أقلام حرة

نهاد الحديثي: من يكتب عن كبار السن المتقاعدين؟

تساؤلات يطرحها امثالنا من كبار السن المتقاعدين، حياتهم وما آلت اليهم أمورهم الحياتية مع أسرهم ومجتمعهم، فهم قد يرقدون ولا ينامون، وقد يأكلون ولا يهضمون، وقد يضحكون ولا يفرحون، وقد يوارون دمعتهم تحت بسمتهم، يؤلمهم بُعدُك عنهم، وانصرافُك من جوارهم، واشتغالُك بهاتفك في حضرتهم، لم يعودوا محور البيوت وبؤرة العائلة كما كانوا قبل، فمن يهتم بهم، حوائجهم أبعد من طعام وشراب وملبسٍ ودواء بل وأهم من ذلك بكثير، قريبون من الله دعاؤهم أقرب للقبول، فقدوا والديهم وفقدوا كثيراً من رفقائهم، فقلوبهم جريحة ونفوسهم مطوية على الكثير من الأحزان، الكلمة التي كانت لا تريحهم حال قوتهم الآن تجرحُهم والتي كانت تجرحهم الآن تذبحُهم، لديهم فراغ يحتاج عقلاء رحماء يملؤونه، يحتاجون من يسمع لحديثهم ويأنس لكلامهم ويبدو سعيداً بوجودهم، غادر بهم القطار محطة اللذة وصاروا في صالة انتظار الرحيل، ينتظرون الداعي ليلبوه، يحتاجون إلى بسمةٍ في وجوههم، وكلمةٍ جميلة تطرق آذانهم، ويداً حانية تمتد لأفواههم وعقلاً لا يضيق برؤاهم، هم الأب والأم والجد والجدة وسواهم من ذوي القرابة ممن شابت شعورهم ويبست مشاعرهم، اجعلهم يعيشون أياماً سعيدة ولياليَ مشرقة ويختمون كتاب حياتهم بصفحات ماتعة من البر والسعادة، حتى إذا خلا منهم المكان لا تصبح من النادمين، كن العِوضَ عما فقدوا وكن الربيعَ في خريف عمرهم وكن العُكّازَ فيما تبقى، سلامٌ عليهم وسلامٌ على من يراعونهم، كبار السن سيذهبون وعما قليل ستكون أنت هذا الكبيرَ المسنَّ... فانظر ما أنت صانع وما أنت زارع، حفظ الله أهلينا ورحم كبارنا ومن سبقنا إلى جنات عليين،

قد نشعرنحن اعمار الستين وصعودا ،بغربه داخل أسرتك فأنت مختلف عنهم وأنت ترى ما لا يرونه، فخيالك أوسع وأكبر من تصوراتهم وهذا قد يسبب لك الكثير من المعاناة، فتعرف الكثير عن أسرتك وعن أقاربك وعن مجتمعك وتعرف كثيراً عن دوافع ومسببات أكثر الأفعال والتصرفات وعن السلوكيات اليومية، تتعلم كذلك أن جرحك لا يؤلم أحداً سواك، وأنك لو تألمت فسوف يكون ذلك مفيداً لغيرك بل إن من يبكي حولك لا يفيدك بشيء.

***

نهاد الحديثي

في المثقف اليوم