كتب واصدارات

"مِلكمَن".. للروائية آنا بيرنز

(كان الإشراق في ذلك الوقت أمراً  سيئاً و"شدة الحزن" أمراً سيئاً و "المرح الزائد" أمراً سيئاً، بمعنى أنه كان ينبغي لك أن تحيا دون أن تكون شيئاً، ودون أن تفكر، فإن فكرت ينبغي أن لا يبدو تفكيرك على المستوى السطحي الظاهر، ولذلك كان الجميع يغلقون على اأفكارهم ويحفظونها في تجاويف أعماقهم).. آنا بيرنز من روايتها " مِلكمَن " منشورات دار أثر

كانت اول كاتبة من شمال ايرلندا بجائزة مان بوكر التي تعود على صاحبها بالشهرة وارتفاع المبيعات.

"مِلكمَن" او "بائع الحليب" هي الرواية الثالثة  للروائية آنا بيرنز التي ولدت عام 1962 في مدينة بلفاست بايرلندا الشمالية، قالت بعد اعلان فوزها بالجائزة عام 2018: انها " سعيدة جدا، ليس من اجل الرواية، وانما من اجل قيمة الجائزة التي ستساعدني على تسديد ديوني".

تعترف بفضل الأدب الانكليزي عليها، وتخص الشاعر ت.س. اليوت بتحية لانها تعلمت منه  إنه لا يمكن أن تصبح عالميا دون أن تكون محليا خالصا. كانت قد صرحت للغارديان اثناء وصول روايتها الى القائمة القصيرة انها لم تستطع إخفاء دهشتها عندما سمعت اسمها بين الروايات الست المرشحة لأكبر الجوائز البريطانية.

رئيس لجنة تحكيم الجائزة قال عن فوزها: "لم يقرأ أحد منّا شيئا كهذا من قبل. إن صوت آنا بيرنز المميز تماما يتحدى الشكل والتفكير التقليديين بنثر مدهش وطاغٍ. "إنها قصة عن الوحشية والاعتداء الجنسي والمقاومة مطعمة بدعابة لاذعة. إن الرواية التي تدور أحداثها في مجتمع منقسم على نفسه تستكشف الأشكال الخفية التي يمكن أن يتخذها القهر في الحياة اليومية".

تدور أحداث "مِلكمَن"، في مدينة لا تذكرها الرواية بالاسم خلال الاضطرابات الدامية في أيرلندا الشمالية، وتروي حكاية فتاة تبلغ من العمر 18 عاما تعرف بأسم "الأخت الوسطى"، تتعرض للتحرش  الجنسي من قبل شخص  يطلق عليه اسم  بائع  الحليب رغم انه لا يمارس هذه المهنة، كان في السابق  عسكريا شديد القسوة.

مثل ابن بلدها جيميس جويس، ارادت ان تقدم حياة الناس في بلدتها:" "لقد نشأت في مكان مليء بالعنف وانعدام الثقة والارتياب والشعور بالاكتئاب من قبل أشخاص يحاولون التنقل في هذا العالم والبقاء فيه بأفضل ما يمكن".

استمدت بيرنز، التي ولدت في بلفاست وتعيش الآن في شرق بريطانيا، خبراتها الخاصة التي نشأت في ما وصفته "بالمكان الذي ينتشر فيه العنف وانعدام الثقة والبارانويا". بينما يضغط رجل الحليب على التقدم الذي أحرزه على أخته الوسطى المترددة، تبدأ الشائعات بأنها تواجه علاقة غرامية معه. "لكنني لم أكن على علاقة مع رجل الحليب. لم يعجبني رجل الحليب وكان خائفاً ومربكاً بسبب سعيه وراء علاقة غرامية معي"

قالت للغارديان عن شخصية بائع الحليب:" لا اعتقد انه يمثل شخص محدد، انه مجتمع باكمله تدور حياته حول القسوة والعنف.. في الرواية لم يعمل في مهنة بائع الحليب، لم يكن هناك حليب عنده."

تعمدت الكاتبة عدم إطلاق أسماء على شخصياتها في الرواية، حتى من تقوم بالسرد فيها تشير إلى نفسها بأنها "الأخت الوسطى".

وفي حديثها بعد فوزها، قال آنا بيرنز لبي بي سي: "الكتاب لا يحقق المطلوب من خلال الأسماء فقط".

وأضافت:"أعتقد أن الأمر له علاقة بالعمل، هناك افتقار إلى الأمان في أن تكون صريحا في الكتاب وتعلن من أنت، ولكن في الحقيقة، إذا ذكرت الأسماء فقد فقدت قوتها، وفقد أيضا الجو العام".

وعن تأثير تجربتها الحقيقة على كتاباتها، قالت "لقد نشأت في بلفاست، وكان لها تأثير كبير على الكتاب، حيث كتبت عن مجتمع بأكمله تأثر بالعنف والحياة تحت ضغط شديد ".

في نفس العالم 2018 حازت رواية " "بائع الحليب" على جائزة النقاد البريطانيين وفي عام 2019 تحصد جائزة جورج أورويل لروايات الخيال السياسي".

***

علي حسين – كاتب

رئيس تحرير صحيفة المدى البغدادية

 

في المثقف اليوم