أقلام حرة

"كمشيش" بين الأمس واليوم

السيد الزرقاني- تأتي ذكري 30 ابريل هذا العام علي قرية "كمشيش" بمحافظة المنوفية وقد شهدت القرية الكثير من التغيرات الجذرية في الوعي العام والخاص، تلك القرية التي كانت تعاني في العهد القديم من الأمية والجهل والمرض بفعل فاعل وهو الإقطاع القديم الذي ظل جاثم علي قلوب وعقول أبناء القرية عقودا طويلة، وظلت القرية رهن تلك الارهصات بين الحين والأخر حتي طغي علي السطح بعض القادة التنويريين الذين اخذوا علي عاتقهم رحلة طويلة من الوعي والفكر والتنوير، حتي التحمت تلك القوي مع قادة ثورة يوليو المجيدة، ومن هنا تشكلت أول حركة فلاحيه مقاومة للإقطاع بعد معارك طويلة بينهم من أشهرها معارك "الملال -السد - العربان – معركة الغريبي التي غيرت مصار القانون ....." وتجلت الإحداث عن مجموعة من القادة من غير الفلاحين من أهمهم صلاح حسين وزوجته شاهندة مقلد الأستاذ محمود النجار وشقيقه وشوقي شريف وعلي أمان وبدراوي أمان والفلاحين علي عزام واحمد رجب وعاشور شريف وعبد الستار عبد الخالق والتحم معهم مجموعة من الشباب الناهض منهم زكريا الجندي ومجدي بحيري وفتحي جابر ومدحت النقيب والسيد شهاب الدين وسامي أبو شافعي وفائق ابو شكر ومحمد عمارة وآخرون صنع هؤلاء اقوي ملحمة فلاحية في التاريخ المصري إلي تاريخ القرية السابق في التصدي لضرائب الرومان فيما عرفت بثورة "الزراع " والتي بدأت في كمشيش وامتدت إلي ربوع الدلتا وكانت اقوي ملحمة ثورية ضد أباطرة الرومان، وسطر كل هؤلاء بطولات عظيمة ربما الأجيال الحالية لا تعلم عنها شيء ويكتب فيها كتب ومؤلفات، ومع الأسف عاش كثير الاجيال المتعاقبة رهن الأكاذيب التي روجها الإخوان وغيرهم ومن استفادوا من الحركات الرجعية الساداتية، وتمر الأيام والسنوات وتغير أحوال القرية النضالية مائة وثمانون درجة حيث جرت في النهر مياة كثيرة تلونت الثقافات وتخاذل الكثير من أبناء القرية وانكب البعض منهم علي احد الموردين:

1- مورد العلم فهناك من انكب واجتهد في مجال العلوم المختلفة وانسلخ تماما عن جذوره القروية وهم ضباط وأطباء واساتذه جامعة وليس لهم اي دور ايجابي في النهوض بالقرية نهائيا ونظروا إلي الفلاحين نظرة دونية و تاهت بهم السبل، ونظروا اليهم علي أنهم مجرد وباء وتاريخ اسود يجب الابتعاد عنه والبعض أصبح الفلاحين له منبع استغلالي للثراء وهم كثيرون " أطباء - تجار - ......."

2- مورد الأفكار الجهادية المتطرفة حيث حدث تحول فكري جهادي في عقول الكثير من الشباب بلا اي وعي وكان دورهم سلبي جدا في كل المواقف بل وتخريبي في مواقف أخري وهنا حدث الطامة الكبري وهو الصراع بين الأجيال بل بين إفراد الأسرة الواحد حيث سارعت تلك الجماعات إلي الوقيعة مابين الإباء والأبناء وبذلوا قصار جهدهم الي تجنيد أولاد القادة الثورين وسلخهم من جلود الثقافة والتنوير إلي الانغلاق الفكري والتنويري حتي صاروا، بين ناريين الماضي بكل تجاربه الثورية والتنويرية والتحرر الفكري والحاضر بما يحمله من عداء تام لهذا الماضي بل تشبث بكل ما اوتى من قوة لطمس معالم تلك التجربة الهامة في التاريخ المصري الحديث

- ألان أصبحت كمشيش بها من الأطباء والمهندسين إعداد لا تحصي وضباط شرطة وجيش وأساتذة جامعات وحمله الماجستير والدكتوراه بشكل يختلف تماما عما سبق ولكن كلها مجرد شهادات ومناصب سلخت أصحابها عن الواقع المرير الذي يعيشه مجتمع القرية، يصرخ الفلاحون ولا يجدوا من يساندهم الا البعض من قادة الحركة الفلاحية الذين هرم بهم العمر وأصبحوا في صعوبة من الحركة الا أنهم مازالوا علي العهد باقون ويبقي القضية كما هي الكل تخلي عن الفلاحون وهم من ربوا وعلموا وشربوا طين الأرض من اجل الدكتور والضابط والمهندس والمعلم وغيره من المناصب، وتدق ساعة الحساب ليقف كل واحد أمام نفسه ويحاسب نفسه ماذا قدم لهذه القرية التي حفرت اسمها في صفحات التاريخ بتعب وجهد متواصل من الإباء والأجداد وكانت في مقدمة القرية علي مستوي مصر في الحرية حتي أصبحت قبلة لكل الأحرار والشرفاء في مصر والعالم ....؟؟؟

في ذكري شهداء الفلاحين نفتقد الكثير من المعاني النبيلة التي تعايش بها قادة الحركة الفلاحية في كمشيش، كثيرة هي قيم الفداء والتضحية والوعي التي تميز بها هؤلاء حتي صارت كمشيش بهم قبلة كل الحركات الثورية في 30 ابريل من كل عام، حيث يفد إليها كبار الكتاب والمثقفين، كانت منبرا للحرية في كل العهود، وصار قادة الحركة من أشهر رجال الحركة الثورية حتي الثلاثين من يونيو عام 2013 واليوم بعد ان رحل معظمهم من بقي؟؟

ومن سيرفع راية الدفاع عن الفلاحين خصوصا فلاحي الإصلاح الزراعي المهددين بالطرد والتشرد بين لحظة وضحاها؟؟

هل سنجد من يتولي الدفاع الفلاحين متمسكا بكل القيم والمثل والنقاء والإخلاص لهؤلاء الفلاحين؟؟

سؤال مازال مطروحا ويحتاج الي اجابة فعلية وليست كلامية؟؟

***

كاتب مصري

 

 

في المثقف اليوم