاربين الأشداء وكانت في حرب مستمرة مع جيرانها. في الفلكلور الألماني هناك أيضا محاربي الهاغين المرعبين. وفي ايرلندا هناك العملاق بالور الذي يموت في الحال كل من يجرؤ على النظر إلى عينه الوحيدة.

كذلك وردت العديد من الإشارات إلى وجود هذه الأمم الغريبة في كتب الرحالة والجغرافيين العرب والمسلمين. فلقد ذكر الشيخ الجغرافي العلامة العثماني محيي الدين أبن محمد الريس الذي تـ عام 962 هـ في خرائطه أن بأمريكا الجنوبية: (أمم من الناس وجوههم في صدورهم وليس لهم رؤؤس وطول الواحد منهم سبع أشبار وبين عينيه مسافة شبر وهم غير مؤذون وأمم أخرى وجوههم وجوه الثعالب والكلاب).

وقال العلامة زكريا القزويني في كتابه كتاب (عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات) في قسم – أمم غريبة الأشكال – قال منها – أمة (منسك) وهم في جهة المشرق لهم أذان مثل أذان الفيلة وكل أذن مثل كساء (وهم الذين طولهم وعرضهم سواء) –ومنها- أمة في جزائر البحر وجوههم مثل وجوه الكلاب وسائر بدنهم كبدن الناس يتقوتون بثمار الأشجار وأن وجدوا شيئا من الحيوانات أكلوه –ومنها- أمة لا رأس لأبدانهم وأفواههم وعيونهم على صدورهم).

وقد ذكر خبر هذه الأمم التي لا رؤوس لأبدانهم أيضا في كتاب (المعارف) وقال: (ثم ملك التُبع العبد بن أبرهة وهو ذو الأذعار سمي بذلك لأنه كان غزا بلاد النسناس فقتل منهم مقتله عظيمة ورجع إلى اليمن من سبيهم بقوم وجوههم في صدورهم فذعر الناس منهم فسمي ذا الأذعار وكان هذا في حياة أبيه فلما ملك أصابه الفالج فذهب شقه قبل غزوه وكان ملكه خمسا وعشرين سنة).

من كل ما سبق يمكن القول  بأنه لأجل هذا تباينت التفسيرات النفسية لوصف هذه الحالة، فبحسب تقرير لشبكة سكاي نيوز العربية، يرى العديد من الخبراء النفسيين بجامعة لندن، أن هؤلاء المستكلبين مصابون باضطراب شخصي الاجتنابي، والذي من أعراضه احتقار الذات وتعذيبها، إضافة بالشعور بالعجز والدونية، والشعور بعدم حب الآخرين بهم، والذي بدا جليا في تصريح أحد المستكلبين " كل الناس بحبون الكلاب فإذا أصبحت كلبا، فسيحبني الجميع ".

وإلى جانب ذلك فإن عددا من التفسيرات النفسية الأخرى برزت في هذا السياق، فوفقا للباحث " ليام ويجنال" فإن الداقع الجنسي المنحرف قد يؤدي بالمرء للعب هذا الدور، وهو دافع شديد الصلة بالمازوخية وحب الإهانة والإذلال، وفيه يمنح الشخص نفسه مملوكا كشريكه الجنسي يفعل به ما يشاء، إلى جانب تفسيرات أخرى، كالرغبة في الهروب من الواقع، فيما يًصطلح عليه بـ" مساحة رأس الكلب"، والتي يتخلى فيها المرء عن بشريته هربا من المسئولية، ورغبة في العيش كشيء لا يفكر ولا ينشغل بمشكلات.

وهي الحالة التي يعبر عنها أحد المستكلبين بقوله" إن كانت كلبا، فأنت لست ملزما بالتعامل مع أحد كإنسان أو بوصفك مكافئا له تحت مظلة القواعد الاجتماعية للبشر؛ كما يمكنك أن تقفز على المارة أو تتودد لهم للحصول على مكافئة، دون أن تشعر بالعار أو الخجل.

وبالنظر إلى هذا التحور المتطرف من المسئولية، فقد نجد أن التفسير النفسي وحده ليس كافيا لفهم هذه الظاهرة، وأننا بحاجة إلى نظارات أخرى ذات عدسات أكثر ارتفاعا، حيث يرى الفيلسوف العدمي الكبير " أرثر شوبنهور في كتابه " الحياة إرادة وتمثلا"، أن الحياة تتأرجح كبندول بين الألم والملل، فلا شيء أكثر ولا شيء أقل، وكل شيء آخر محض عبث، وفي حياة كتلك تكون اللذة هي مركز الحياة ومحورها، فهي المهرب الوحيدة من وطأة الألم، والمنقذ الوحيد من دوامة الضجر.

لكن الحقيقة أن الحياة التي عبر عنها شوبنهور لم تكن إلا حياة الإنسان العلماني الحديث، ذلك الإنسان المتحرر من الدين، المفارق للإله المنغمس في الطبيعة حتى النخاع، فهو وحده إله نفسه، ولا شيء فوقه، وهنا  تحديدا ينتهي الإنسان.

يذكر الدكتور سامي عمري في كتابه " العلمانية طاعون العصر" أن هذا التغيير الجذري في هوية الإنسان المتعلمن كسر في الإنسان تركيبته وحوله في زمن سيطرة اللذة إلى شيء بسيط ذي بعد واحد أملس بلا تنوءات، باهت بلا ألوان، مكرر بلا تميز، يعيش في خديعة كبرى اسمها الحرية ؛ حيث يفعل ما يريد وينمغس في كل جديد، بينما هو في الحقيقة إنسان مدجن تجذبه اللذة وتحركه.

من هذه النظرة يمكننا أن نفهم لما نجد أن كثير من المستكلبين مثلي الجنس، وثنائي الجنس، فبحسب تقرير " ليام ويجنل Liam Wignall بمنصة " Discovery Society فإنه خلال مقابلاته مع المستكلبين وجد 30 شابا مثلي الجنس أو ثنائي الجنس مما دفعه ليرى أن الاستكلاب نوعا من النشاط الجنسي الغريب، وكأنه امتداد لخط الشهوة واللذة الذي لا نهاية له، والذي يتطلب  تجربة كل جديد بحرية لا سقف لها، فما دامت القيمة مفقودة والمعنى من الحياة مسلوبة، فإن اللذة هي المسعى والملاذ.

ومع ذلك فإن محاولة تفسير الاستكلاب على أنها اضطراب نفسي تضعنا أمام سؤال مهم: ما الفارق بين إنسانا يعرف نفسه كلبا وبين رجل مكتمل الذكورة يصر على أن إمراه ؟، ولماذا يرى المجتمع الغربي هؤلاء مرضى ومضطربين واعتبر الآخرين أحرارا يمارسون حقوقهم ؟

في الوثائقي الكبير المثير ما هي المرأة ؟، حاول الباحث "مات ولش Matt Walash " طوال ساعة ونصف أن يقدم بنا تعريفا محددا وواضحا للمرأة، إلا أنه أراد تقديم ذلك من خلال المجتمع الأمريكي، وذلك من خلال العديد من المختصين الطبيين والنفسيين والاجتماعيين ليجد أن الحصيلة النهائية صفر ؛   نضاب تام، بل وهجوما شديد في بعض الأحيان، فلا أحد يريد تعريف المرأة ولا الرجل، بل ربما لم يصبحوا قادرين على هذه التفرقة من الأساس.

كان هذا الأمر مغايرا تماما عندما نقل " مات والش" بعض دقائق من رحلته لقبيلة بدائية بأفريقيا، فلم يحتاج سؤاله أكثر من ثواني ليجد إجابته واضحة بينة على لسان الجميع، فالمرأة هي من خلقت أنثى، الأمر بهذا الوضوح.

خلال هذا الوثائقي يمكننا أن نعود مرة أخرى إلى ظاهرة الاستكلاب، ونعيد السؤال: لماذا هؤلاء مرضى ؟، بينما الآخرون أحرار؟، هل لأن الهوية البشرية ما تزال صلبة وواضحة حتى في الغرب السائل، بينما الهوية الجندرية والجنسية  تكمنت منها السيولة بشكل تام ؛ هل لأن ظاهرة الاستكلاب صدمة عنيفة لهذه العلمانية السائلة، وكأنها صفعة على وجهها تخبرها إلى أي مدى دمرت العالم، وهتكت معايير الحياة، فيكون رصدها هنا محاولة لتبرئة جنابها؟

لا بأس، فقبل عقود، كانت المثلية جريمة ذات عقوبة، وبيست محض مرض يوصم صاحبه بالاضطراب، والآن هي في أعلى هرم الحقوق والحريات، وفي هذا يخبرنا " Zygmunt Bauman أن الحياة الاستهلاكية السائبة، قد جعلت العالم كله موصوعا للاستهلاك، وهنا تنقلب الحياة إلى ركب متسارع على الرمال المتحركة، فكل استهلاك يصحب وراءه استهلاكا آخر، وما دامت القيمة فإن ما هو مستقبح اليوم، سيكون مقبولا غدا، الأمر يتوقف فقط على عدد الداعمين له، فالإنسان الغربي صار إله نفسه وكلما كثرت الإلهة غلبت بعضها بعضا، وبهذا يكون التغير هو الثابت، ويكون اللايقين هو اليقين الوحيد كما يقول باومن Bauman أيضا، فالفارق بين ضبابية تعريف المرأة في المجتمع الأمريكي المعلمن ووضوحه في المجتمع الإفريقي التقليدي هو الفارق بين مجتمع تأخذه العلمانية رويدا رويدا إلى الهاوية رغم حضارته المادية، ومجتمع تحافظ عليه الفطرة من الخواء والاندثار، إلا أنه ليس ثمة ضامنا لهذه الفطرة إلا الدين، فلو ضربت تحديث هذه القبيلة البدائية، فربما تسيل مفاهيمهم ونراهم يرتدون أزياء الكلاب يوما، فلا مانع من اللذة إلا القيمة، وقيمة في العالم يغير الله.

***

أ.د محمود محمد علي

أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بجامعة أسيوط

....................

المراجع

1- عبدالله صلاح: المستكلبون... ظاهرة غريبة تغزو أوروبا، النيل اليوم للنشر 57:45 م

2- مركز رواسخ:  !الكلاب البشرية.. انحطاط جنسي لم يكن في الحسبان، يوتيوب.

3- مريم بدر الدين: سر ظاهرة "الكلاب البشرية"فى أوروبا، اليوم السابع، الثلاثاء، 29 ديسمبر 2020 12:18 م

4- أحمد السيد: البشر الكلاب، والبشر مقطوعي الرأس، وأمة العيون الواحدة.. مخلوقات غريبة ما بين الأسطورة والتاريخ، نوفمبر 15, 202162845

في المثقف اليوم