أقلام حرة

صادق السامرائي: الإعلام بين التعبوية والوَعيوية!!

من النادر أن تجد محطة إعلامية (تلفازية، أو موقع إنترنيت وأي وسيلة تواصل إحتماعي)، ذات مناهج توعَوية (من الوعي أي الفهم)، فمعظمها تعبوية، وهدفها تأمين الإستثمار بالشرور والعدوانية والفرقة والكراهية.

لكل منها أجندته المناهضة لنهضة الأمة، وتدفق طاقاتها في مجاري الحياة المعاصرة.

مَن الذي يدير ويموّل هذه المنابر؟

الجواب واضح، هم أبناء الأمة المُسخَرون لخدمة أعدائها!!

وهذا يوفر الفرص الثمينة للمفترسين لغرز أنيابهم في بدن وجودنا، وتحفيز عناصر الهدف لتكون نشاطاتها مواليه للذي يريده، فمكوّنات الهدف تحوّلت إلى عدو للهدف، أي تؤهله ليكون فريسة سهلة للطامعين به.

وعلى هذا المنوال تمضي مسيرة التداعيات والويلات المؤجَجة بالتصريحات والخطابات التعبَوية، اللازمة لإنهاك الأمة وتبديد قابلياتها على الحياة الحرة الكريمة.

ويبدو أن الراغبين بأكل فريستهم على موائد سعيد مَن إكتفى بغيره، وجدوا بالدين غايتهم فتحوّلت العمائم المؤديَنة إلى عوامل مساعدة لتعبئة التابعين القابعين في ميادينهم القطيعية، وإعدادهم للإنقضاض على الهدف المطلوب، وهم كالمنوَمين المثمولين بالضلال والبهتان، والمؤهلين للموت إختيارا.

وبموجب أجندات الإستحواذ على البلاد والعباد، صارت خطابات العمائم المؤديَنة تعبوية طائفية تحث على الفرقة والتباغض، والعدوانية الشديدة بين أبناء الدين الواحد وابوطن الواحد، فتدمرت مفردات الفضيلة وتسيّدت الرذيلة بعناصرها الدخيلة النكراء.

ترى لماذا لا يهتم الإعلام بالتوعية بدلا من التعبئة السلبية لأبناء الأمة ضد بعضهم؟

الوعي قوة، والجهل وسيلة مهمة لإستعباد البشر، ولابد من نشر الجهل وتنمية المشاعر السلبية، ليبقى المعممون وأصحاب الكراسي قابضين على أعناق المواطنين!!

وتلك حقائق معفرة بالدموع والدماء والحسرات والأنين!!

و"عزيز على الأوطان أن شجاعة... تمزقها الشحناء من غير طائل"!!

"فلا تكونن من الجاهلين"!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم