أقلام حرة

محمد عبد الكريم: مستقبل الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط

بدأت منطقة الشرق الأوسط، المعروفة باحتياطاتها الهائلة من النفط والغاز، في التحول نحو مصادر الطاقة المتجددة لمكافحة تغير المناخ وضمان الاستدامة للأجيال القادمة. ويعود هذا التحول إلى عوامل مختلفة بما في ذلك انخفاض تكاليف التقنيات المتجددة، وزيادة الضغط العالمي للحد من انبعاثات الكربون، والرغبة في تنويع مصادر الطاقة لضمان أمن الطاقة.

تعتبر الطاقة الشمسية من أهم مصادر الطاقة المتجددة الواعدة في الشرق الأوسط. ومع وفرة ضوء الشمس على مدار العام، تتمتع بلدان هذه المنطقة بإمكانيات هائلة لتسخير الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء. في الواقع، قامت دول مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والأردن بالفعل باستثمارات كبيرة في مشاريع الطاقة الشمسية وهي في طريقها لتصبح رائدة عالميا في إنتاج الطاقة الشمسية.

كما تكتسب طاقة الرياح المزيد من الاهتمام في الشرق الأوسط، حيث تستثمر دول مثل مصر وإيران والمغرب في مزارع الرياح لتوليد الكهرباء النظيفة. توفر الجغرافيا الفريدة للمنطقة، مع الصحاري والسواحل الشاسعة، ظروفًا مثالية لتوليد طاقة الرياح، مما يجعلها خيارًا قابلاً للتطبيق لتطوير الطاقة المتجددة.

علاوة على ذلك، يتمتع الشرق الأوسط بإمكانات كبيرة للطاقة الحرارية الأرضية، خاصة في البلدان ذات النشاط البركاني مثل تركيا وإيران. تتميز الطاقة الحرارية الأرضية بكونها مصدرا ثابتا وموثوقًا للطاقة المتجددة، فضلاً عن كونها أكثر فعالية من حيث التكلفة من الوقود الأحفوري التقليدي على المدى الطويل.

الطاقة الكهرومائية هي مصدر آخر للطاقة المتجددة التي يمكن استخدامها في الشرق الأوسط، وخاصة في البلدان التي لديها إمكانية الوصول إلى الأنهار والمسطحات المائية مثل تركيا وإيران. في حين أن مشاريع الطاقة الكهرومائية يمكن أن يكون لها آثار بيئية كبيرة، فإن التخطيط والإدارة الدقيقين يمكن أن يساعدا في تقليل هذه الآثار وضمان التنمية المستدامة.

وبالإضافة إلى هذه المصادر، يمكن أن تلعب تقنيات الطاقة الحيوية وتحويل النفايات إلى طاقة أيضا دورا مهما في مستقبل الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط. يمكن لبلدان المنطقة استخدام موارد الكتلة الحيوية مثل النفايات الزراعية، والنفايات الصلبة البلدية، والنفايات العضوية لتوليد الكهرباء والحرارة، وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وتخفيف التلوث البيئي.

على الرغم من الإمكانات الهائلة للطاقة المتجددة في الشرق الأوسط، إلا أن هناك العديد من التحديات التي يجب التغلب عليها لتحقيق هذه الإمكانات. وتشمل هذه التحديات الحواجز التنظيمية، والافتقار إلى البنية التحتية، ومحدودية خيارات التمويل، والحاجة إلى تنمية القوى العاملة الماهرة. ومع ذلك، فمن خلال التخطيط الاستراتيجي والتعاون بين الحكومات والقطاع الخاص والمنظمات الدولية، يمكن معالجة هذه التحديات وتسريع نشر الطاقة المتجددة في المنطقة.

أحد المحركات الرئيسية لمستقبل الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط هو الاعتراف المتزايد بالفوائد الاقتصادية للطاقة النظيفة. ويمكن للاستثمارات في مشاريع الطاقة المتجددة أن تخلق فرص عمل، وتحفز الاقتصادات المحلية، وتقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري المستورد المكلف. وهذا التحول نحو اقتصاد الطاقة النظيفة يمكن أن يعزز أيضًا أمن الطاقة ويقلل من التعرض لتقلبات سوق الطاقة العالمية.

علاوة على ذلك، فإن التحول إلى الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط يمكن أن يساعد المنطقة على الوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاق باريس والمساهمة في الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ. ومن خلال الحد من انبعاثات الكربون وتعزيز التنمية المستدامة، يمكن لبلدان الشرق الأوسط أن تلعب دورا حاسما في المعركة العالمية ضد تغير المناخ وتمهيد الطريق لمستقبل أكثر استدامة للأجيال القادمة.

في الختام، يبدو مستقبل الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط واعدا، مع إدراك دول المنطقة بشكل متزايد للفوائد الاقتصادية والبيئية والاجتماعية للطاقة النظيفة. ومن خلال تسخير الموارد الطبيعية الوفيرة المتاحة في المنطقة والاستثمار في تقنيات الطاقة المتجددة، يمكن لمنطقة الشرق الأوسط أن تقود التحول نحو نظام طاقة أكثر استدامة ومرونة يستفيد منه الأجيال الحالية والمستقبلية.

***

محمد عبد الكريم يوسف

في المثقف اليوم