تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام حرة

صادق السامرائي: مجتمعات الدنيا عليلة!!

"تواصى كلُّ كرْسيٍّ بداءٍ

فلا تعْجَبْ لداهيَةِ البلاءِ"

القول بأن العلة في المجتمع العربي إنحراف تفكير وسوء تقدير، وإمعان بالإنحدارية والإنهزامية، فمجتمعات الدنيا بأسرها عليلة والكرسي داؤها ودواؤها، الكرسي الذي يمثل الرأس، فإذا إعتل الرأس فالمجتمع سيكون عليلا.

المجتمع الصيني عليل، والكوري والياباني والأندونيسي والماليزي والهندي والسنغافوري، والمجتمعات الغربية، وما حصل فيها أنها حظيت بكراسي وطنية ذات عافية حضارية، تمكنت من تطبيبها ورسم خارطة إنطلاقها السعيد إلى المستقبل الأفضل.

فالصينيون لم يصنعوا أنفسهم، وإنما أوجدهم قادتهم وفي مقدمتهم "ماو" الذي أعاد ترتيب آليات تفكيرهم، ووظف شعره كأداة لترميم وتهديم ما في الرؤوس من آليات عليلة تعيق الحركة للأمام.

المجتمعات تحركها الأفراد، والحضارات تصنعها الأفراد، والمجتمعات تتبعهم.

وفي زمننا المعاصر الهاتف النقال إبتكره فرد وسارت المجتمعات خلفه، وأصبح جزءاً من الفرد، فالمجتمع بأسره مرهون بالهاتف النقال، وكذلك الإنترنيت ووسائل التواصل المتنوعة، والمبتكرات الأخرى كالسيارة والطيارة، وغيرها الكثير من منتوجات الأفراد التي سادت المجتمعات.

فالأفراد يطوّرون المجتمعات، ولا يوجد مجتمع يصنع نفسه دون فرد يرشده ويقوده، وفي تأريح الأمة "محمد" الفرد الواحد صنع الأمة وأطلق ما فيها من القدرات الحضارية، فصار المجتمع رهن الفرد الذي أوجد كينونته الجديدة،، أو أولده من رحم ذاته بعد أن فجر طاقاته، وإستثمرها لبناء القوة والدولة والحياة الواعدة.

فالذين يتهمون ويلومون المجتمع مضللون ودجالون، ويبررون المظالم، ويحررون الكراسي من المسؤولية .

وحتى الديمقراطية مرهونة بالفردية، وتعاني منها المجتمعات التي تأتي بالأفراد وتضعهم في الكراسي، فتكتشف عدوانيتهم ونواياهم .

حصل ذلك في ألمانيا وإيطاليا، والعديد من الدول الغربية الديمقراطية، فالمجتمع يأتي بالفرد الذي يخدعه ويوهمه بأنه الأصلح والأقدر، وإذا به حال جلوسه على الكرسي، يخلع ما عليه من أقنعة، ويتنكر لوعوده وأقواله، وينغمس في رغباته وما تمليه عليه النفس الأمّارة بالسوء، لأن الكرسي من أهم القوى التي تطلقها وتعززها، فقانون الكرسي أقوى من قانون المجتمع مهما توهم .

فالكرسي يصنع ويبيد، والمجتمعات تريد!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم