أقلام حرة

مزهر جبر الساعدي: قرار مجلس الامن الدولي (2720).. الغاية والهدف

تستمر الحرب الاسرائيلية على الفلسطينيين في غزة، وتقترب من اتمام الشهر الثالث، دون أن تلوح بارقة امل في وضع حد لهذه المجازر التي ترتكبها دولة الاحتلال الاسرائيلي، على الرغم من التنديد العالمي بها. عجزت الامم المتحدة في ايقاف هذه المحارق، كما عجز ايضا، مجلس الامن الدولي في اصدار قرار، يلزم اسرائيل بالتوقف عن هذه الابادة. ان هذا يشكل بحد ذاته؛ ادانة للنظام الدولي، الذي يعمل منذ اكثر من ثلاثة عقود، والى الآن؛ وفقا للقواعد والمعايير الامريكية، وليس وفقا لقواعد وقوانين النظام الدولي، التي تم وضعها، على ما فيها من ظلم ودكتاتورية القوى الدولية، العظمى والكبرى، بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. لقد وقفت امريكا كما هو ديدنها مع اسرائيل، بكل ما تمتلكه من قوة عسكرية، واقتصادية واعلامية وثقل سياسي في المحيط الدولي. استخدمت مجلس الامن الدولي لصالح اسرائيل، او لحمايتها، عبر مقعدها الدائم فيه. فهو أداة وآلية لضبط ايقاع العنف والحرب الدوليين، أو العمل على ايقافها في الفضاءات العالمية؛ لكنه، لم يتمكن من ايقاف؛ اغلب الحروب والصراعات في المعمورة؛ لأنها حرب انابة عن هذه الدولة العظمى او تلك الدولة العظمى؛ الا باتفاق هذه القوى الدولية.  فقد عطلت امريكا؛ اصدار قرار من مجلس الامن الدولي، يلزم اسرائيل بوقف مذابحها هذه في القطاع؛ باستخدامها حق النقض الفيتو قبل عدة ايام؛ واحالة دون تمرير قرار بهذا الخصوص، ثم عادت مرة اخرى وحولت مشروع القرار الاماراتي، الى مشروع لصالح اسرائيل؛ بعد ان تمكنت من افرغ اصل المشروع من محتواه ومضمونه، اذ، عطلت طرحه لعدة مرات، كانت خلالها تتفاوض مع دولة الامارات العربية في تعديل فقراته، حتى صار الى ما صار اليه. لقد كان هذا القرار في صلب ما هو فيه، من فقرات، جميعها لصالح الحرب الاسرائيلية على الفلسطينيين في غزة. فلم يتضمن اي فقرة تشير الى وقف الحرب، بل اشار القرار بدلا من وقف الحرب؛ الى تهيئة الظروف السياسية الى وقف مستدام للحرب الاسرائيلية، اضافة الى فقرات اخرى هي في المحصلة لصالح الحرب الاسرائيلية على الشعب الفلسطيني على غزة. ماذا تعني تهيئة الظروف والاوضاع لأبرام اتفاق وقف الحرب؟ تعني تماما؛ افساح الطريق والزمن لإسرائيل في انجاز مهامها كما هي تقول عنها في القطاع، اي ان تستمر اسرائيل في الابادة والاجرام. ان هذا يشير وفي اهم واخطر ما يشير اليه؛ ان هناك اتفاق بين اسرائيل وامريكا في الذي تقوم به اسرائيل من حرب اجرامية. اما القول الذي يتردد باستمرار؛ من ان امريكا بايدن على خلاف مع اسرائيل نتنياهو ما هو الا خداع وكذب من اوله الى اخره. ان امريكا لا تدعم اسرائيل فقط، بل انها شريكة لها، في هذه الجرائم. ربما ان هناك خلاف في نوعية الحرب لجهة اتساعها، وفي شكل وطريق ادارتها، اما اساسها ومنطلقاتها واهدافها؛ فهي امريكية اسرائيلية بلا ادنى شك. دولة الاحتلال الاسرائيلي، ربما تخطط ان تدير غزة لفترة انتقالية، هذا حسب المخطط الاسرائيلي، وليس حسب حركة الواقع، بما فيه؛ من مقاومة بطولية؛ سوف تفشل هذه الخطط حتما. جيش الاحتلال الاسرائيلي يدفع في كل يوم يمر كلفة باهظة في الافراد وفي المعدات وفي الاقتصاد، بالإضافة الى اهتزاز الامن داخل اسرائيل، الذي سوف يؤثر على حس الاطمئنان والأمان الذي كان يشعر الاسرائيليين به، قبل طوفان الاقصى. امريكا تقول من انها لا تريد ان تتوسع هذه الحرب اي ان تظل بين اسرائيل والمقاومة الفلسطينية، إنما في حقيقة الهدف الامريكي من هذا؛ هو تمكيَن اسرائيل؛ لتنفرد في حربها الاجرامية على القطاع. لكن عندما اخفقت اسرائيل او قد منيت بالخسارة في حربها هذه؛ بدأت كل من اسرائيل وامريكا، محاولة جر اطراف اخرى، الى هذه الحرب، مع حرصهما على ابقاءها تحت السيطرة، وليس حرب مفتوحة؛ في لبنان وفي البحر الاحمر؛ للتغطية على فشل الحرب الاسرائيلية في تحقيق اهداف حكومة الحرب الاسرائيلية المتطرفة والعنصرية والمجرمة، هذا اولا وثانيا؛ لخلط الاوراق وصرف الانظار عن مذابح اسرائيل، وثالثا؛ الضغط على حزب الله، عبر الحكومة اللبنانية وحكومات اخرى عربية وغير عربية؛ للانسحاب الى شمال الليطاني. قبل ايام اعلنت اسرائيل من انها سوف تشكل لجان في شمال القطاع للأشراف على المساعدات الانسانية التي سوف تدخل الى القطاع؛ تطبيقا للقرار الأخير سيء النية في المنطلق والأداة والهدف، هذا هو المعلن؛ أما الذي لم يعلن؛ فهو ربما تمهيد لإدارة اسرائيل لشمال غزة مع فصل الجنوب عنه، او لاحقا زحف هذه اللجان إليه. في رأيي ان هذه التحركات لها اهداف اخرى؛ هي غير ما معلن ومكشوف عنه. لذا ان قرار مجلس الامن الأخير؛ سوف يمنح اسرائيل فرصة لتنفيذ هذه الاهداف في الزمن الذي تريده او الذي هي قادرة عليه، ربما لعدة اشهر اخرى، ولكن بطريقة اخف واقل وطأة وكلفة واثمان على اسرائيل. في الختام اقول: ان دولة الاحتلال الاسرائيلي؛ سوف تخسر حربها الاجرامية هذه، وسوف يكون الانتصار للمقاومة الفلسطينية..

***

مزهر جبر الساعدي

 

في المثقف اليوم