بأقلامهم (حول منجزه)

قراءة في: حافات قلقة .. قصة لماجد الغرباوي

لا بد ان اقدم جزيل الشكر الى الاديب القدير الاستاذ سلام كاظم فرج، الذي فتح شهية تبادل الاراء والنقد البناء، الموضوعي، عبر تحليله النقدي بقلمه الثري والقدير لقصة (حافات قلقة) لماجد الغرباوي، والتي نشرت في صحيفة المثقف، بعنوان:  المفكر عندما يكون قاصا*.

وهذه القصة تستحق التوقف والتمعن وتحليل ادائها الفني والتعبيري، من خلال تقنيات السرد وتكتيكاته الفنية، وما فيها من حمولة التعبير الدلالي، والايحاء والمغزى والرمزية، المشبعة بإشعاعات متنوعة في رؤيتها الفكرية، وعملية تناص فعلي وملموس مع مسرح الحدث. وصياغة منطقية لثيمات الواقع. وكذلك لغة النص وحبكته المركبة، التي اعتمدت على تحريك الحدث وتصعيد انطلاقاته الفاعلة، من خلال براعة عنصر التشويق والاثارة، وهو يكتشف دواخل الشخصية المحورية (سعاد)، وسيكولوجيتها التي تدفعها للفعل والفعل المضاد. وقد اتصفت القصة بقوة التعبير عن الحدث المركزي، حدث القصة. وقد نهجت اسلوبية تركيبة، في ثنائية فعل السرد، والفعل الدرامي، لابراز قوامه، القائم داخل منصات التحليل والتمعن، حينما ينمو ويتطور الحدث خلال تحريك شخصية الفاعل، او الشخصية المحورية، وابرازها لمكونات صناعة البطل السلبي، الذي يتعامل بلا مشروعية بدلا من المنطق السليم. ويستغل ثقوب وثيمات الواقع الموجودة، ويتجنب التعامل الموضوعي والمعقول، في المنازلة والصراع والمنافسة . وما شخصية (سعاد) إلا مثالا للبطل السلبي، الذي يركض بلهاث وراء الوهم، ليصدقه كحقيقة قائمة بذاتها: (ما علينا إلا ان نصدق أوهامنا، ونجد من يدافع عنها، حينئذ ستكون هي الحقيقة في أعين الناس، أليس أصدق الحقائق أكذبها ؟؟)

لذلك سنتناول الشخصية المحورية في حدث النص القص (سعاد) في جوانب التعاطي، الذاتي والموضوعي، كحقيققة قائمة يتعامل معها الواقع بفعله المأزوم، المنحرف عن جادة الصواب، في كل الميادين ومنها الشأن السياسي والثقافي. ونتحدث عن لا شرعيته في التعامل والتعاطي، خاصة في المنازلة والصراع والتنافس الذي ينقش حروفه على ثوب الخديعة والمكر والاغراء بشراء الذمم، والدسيسة والخبث، عبر جوقة الطبالين الذين يعرضون بضاعتهم المنافقة، للبيع والشراء. لذلك نفخوا في اصنام الواقع، حتى دبت فيها الروح الالهية المزيفة، لتفرض وجودها على الواقع . ولكن حبل الزيف قصير، فسرعان ما تواجهه الحقائق الدامغة، لترجعه الى حقيقتها الصنمية الحجرية (لكن ... صعقها خواء حلمها) هذه الحقيقة المستخلصة من رؤى الحدث والنص، بأن الزيف سرعان ما يتهدم عاجلاً أم اجلاً . والتي عبرت عنها في دلالية البناء الدرامي، والمضمون الفكري، وتعاملت في توزيع فعل الحدث، بالفعل الصاعد بالتدرج نحو ذروة الصراع، ويمكن توزيع الفعل الدرامي على اللوحات التالية :

1 - اللوحة الاولى: ساحة العرض.. الكل في انتظار الى اعلان نتيجة. الفائزين او المتفوقين من قبل عميد القرية. وتحلم (سعاد) ان تكون في مقدمتهم .

2 - اللوحة الثانية: لحظة اعلان الاسماء، تصاب (سعاد) بالخيبة والاحباط والفشل، فلم تكن ضمن اسماء الفائزين والمتفوقين، كما كانت تحلم

3 - اللوحة الثالثة: تعود الى بيتها تجر اذيال الخيبة والحيرة والفشل .

4 - اللوحة الرابعة: تخطط للانتقام كرد فعل سلبي على الفشل والحيرة والخذلان، بأن احلامها تحطمت بالخيبة .

5 - اللوحة الخامسة: استلهام سلوك الخداع والمكر والخبث والدسيسة، حتى تجبر عميد القرية لتغيير قناعاته لصالحها .

6 - اللوحة السادسة: تتناول كيفية صناعة البطل السلبي والبطولة المزيفة والمخادعة، من خلال اغراء جوقة الطبالين ومدحهم المزيف، المدفوع الثمن، حيث الاغراءات وشراء الذمم بكل الحيل الماكرة، من أجل إعلاء بعض من لا يستحق المقام والشأن، إلا بالزيف والانحراف.

7 - اللوحة السابعة: نهاية المنازلة والصراع والمنافسة، التي أدت الى الخيبة والفشل (ولما حان وقت التحدي، ارادت ان تحمله . لكن .... صفعها خواء حلمها) .

إن الحكمة وراء فكرة القصة، هي ان الحقيقة والجوهر الاصيل لا ينهزم امام الاصنام المزيفة، عاجلاً أم اجلاً، هل تتنافس الزهرة الاصطناعية برائحتها البلاستيكية، الزهرة الحقيقية بعطرها الفواح الريحاني؟

 

جمعة عبد الله

..................

للاطلاع

المفكر يكون قاصا / سلام كاظم فرج

 

حافات قلقة / ماجد الغرباوي