أقلام حرة

صادق السامرائي: الأشخاص والزمن!!

لكل زمان أشخاصه وعلاماته الفارقة، والزمن مقرون بمجايليه، والأجيال ولودة، فمِن رحمها تأتي الرموز والقدرات الإبداعية المتنوعة، وهي مرهونة بآليات زمانها، وما فيه من العناصر التي تفاعلت لصناعة حالة ما.

وللزمن قوانينه، ولابد من بضعة أشخاص في أي جيل تتوافق تطلعاتهم مع قوانينه، فيتحركون بسرعة فائقة نحو أهداف رسموها أو رُسمت لهم، ولن يتقدم شخص في سلم الأيام، إن لم تتناغم خطواته مع إيقاعات الزمن الذي هو فيه.

فلو قسّمنا أي قرن إلى ثلاثة أقسام، ودرسنا الأشخاص فيها، لتبين الفارق بين الحالات الثلاثة، على أن القرن وعاء ثلاثة أجيال أو أربعة.

ونحن في الربع الأول من القرن الحادي والعشرين، بدأنا لا نستسيغ ما أنتجه الربع الأخير من القرن العشرين، لأننا في عالم مغاير.

فكيف يصح في الأفهام، إستحضار أشخاص من بطون القرون الغابرات، وفرضهم على مجتمعاتنا المعاصرة؟

هل أن أدعياء هذا الإستحضار المريب يريدون إيهامنا بأن الأرض لا تدور؟!!

إنها من عجائب الإقترابات التي يريد بموجبها المفكرون وأمثالهم، أن يستنجدوا بأشخاص القرون الوسطى لحل مشاكلنا في القرن الحادي والعشرين!!

إنه سلوك يمثل عجزهم ونضوبهم وإنقطاعهم عن الواقع الزماني والمكاني لمجتمعاتهم، وبأنهم مرهونون بالنظريات التي أودعت في رؤوسهم من قبل أساتذتهم في الجامعات الأجنبية، فتوهموا فيها الحل الناجع ففشلوا وإندحروا في الغابرات، تعبيرا عن نكوصهم الإدراكي.

الغابرون لا يعرفون مشاكلنا المعاصرة، وعلينا أن ننطلق منهم لا بهم، ونبني آلياتنا المتوائمة مع التحديات التي تواجهنا، فما تصدوا له يختلف عما نتصدى له، فكيف يمكن لذلك أن يكون حلا لهذا الذي نعيشه ونقاسيه؟

تلك أمة خلت.. وعلينا بأمتنا المعاصرة التي نحن فيها!!

فأين الذين يتفكرون ويتعقلون ويقرأون؟!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم