أقلام حرة

شاكر عبد موسى: الانتخابات العراقية القادمة والأمل المنشود

شاكر الساعديإن المجتمع العراقي الجديد بعد أن تخلص من دكتاتورية الحزب الواحد، والقائد الضرورة، وضع له الأمريكان طريقة لا باس في اختيار (مجلس النواب) وهو ما يسمى - نظام التصويت - فهناك صناديق مغلقة تشرف عليها المفوضية العليا للانتخابات، ويدخل كل ناخب يحمل هوية خاصة وراء ستار ليكتب اسم مرشحه سرا، ويضعه في الصندوق بعد ختم أصبعه بالحبر الأزرق.

في ظل “الجدل المستمر”، بشأن قانون الانتخابات النيابية، تبرز دعوات سياسية إلى اعتماد النظام البايومتري في الانتخابات المقبلة المزمع إجراؤها، من اجل عدم مصادرة إرادة الناخبين في البلاد.

والنظام البايومتري هو اخذ بيانات الناخبين الحيوية من البصمة والصورة الشخصية للناخب لغرض ضمان اسمه في الانتخابات، كما يحد هذا النظام الذي تعتمده اغلب الدول المتقدمة من التزوير. كما تم التعاقد مع شركة بريطانية للإشراف على تلك الانتخابات.

العراق بلد الأفكار:

المجتمع العراقي ومن خلال مسيرته التاريخية الطويلة يعتبر مهد الحضارة العالمية ومنبعها الأول في سومر وبابل وأشور، قد لا يخلو تاريخه من مشكلات داخلية وخارجية، وبهذا ترى الناس يتصارعون وينقسمون، وهذا أمر طبيعي لا يمكن الخلاص منه عبر الخطب الدينية التي يتبناها رجال الدين اليوم من على المنابر ولا المحاضرات السياسية التي يطلقها كبار المسئولين في الدولة في أجهزة الإعلام.

فإذا فاز حزب ما في الانتخابات بعد حصوله على أغلبية أصوات الناخبين يجب إن تكون بقيت الأحزاب في صفوف المعارضة وتبتعد عن دفة السلطة التنفيذية، وهو ما لم يحصل في العراق، لان الديمقراطية الموجودة هي ديمقراطية توافقية لا تسمح لحزب أو طائفة أو قومية الانفراد في حكم العراق، فهم إن لم يشاركوا في الحكم لتنازعوا وتناحروا ولعن بعضهم بعضا كما يفعل باعة المفرد في منطقة الشورجة وسط بغداد.

وعند البدء بالحملة الانتخابية يغدق المرشحون الأموال والولائم على الناس وكل واحد فيهم يستعين بإفراد عائلته وعشيرته الأقربون، يعملون له الدعاية بين عامة الناس وتجميل صورته لعله يحضا على مقعد في مجلس النواب أو حقيبة وزارية تمكنه من رد الجميل لمن ساهم في انتخابه، حتى أن البعض منهم حولها إلى وزارة عائلية وضيعة له والى أبناء عمومته وطائفته حتى يأخذ ما يريد دون رقيب.

الصعود القاتل :

عيب إخواننا البرلمانيين أنهم صعدوا فوق كراسي الحكم ولم ينزلوا منها بسهولة، وفي كل دورة انتخابية تجد نفس الوجوه السابقة التي تحاول تبرير وجودها من خلال أجهزة الإعلام فهم خاملون كعادتهم،لا تجدي أفعالهم في تحفيز المجتمع وتطوره، ولم يتعظوا من التظاهرات الشبابية المستمرة في العاصمة بغداد والمحافظات الجنوبية، وما قدمه شباب انتفاضة تشرين من دماء زكية تجاوزت الإلف مواطن بين شهيد ومغيب، ومئات الجرحى والمعوقين .

عملهم هذا كعمل الخليفة العباسي (هارون الرشيد 766- 809) م الذي وجدناه يشتري بأموال المسلمين ثلاث ألاف جارية فلا يحاسبه أو يعترض عليه احد، ولا يمكن القول للسلطان انك ظالم أو مستبد ما لم يُحز رأسه، أما إخوتنا البرلمانيين البعض منهم اشترى فنادق وفلل في دبي وبيروت وغيرها، ولا نعرف هل لديهم جواري أم لا ؟.

والعراقيون لم يصلوا إلى مرحلة الديمقراطية الناضجة رغم مرور ما يقرب من عشرين عاما على سقوط الدكتاتورية البعثية، بسبب الأجنحة المسلحة للأحزاب الحاكمة من جهة، والتدخلات الأجنبية في شؤون العراق، والسلاح المنفلت الذي يستخدمه الطفل والمرأة والرجل على حد سواء، وبذلك ضعف الحاكم إمام تلك الأجندة الجديدة، واستطاع الكثيرون مقارعة الدولة بنفس السلاح .

بينما كان صدام وحزبه يملك من الجلاوزة الغلاظ،والحرس الجمهوري الخاص، والأمن والمخابرات ومليشيات حزبه عدداً يصعب على الآخرين مقارعته والنيل من حكمه، ما اضطر المعارضون لحكمه الهرب خارج العراق، ومن تبقى منهم داخل العراق فتك به، مثلما فتك الحجاج بن يوسف الثقفي بأهل الكوفة.

النظام الانتخابي:

ولكن يبقى النظام الانتخابي أفضل من النظام الدكتاتوري المستبد لان البلد يتقدم فيه بالتنافس والتنازع رغم إراقة الدماء وخسارة الأموال .

فمنذ إعلان الجمهورية في العراق عام 1958 حتى عام 2003 حكم العراق خلال تلك الفترة البالغة (46) عاما خمسة رؤساء، ولم ينه أي منهم مدة رئاسته بسلام، فقد تنحوا عن رئاستهم بالانقلاب العسكري والقتل أو العزل الخفيف أو العنيف، ومنذ عام 2004 حتى عام 2021 حكم العراق أربعة رؤساء، جاء ثلاثة منهم عن طريق الانتخابات البرلمانية .

بعد عام 2003 انقلبت الصورة حينما وصل إلى الحكم من يشعر انه قد تبوأ المنصب بفضل هذه الدولة أو تلك، وان بقاءه فيه يعتمد على جعل البلاد تابعة لهذه الدولة أو تلك،وإنما ينطبق على كل ممثلي المكونات الأخرى، فمثلما هناك قسم يعتبرون إيران هي مرجعيتهم وأنهم يجب أن يفعلوا كل ما في وسعهم لإرضائها، فان هناك من يعتبر تركيا كذلك، وآخرون ينظرون لدول الخليج بنفس النظرة، وقسم رابع ينظر إلى الولايات المتحدة الأمريكية بنفس الطريقة، لذلك أصبحت مسألة التنمية الاقتصادية مسألة مستعصية على الجميع لأسباب داخلية تتعلق بالفساد وضعف الضمير الوطني، وخارجية تتعلق بإغراق السوق العراقية بالسلع والبضائع المستوردة من دول الجوار.

إن مسألة استخدام الموارد الطبيعية ليس قضية فنية أو سياسية فحسب بل هي مسألة حقوقية وبيئية في المقام الأول، والمتابع لملفات إدارة الموارد الطبيعية في العراق، وخاصة البترول والغاز الطبيعي، يجد أن غالب هذه الحقوق قد جرى إهدارها، بسبب ممارسات الفساد، ونتيجة لانعدام الشفافية وغياب ضمانات للمشاركة الحقيقية للمواطنين في اتخاذ القرارات الاقتصادية الحيوية.، وعدم مراعاة الجانب البيئي والإنتاجي.

 

شاكر عبد موسى / كاتب وأعلامي

 

 

في المثقف اليوم