أوركسترا

الضوء والإنارة والألوان في السينما (1-4)

La Lumière, l’éclairage et les couleurs au Cinémaجواد بشارة

مدراء تصوير واكبوا الموجه الجديدة

Truffaut فرانسوا تروفو ، جون لوك غودارGodard ، Varda أنييس فاردا هؤلاء بعض من رواد الموجة الجديدة في السينما الفرنسية و هي حركة ظهرت في نهاية الخمسينات من القرن الماضي ، أسسها صانعو الأفلام الشباب الجدد آنذاك لتحدي السينما الفرنسية التقليدية.

كان ذلك في عام 1957، عندما نشرت الصحافية والكاتبة فرانسواز جيرو في إحدى المجلات الكبيرة عنوانًا سيشير قريبًا إلى حركة فنية: "الموجة الجديدة قادمة!"  وكانت تعني ما سيحدث في الأدب من تطور حداثي". في ذلك الوقت، خاطب طرحها على نطاق واسع عقول وأفئدة هؤلاء الشباب، الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عامًا، الذين بدأوا في رفع أصواتهم في تلك السنوات. في وقت لاحق، استخدم بيار بيلارد هذا المصطلح لتحديد تيار ناشئ في السينما الفرنسية.

لكن ماذا يمثل مصطلح الموجة الجديدة عندما نتحدث عن السينما؟، تم إنشاء النظام السينمائي الانتاجي في فرنسا، لغاية نهاية الخمسينات، بشكل مثالي، وفق سياق ونظام الممثلين النجوم، وميزانيات الانتاج الكبيرة، والأفلام التي يتم تصويرها في الاستوديوهات مع فرق تصوير كبيرة ومعدات ضخمة، كل هذا أمر شائع للأفلام في ذلك الوقت. ولكن بعد ذلك وصل فنانون جدد، متحمسون لإحداث ثورة في هذه البيئة وتقديم أفلام شخصية أكثر تأليفًا، لتقديم رؤية جديدة للسينما. لتحقيق ذلك، وبفضل التقدم التقني في ذلك الوقت، خرج هؤلاء المخرجون الشبان إلى الشوارع، مسلحين بكاميرات أخف وفرق تصوير أصغر لالتقاط نوع جديد من السينما وتثبيته على الفيلم الخام ولكن بأسلوب مغاير لما أعتاد عليه السينمائيون التقليديون والجمهور. من بينهم، نجد فرانسوا تروفو، جان لوك غودار، كلود شابرول، أنييس فاردا، آلان رينيه، جاك ديمي وإريك رومير. بدأ الكثيرون منهم كنقاد في مجلة كراسات أو دفاتر السينما كاييه دي سينما Cahiers du Cinema منذ بضع سنوات حيث ستتشكل الخطوط العريضة لهذه الحركة الشابة نظرياً.

وعلى الشاشة، اكتشف الجمهور الفرنسي في عام 1959 ما لا يقل عن فيلمين من تأليف وإخراج كلود شابرول، والتي ستكون ركائز هذه الموجة الجديدة: سيرج الجميل Le Beau Serge وأبناء العمLes Cousins. وفي نفس العام، يقدم آلان رينيه Alain Resnais رائعته الروائية فيلم هيروشيما حبيبتي Hiroshima mon amour وفرانسوا تروفو يخرج فيلم الأربعمائة ضربة، Les Quatre Cents Coups، فيلمان شاركا في مهرجان كان السينمائي. تبعهما جون لوك غودار في عام 1960 مع فيلم على آخر نفس À bout de souffle ، الذي مثل فيه دورا البطولة جان سيبيرغ وجون بول بيلموندو بينما عرضت آنييس فاردا Agnès Varda  فيلمها الروائي الطويل كليو من 5 إلى 7 في عام 1962. نجد في هذه الموجة الجديدة وجوهًا أنثوية رمزية للسينما الفرنسية مثل كاترين دينوف، بريجيت باردو Bardot أو جان مورو Jeanne Moreau أو آنا كارينا Anna Karina ...ووجوه رمزية ذكورية مثل جون بول بلموندو وآلان ديلون وجون بيير ليو Jean-Pierre Léaud وغيرهم.

وهكذا أطلقت الموجة الجديدة. لكل منهم، الحرية هي في صميم أسلوب ومنهجية صناعة الفيلم، أي حرية سرد قصص ومواضيع جديدة، وقبل كل شيء حرية سرد هذه القصص بطريقة مبتكرة وجذابة. ومع هؤلاء المخرجين ظهر جيل شاب من مصورين ومدراء تصوير مبدعين ومبتكرين من بينهم: برونو نويتن، نيستور آلماندروس، ساشا فيرني، راؤول كوتار، وليم غلين، ويمكن أن ندرج معهم شيخ مدراء التصوير ومعلمهم وملهمهم هنري ألكان.

برونو نويتن:

بدأ تجربته المهنية كمساعد سابق لـغسلان كلوك Ghislain Cloque! وريكاردو آرونوفيتش ، سرعان ما أصبح برونو نويتن أحد أكثر مدراء التصوير  إبداعًا  وابتكاراً وبسرعة في فرنسا : وسرعان ما أصبح مدير التصوير السينمائي الأكثر طلباً في فرنسا ، عمل على أفلام مثل راقصات الفالس Les Valseuses و أغنية الهند India Song لمارغريت دوراس و الأخوات برونتي Brontë Sisters. كما حصل برونو نويتن على جائزة سيزار لأفضل تصوير في فيلم باروكو وكذلك في فيلم أفضل طريقة للمشي. كما حاز على تكريم عن أفضل مساهمة حرفية لمهنة مدير التصوير خلال مهرجان كان لعمله في فيلم دعوة للسفر. إنه دائمًا عنصر لا يمكن الاستغناء عنه في العديد من الأفلام Possession "امتلاك أو حيازة" و"احتجاز مؤقت في مركز الشرطة Garde à Vue و" فندق الأمريكيتين Hotel des Amériques. اختاره آلان رينيه Alain Resnais للتعاون معه في أحد أعماله وهو فيلم "الحياة رواية". وبهذا الصدد يقول برونو نويتن: "منذ أن بدأت هذه المهنة، تحققت ثلاث ابتكارات في رأيي في مجال الإنارة وإدارة التصوير حركت وغيرت معطيات الأفلام الروائية السينمائية. بادئ ذي بدء، جعلت العدسات ذات الفتحة الواسعة (زايس ويو أس أف وبانافيزيون USF Panavision Zeiss) والتي جعلت من الممكن التصوير باستخدام القليل من الضوء. ثم هو المظهر السريع للأفلام في المختبرات. وبفضل ظهور بروجكتور HMI بات بإمكان مدير التصوير الحصول على طاقة وقوة إضاءة هائلة وبطاقة كهربائية منخفضة. وأخيرًا، فإن طرح الشركات المصنعة الكبيرة للأفلام الخام للمستحلبات شديدة الحساسية في السوق هو الذي يسمح، في ظروف الإضاءة السيئة إلى حد ما، بإعادة اكتشاف عمق المجال. وتوفر تلك الإنجازات حقيقة أن لكل منها خصائص تمنح عدة اختيارات لمدير التصوير والتي لم تكن موجودة من قبل. هذه العناصر الثلاثة مجتمعة تعني أننا نستطيع اليوم التصوير بسهولة في ديكور طبيعي في الليل بينما كان ذلك في السابق يشكل معضلة وعائق يصعب احتوائه أو تجاوزه. إن حساسية الأفلام لم تعد تملي على مدراء التصوير ضرورة توفير جميع مصادر الضوء الطبيعي وإن من الضروري الاحتفاظ بها كما كان الحال في السابق. فيمكننا اليوم تعديل أو حذف بعضها أو إضافة مكافئات. ومن الممكن العثور على تأثيرات النمط والأسلوب المتميز. مثلا تشويه الطبيعة": كما فعل برونو نويتن في فيلم "دعوة للسفر"، تماشيا مع الغرض السردي للفيلم. حدث أيضا، أنه كذلك بإعادة خلق أجواء واقعية، عندما أقدم على تجربة جريئة مصطنعًا خلق ظروف الإضاءة الوظيفية اليومية: تلك الموجودة في مراكز الشرطة على سبيل المثال حيث ملأ الديكور من الأعلى بمصابيح النيون كي لا يعيق حركة الممثلين وحركات الكاميرا في فيلم التوقيف الاحترازي المؤقت Garde à vue والتي أشعلها في الاستوديو، باللعب بمزيج من مصادر التنغستن والصوديوم والفلوريسنت لإبراز اللون الأخضر السائد، خاصية إضاءة النيون بلمسات أرجوانية. كان عليّه أن "يسلط الضوء" على بيانات هذه الإضاءة. في ظل هذه الظروف، يمكن لمدراء التصوير التحكم تمامًا في تأثيرات الضوء الذي تم إنشاؤه وبالتالي تكون النتيجة أفضل. لأننا لا يجب أن ننسى أنه من المثير للاهتمام أن الإضاءة العامة تشكل مجموعة غير متجانسة من المصادر وهذا بالطبع لا يعني فقط تعريض الفيلم الخام في الكاميرات.  الوضع الأصعب بالنسبة لبرونو نويتن هو التصوير في الخارج نهاراً هذا هو السبب في جميع الحالات أن يكون (الديكور الطبيعي والفيلم الخام أو الاستوديو شديد الحساسية)، عمل مدير التصوير وتوفير الضوء اللازم للكاميرا ضروريًا. أولئك الذين اعتقدوا أن اختراع أفلام حساسة للغاية من شأنه أن يقمع وظيفة مدير التصوير أو يقلل من أهميتها فهم واهمون. بالنسبة لبرونو نويتن، كان أصعب موقف هو تصوير مشهد خارجي في وضح النهار. للتصوير في فرنسا، خلال شهر سبتمبر مشاهد طويلة في الخارج كما فعل في فيلم "الحياة رواية " من إخراج آلان رينيه كان ذلك بالنسبة له بمثابة تحدي، وبهذا الصدد يقول برونو نويتن:" لا شيء أصعب في أجواءنا ومناخنا أن تضمن الاستمرارية للصورة. لتحقيق ذلك، شرعنا كما رأيت الأمريكيين يفعلون في ولاية أوهايو خلال تصوير فيلم بورباكير Brubaker: لقد صنعنا ونشرنا الأشرعة المصنوعة والممتدة من مختلف الأحجام والسماكات وتمكنا من الحصول على نتائج جيدة للغاية. لقد استخدمت هذه اللوحات كعاكسات وهذا سمح لي بإنشاء نوع من الضوء المسطح الذي أراده رينيه خلال فترة الفيلم الذي نفذته سنة 1982". السمة الرئيسية للفيلم الخام كوداك هو قدرته على الإنتاج وإظهار آثار التباين وتألقها. استخدمه مع الأشرطة السلبية 5293 للجزء الأول من فيلم رينيه Resnais الذي تدور أحداثه سنة 1919. وكان قد تلاعب بالفعل بخصائص كوداك هذه في فيلم " تملك أو حيازة Possession مع نيجاتيف Negative 5247 ، حيث قام بنسخ التناقضات داخل وخارج برلين لإبراز عنف الفعل والمشاعر.

يبدو لي أن مدير التصوير يجب أن يخاطر بأفكار كهذه. لم يعد هناك أي شك، لأسباب اقتصادية، في تضمين الضوء كمنتج للمعنى في كل مغامرة فيلمية. على الأقل، يجب على مدير التصوير أن ينظم عمله في فيلم حول فكرة وخيارات وتحيزات. وليس الاقتصار على تصوير الأشياء، وتنظيمها. اليقظة هي الأهم، عين منتبهة ويقظة وردود فعل سريعة يقظة تماما في مواجهة أسوأ المواقف: هذا ما يسمح له بإعادة اكتشاف المعنى حيث يبدو أنه لا يوجد غير اللانسجام وعدم الاتساق!

ارتبط باسمه بتصوير الــ "الليل": صحيح أنه يصوره بشكل مثير للإعجاب ...وذلك مرتبط بأفضل ما في السينما الفرنسية الشابة في السبعينات – مارغريت دوراس، بنوا جاكو، كلود ميللر، أندريه تشينيه، Téchiné Miller، Jacquot، Duras - حتى أنه قام بجولة في هوليوود وكان مدير تصوير في فيلم بروباكير(Brubaker). وتشهد كلماته على نضج ساخر وحس جديد بالمهنة. وفي تموز سنة 1981 أجرت مجلة سينماتوغراف في عددها 69 مقابلة مع برونو نويتن  هذا نصها المترجم:

سيناماتوغراف: ما هي خلفيتك المهنية؟ كيف أتيت لمهنة مدير التصوير السينمائي؟

برونو نويتن: في البداية، تم رفضي للانضمام للمعهد العالي للدراسات السينمائية الإيديك IDHEC. فشلت في امتحان الدخول للمعهد بعد أن نجحت في البكالوريا في الفلسفة، لم أشعر أنني مستعد لتجربة التسجيل في معهد فوجيرارد التقني جداً. وأخيرًا، تم قبولي في مدرسة سينمائية مهنية (1) في بلجيكا معهد أنساس INSAS. بعد ذلك، لكي أتمكن من العمل في فرنسا، كان عليّ الحصول على شهادة BTS لمعادلتها مع دبلومي البلجيكي. في بلجيكا، تم تدريبي من قبل غسلان كلوكيه Ghislain Cloquet، وهو مدرس ممتاز ومعلمي الأول، وأنا مدين له بالكثير. في البداية، كنت أفكر أكثر في امتهان ودراسة الإخراج السينمائي. ولكن عندما قمت بالإعداد أو التحضير للتسجيل في الـ IDHEC، انتقلت إلى التقنية. كنت دائما سيئاً في العلوم وخاصة في الرياضيات حيث لم أكن أفقه قوانين الضوء - هذا هو الحال الذي جعلني أميل في البدء للإخراج ولكن لا أعرف لماذا، تحولت إلى التقنية السينمائية، حيث بدت لي ... أكثر معقولية.

سينماتوغراف: في المهنة، غالبًا ما يكون لدينا شعور بأن هناك نوعًا من الفصل النظري بين المخرجين، الذين يبدون بالأحرى خياليين، والفنيين العمليين أو التقنيين، الذين يبدون براغماتيين.

برونو نويتن: هذا صحيح بعض الشيء، وأردت الهروب منه. عندما بدأت كمصور مساعد، اعتقدت أنني أخطأت في اختياري وإنني خدعت نفسي بالمهنة: فالمهمة التي تقع على عاتق مساعد المصور تتجاوز مسؤوليته كضابط للمسافة والفوكيوس على العدسة ووظيفته أكبر من ذلك. فهو ليس من حقه أن يخطئ أو يرتكب خطأً في عمله، فهو يحمل الفيلم بين يديه.  إنه الجحيم بعينه. فضلت التعامل على الفور مع الضوء على الأفلام القصيرة. فهم أستاذي كلوكيه خياري بشكل جيد للغاية، وكان يود أن يأخذني للعمل معه كمساعد، للإجابة على سؤالك، لا أحب الخيال الوهمي الجامح. ومع ذلك، صحيح أنك لكي تكون مخرجًا، يجب أن يتم دفعك من قبل اللاوعي بطريقة عنيفة إلى حد ما. أنا لست مخرجاً محبطًا، أنا مصور ومدير تصوير يحاول توسيع مجال عمله. قد يصيبك جوابي بالذعر وتعتبرني مدعي، لكني أحاول أن ألقي نظرة على النص، بدلاً من الاكتفاء بإلقاء الضوء على الديكورات، فأنا أفضل أن أضئ النص، وأنير المواقف. في نفس الوقت، أستمع إلى المخرج لأنه هو المعني الأول وأحاول أيضًا أن أقدم له، وأن أروي له فيلمه من زاوية غير متوقعة، وغالبًا ما يضمن ذلك نضارة معينة. إنه عمل مخفي. يجب أن أقول إنني أخشى النقد وأشكك بمصداقيته عندما يتحدث عن الصورة! لا أرى كيف يمكنني استحضارها إلا على المستوى العملي. فالإضاءة " الناجحة"، تعتمد قبل كل شيء على العمل وعلى تنظيمه في البلاتو أو استوديو التصوير وعلى الفريق التقني، وعلى المبادرات في العمل. وفيما يتعدى ذلك، سيكون الباب مفتوحاً على الثرثرة. يتم عملنا بهدوء، من الأسفل، لا يوجد شيء في هذا المجال، ما يسمح بكل هذا الغموض.

سينماتوغراف: على الرغم من كل شيء، يبقى الضوء مجال محجوز، يمكنك ارتجال مهنة المخرج ولكن لا يمكنك ارتجال مدير للتصوير السينمائي.

برونو نوين: لا أعرف. إذا كنت تقوم بالتصوير في الخارج في طقس رمادي، فماذا ستفعل للضوء؟ عمليا لا شيء. سيكون لدينا، أكثر فأكثر، مصورين ومدراء تصوير يتم توظيفهم لحساسيتهم وإحساسهم بالمكر والتحايل أكثر من قيمتهم التقنية البحتة. فالديكور الطبيعي أقل تطلبًا، ما عليك سوى معرفة كيف تكون متاحًا لما يمكن أن يقدمه لك الديكور الطبيعي. الآن بعد أن لم يعد لدينا تدريب وتجارب للعمل داخل الاستوديو، وأن الفيلم أصبح أكثر حساسية، ضاعت أو اختفت بعض التقنيات. لم نعد نقوم بنفس العمل أو نمارس نفس المهنة بعد الآن كما في الماضي. ففي الماضي، من دون مدير تصوير سينمائي جيد، لن يكون هناك فيلماً جيداً بل قد لا يكون هناك فيلماً بالمرة. كل شيء مشروط بالإضاءة المحترفة الجيدة.  من يدعي أننا ما زلنا نعيش في هذا التقليد، فهو خادع وسيء النوايا.

سينماتوغراف: هل سنحت لك الفرصة للعمل في الاستوديو؟

برونو نويتن: نعم، في فيلم باروكو، وكذلك في فيلم " توقيف احترازي في مركز شرطة" Garde à vue من إخراج كلود ميللر. فقد تم بناء ديكورات هذا الفيلم، وهي عبارة عن مكاتب بشكل أساسي، في ستوديو إبناي Épinay بواسطة إريك مولارد. تمكنت من تركيب مصابيح نيون على مساحة ألف متر مربع. ونتيجة لذلك، لم يكن الديكور مزدحمًا ولا ساخناً. تم تصوير الفيلم بالكامل طبقاً للستوري - بورد storyboarde القصة المصورة، وتمكن ميللر من تكريس نفسه بالكامل للممثلين والكادرات والحركة. بالإضافة إلى ذلك – ولحسن حظنا - تم تصوير الفيلم، وهو فيلم تشويق مثير خلف الأبواب المغلقة، وفق الجدول والتسلسل الزمني للسيناريو. ففي كل يوم، كان الجميع منتبهين ومتأهبين لاكتشاف القصة وتطور الحبكة وسير الحكاية.

سينماتوغراف: في السابق، كان مدير التصوير يعمل بشكل وثيق مع مهندس ومصمم الديكور، ماذا عن الآن؟

برونو نويتن: في فرنسا، اختفى مصممو الديكور. عملت عدة مرات مع جون بيير كوهوت سفيلكو. في جيلي، هناك عدد قليل من مصممي الديكور. كوهوت هو مثال أو نموذج، يمكنه القيام بكل شيء: قيادة فريق البناء، زرع بناء أو ديكور في الاستوديو، العمل في بيئة طبيعية. ولكن في بعض الأحيان، من ناحية أخرى، ينتهي بنا الأمر العمل مع أشخاص ليسوا مصممي ديكور مختصين ومحترفين ، بل مجمعين، وإكسسواريين. يجب أن نكون راضين بعد ذلك عن حقيبة تحتوي على مصباح بجانب السرير وثلاث شمعدانات. من الناحية النظرية، لدى مدير التصوير الكثير ليقدمه ويقترحه على مصمم للديكور، والعكس صحيح. أما اليوم، فالحوار مستحيل مع الأشخاص الذين لم يعودوا مدربين ومهيئين مهنياً، يعتقدون أنه بضربة ريبولانRipolin وستة أمتار من اللينو lino سيفي ذلك بالغرض.

سينماتوغراف: هل خلافة مدراء التصوير مضمونة؟

برونو نويتن: في الوقت الحالي، يجب القول إن العاملين الذين يتخرجون من الإيديك IDHEC أو فوجيرار Vaugirard بالكاد يجدون أي منافذ عمل لتشغيلهم. والسبب معروف. يتزايد التستر على المنتجين الذين يمولون أول فيلم للمخرج عن طريق التعاقد مع مدير تصوير معروف ومجرب كضمانة لتغطية مغامرتهم. إنه لأمر فظيع، أن يأتي مدير التصوير لطمأنة المنتج ضد المخرج. أنا، في البداية، كنت محظوظًا لأنني حصلت على ثقة المخرج والمنتج لوك بيرو Luc Béraud، على سبيل المثال، عندما لم تكن لدينا خبرة أيضًا نحن الإثنين. هذا هو السبب في أنني لم أعد أرغب في الركض وراء الأفلام الأولى لمخرجين، عندما أرى تقنيين ذوي جودة عالية وأصغر سناً مني ولا يعملون.

سينماتوغراف: هل هذا يعني أنك تميل إلى السينما الأكثر رسوخًا؟

برونو نويتن: على العكس من ذلك، منذ فيلم بروباكير Brubaker ، أشعر بحرية أكبر. ومنذ هذا الفيلم أيضًا، حررت نفسي أيضًا من صيغة عمل تستند إلى إعداد وتحضير طويل في الديكور من الصباح الباكر، قبل وصول المخرج. أود الآن أن أكون متاحًا للأفلام الفقيرة وليس فقط للآليات الإنتاجية الكبيرة ذات الإمكانيات المادية الهائلة. لذا، مع ألكسندر منوشكين، المنتج بالفعل لفيلم" الاحتجاز الاحترازي في مركز شرطة"، سأقوم على الأرجح بإدارة تصوير فيلم المخرج جاك ديراي القادم وهو من إنتاج منوشكين وبإمكانيات مادية متواضعة، والذي سيؤدي دور البطولة فيه جون بول بلموندو. وهو فيلم نوار بوليسي، وقد أحببت السيناريو. ولكن لسوء الحظ، أعلم أن بعض صانعي الأفلام المتوازيين أكثر أو أقل يمكن أن يشعروا بالأذى أو الإساءة في اللحظة التي تتركهم فيها لشكل آخر من السينما. ليس لديهم دائمًا الكرم أو الذكاء ليعيدوك للعمل معهم، حتى إذا كنت ترغب بشدة في ذلك. أريد أن أكون حرًا في التنقل، من خلال إعادة التكيف في كل مرة، يكون الأمر أكثر نشاطًا وحيوية وأقل طائفية وتخندقاً.

سينماتوغراف: كيف انخرطت مع فيلم بروباكر؟

برونو نويتن: بالصدفة. في الأصل، كان بوب رافيلسون هو من يخرج هذا الفيلم (2). كان أحد أصدقائي يعرفه وأخبره عني. في الواقع، عاد رافيلسون لي بعد حالة من اليأس ، فقد اتصل بالفعل بالكثير من الناس ولم يجد مدير تصوير واحد متفرغ له : فمدير التصوير هاسكل ويكسلر وجد أن الديكور غير عملي وكان محقاً وتشخيصه صحيحًا ، وكان مدير التصوير فيلموس زيغ موند يعد فيلمًا آخر، ومدير التصوير نيستور آلموندروس لم يكن يرغب في أن يمضي خمسة أشهر في سجن حيث تدور حوادث الفيلم الخ.. وعلى عكس القواعد المتبعة إتصل بي رافيلسون في إحدى المساءات طالباً من المجيء إلى الولايات المتحدة الأمريكية إلى شركة فوكس الهوليودية مع خمسة من أفلامي تحت أبطي وأثناء العرض كنت أنا الشخص غير المعروف هناك محاطاً بالمنتجين ومعهم مدير التصوير زسيغموند ويكسلر للحكم على عملي، كان وضعاً محرجاً جداً بالنسبة لي، فبجانبهم كنت أشعر كأنني طفل. بدأوا بعرض فيلم " ذكريات من فرنسا" استغرق الأمر ثلاث دقائق لأن طريقة أفلام الــ 16 المنفوخة إلى 35 غريبة عليهم ولا يفهمونها أو يستوعبونها تقنياً ومن ثم تم عرض فيلم" راقصات الفالس" الذي كانوا يعرفونه من قبل. ولكن عند مشاهدتهم لأفلام " أفضل طريقة للمشي" و" كل القطط رمادية في الليل" و " وباروكو" شعروا أننا جميعاً مجانين في أوروبا لكي نصنع أفلاماً كهذه لكن ذلك أقنعهم بحرفيتي وقدرتي المهنية خاصة فيلم باروكو الذي صور بالسكوب و والبانافزيون مما ساهم في طمأنتهم كان ذلك بالنسبة لهم بمثابة معيار تقني ستاندارد وأرضية مشتركة للتفاهم. الأمر الأكثر تسلية هو أننا قبل الدخول على صالة العرض أخبرني رافيلسون ": أن مجرد وجودك هنا هو أمر غير مسموح به إطلاقاً مهما كانت نوعية عملك ومستواه وها أنت هنا لتعمل في الفيلم "

سينماتوغراف: هل كانت لديك مشاكل مع النقابات الأمريكية التي تمنع بتاتاً السماح بعمل تقنيين أجانب في أمريكا؟

برونو نويتن: كلا عدا احتجاج التقنيين العاملين في شركة فوكس على وجودي وتنظيمهم إضراباً عن العمل. كنا نصور في أوهايو التي تعود لنقابة التقنيين السينمائيين في شيكاغو حيث أن مبدأ الــ standby يعمل بكفاءة تامة وفحواه أن العقد يوقع مع مدير تصوير أو مصور أمريكي ليأتي إلى الأستوديو لكنه لا يفعل أي شيء وهو شخص خلوق وجذاب لكنه لا يفهم على الإطلاق ما أحاول أن أقوم به.

سينماتوغراف: كيف كانت ردة فعلك عندما طرد رافيلسون من موقعه كمخرج للفيلم واستبداله بسيتورات روزنبيرغ؟

برونو نويتن: تكون العقود  هناك عادة قصيرة الأمد ونادراً ما تغطي كل فترة التصوير ويمكنهم طردك في أي وقت يشاؤون فعقدي كان صالحاً لمدة أربعة أسابيع ومع رافيلسون أنفقنا منها خمسة عشر يوماً للتحضيرات وخمسة عشر يوماً أخرى للتصوير وعندما تم استبدال رافيلسون  بدا لي أن من الطبيعي أن أعد حقائبي للرحيل والعودة إلى فرنسا فكان هو الذي اختارني أقنعني رافيلسون بالبقاء واسترجعتني جهة الانتاج لإكمال العمل وكان روبرت ريدفورت يساندني بالضد من إرادة شركة فوكس وعند وصوله إلى الاستوديو لم يكن روزنبيرغ راغباً في سماع أي شيء عني، فأنا بالنسبة له مجرد تقني فرنسي ، مثقف من المقربين لمجلة كاييه دي سينما، Cahiers du Cinéma ، أولئك الذين يتجرؤون على الحديث عن كاسافيت Cassavetes ومونت هلمان Monte Hellman ورافيلسون Rafelson وجيري لويس Jerry Lewis ... فيلم ضخم كاذب تم إنقاذه على عجل في آخر دقيقة وأقصد بذلك فيلم بروباكير Brubaker ، فقد تم تصوير هذا فيلم  وفقًا لأساليب التلفزيون ، وهو سباق ضد الساعة. لم يكن لدى روزنبرج أي فكرة عن الضوء، ولم يهتم بذلك. هدفه الوحيد هو احترام خطة العمل. وكان يصور بعدة كاميرات، لقطة ميدان، لقطة عادية ولقطة مضادة، ثم لقطات واسعة. وبسبب العدسات ذات الأطوال البؤرية القصيرة، اضطررت إلى تفكيك جميع الأضواء التي قمت بتثبيتها على السقف لرافيلسون. كل شيء سار على ما يرام. ومع ذلك، في نهاية الفيلم، كان لدينا بالفعل سبعة أسابيع من التصوير خلفنا، واجهت مشكلة صغيرة، فبسبب الأرق غالبًا الذي يعاني منه روبرت ريدفورد، كان ريدفورد يأتي متأخرًا جدًا في الصباح. استفدت من ساعاته المتأخرة لتجهيز الديكورات في بلاتو التصوير بالإنارة اللازمة. وفي إحدى الصباحات وصل في الوقت المحدد مبكراً ولم يتأخر كعادته. لم يكن هناك شيء جاهز وكان عليّ أن أبقيه ينتظر. أخبرتني شركة فوكس أنه سيتم استبدالي في اليوم التالي. كنت غاضباً جداً، ذهبت لرؤية ريدفورد لأشرح له بنفسي الإشكال الذي حصل معه. وعدني أنه من الآن فصاعدا سيخبرني بجداول مواعيده مقدما. في الواقع، لم يقدم بأي احتجاج ضدي؛ كانت شركة فوكس هي التي توقعت شكواه وتذمره.

سينماتوغراف: هل كان لدى ريدفورد أي متطلبات تتعلق بالصورة، من حيث المقاربة البلاستيكية؟ •

برونو نويت: نعم، أراد منا أن نرى عينيه وليس الأزرار الصغيرة على خده. لكن مطالبه كانت ودية للغاية، وليست منهجية.

سينماتوغراف: هل عرضت عليك أفلام أخرى في أمريكا؟

برونو نويتن: كان رافيلسون يرغب أن أكون مدير تصويره في فيلم "ساعي البريد يرن دوما مرتين «، لكن النقابة في لوس أنجلوس لم تكن تريد استقبالي. بالإضافة إلى ذلك، كان الوسط المهني قد صدم وانزعجت النقابات للتو بسبب منح جائزة الأوسكار إلى أجنبي وهو مدير التصوير نستور ألمندروس. أعتقد حقًا أن السبيل الوحيد للانضمام إلى هذا الاتحاد هو الحصول على أوسكار. ومن ثم فإن مصلحة النقابة هي شراء خدماتك لأنك ستجعل الفنيين والتقنيين الآخرين يعملون، فهي ليست مسألة هيبة فقط.

سينماتوغراف: بالحديث عن المكانة والسمعة، هل تقوم بتصوير إعلانات تجارية؟؟

برونو نويتن: لقد قمت بذلك، وأعتقد أنني لن أفعل ذلك بعد الآن. لا يمكنني العثور على مرامي هناك. فلا توجد هناك دراما للتصوير.

سينماتوغراف: ومع ذلك، غالبًا ما يُدعى أن الإعلان هو مكان جيد للتجربة ...

برونو نويتن: هراء! صحيح أنهم يقدمون لك وسائل كبيرة، ولكن كل شيء يعتمد على كيفية بيع نفسك. إنه يتعلق بالتباهي من خلال استخدام الضوء بشكل مبهرج. وبعد ذلك، لا أرى كيف يمكنك بناء علاقات في فريق عمل خلال ثلاثة أيام، في فيلم روائي طويل، يستغرق الأمر أسبوعين على الأقل. أخيرًا، أكرر، أن السرد في الإعلانات مثير للسخرية، ما يقوله الإعلان لا يثير اهتمامي.

سينماتوغراف: لفترة من الوقت، كان هناك نوع من الغرغرينا السينمائية من قبل النماذج الجمالية للإعلانات، وفيلم إكسكاليبور Excalibur مثال على ذلك. ما هو رأيك؟

برونو نويتن: بالضبط ذهبت في أحد الأيام لمشاهدة فيلم " بوابة السماء Heaven’s gate "، وتولد لدي نفس الانطباع ونفس الملاحظة بالضبط. يعلم الله أعلم كيف أن زيغموند Zsigmond يدهشني ، لكن هذا هو بالضبط ما حصل. مهرجان الرتوش. لا يمكنك دخول المشهد دون رؤية سحابة من الدخان ، تبرر بذكاء بواسطة وعاء يغلي ويخرج منه البخار أو نار مدخنة ، ويتم إعادة توزيعها بواسطة ضوء القوس Arc؛ ثم تلك اللقطات التي  أضيئت بضوء مصابيح الكيروسين ... شعرت بخيبة أمل من الصورة ، أصابنا  الملل بعد ساعة. كما هو الحال في الإعلانات، إنه فيلم اجتماع مكتبي، في غاية الإعداد. والإساءة أو المبالغة في التحضير وهو فخ الأفلام التاريخية.  ومن السهولة أن نقع في الفخ البهرجة pompiérisme

سينماتوغراف: هل المراجع للرسم والفن التشكيلي واللوحات تحتل مكانة مهمة في عملك؟

برونو نويتن: كل ما يظهر لي شيئاً أو يخبرني بشيء له أهمية في عملي، لذلك أحب الرسم. قبل صنع السينما، بدأت بالرسوم الساخرة، لكنها لم تجعل أي شخص يضحك، ولا حتى أنا. عمل رسم وتصميم لقطة، في التصنيع، لديهما نفس الترتيب والسياق. وهو ترتيب منطقي. فالمصباح يدعو لمصباح آخر. يجب أن يأتي كل شيء بشكل طبيعي، إذا لم يكن كذلك، فهو أمر رهيب. بالنسبة للرسم، ولكن من حيث التصنيع، فأنا أفصله عن السينما. إنها علاقة مختلفة تمامًا مع المادة.  ومع هذا. أن نتجاهل ما يثير ويغذي ويثري النظرة يقود على نحو خطير إلى الاعتقاد بسذاجة إلى أننا اخترعنا كل شيء. فبعض الثقافة في المجال التصويري وفي الفن التشكيلي يمنحنا التواضع. إلى جانب ذلك، يمكنك دائمًا القيام بجولة في متحف مع المخرج، ونمض وقت بعد الظهيرة ممتع ويمكن أن يكون مفيدًا، على الرغم من كل شيء، من وجهة نظر وثائقية، وعلى وجه التحديد بالنسبة للأفلام التاريخية وللديكورات والملابس والأزياء

سينماتوغراف:.. وللصورة؟

برونو نويتن: عندما يكون لديك ديكورات جميلة وأزياء جميلة وممثلين جيدين، يصبح الضوء لعبة أطفال. إن الحكم على عمل مدير تصوير في فيلم تاريخي أمر صعب للغاية. لا أرى كيف يمكنك عمل صورة سيئة. حتى لو كانت مضاءة من قبل أحد الهواة، فإن مخرج مثل سيمينو Cimino سيكون مثاليًا! في رأيي، فإن موضوع معاصر، مثل" La tortue sur le dos سلحفاة على الظهر"، سيكون أكثر صعوبة في إضاءته، خاصة إذا كانت الميزانية محدودة ومكرسة بالكامل لشراء الفيلم الخام واستئجار الكاميرا ودفع أجور المشاركين في الفيلم. حتى في فيلم مثل الشقيقات أو الأخوات برونتي، فإن تدخل مدير التصوير السينمائي ليس ضروريًا. فهذا الفيلم عانى من الكثير من التحضير. كنا جميعًا نسير في نفس الاتجاه، وتم تجميدنا بسبب تحيز رسمي لم نتمكن من الخروج منه. بشكل عام، التحضير الدقيق للغاية يشتت انتباهي وتركيزي. هناك خطر دائم من التكرار البصري، وpléonasme الحشو والتشنج، فالضوء والإطار يخنقان النص، ويكسران الدراما. يبدو لي أن التحضير يتعارض مع التصوير في البيئات والأماكن الطبيعية، لأننا نعتمد على ما هو غير متوقع، في الطقس، وما إلى ذلك ...

سينماتوغراف: بالعودة إلى أيامك الأولى، تصوير فيلم راقصات الفالس Les Valseuses كانت خطوة حاسمة بالنسبة لك.

برونو نويتن: في الواقع. في ذلك الوقت، كنت أفتقر حقًا إلى الخبرة. أتذكر أنه عندما وصلت إلى الإنتاج لمناقشة اختيار المواد ومعدات التصوير، عُرضت على أقواس الإضاءة arcs. بالكاد كنت أعرف ما هي، اعتقدت أننا لم نعد نستخدمها منذ فترة طويلة. كان المخرج بلييه متردداً في أن يأخذ إما مدير تصوير متمكناً وراسخًا جدًا، أو أن يلعب بشكل كامل ورقة "فيلم الشباب" واللجوء إلى تقنيين مبتدئين• أوصى بي جيرار زينج، الذي كان مساعدًا له. جعلني بلييه أصور لقطات اختبار مع الممثلين ومن ثم وظفني. كانت ميزانية الفيلم عالية جدًا، ولم يكن الإنتاج يمزح. مرة أخرى، كنت بعيدًا عن أن أكون محترفًا. لقد صنعت للتو فيلم إمراة الغانج La femme du Gange مع مارغريت دوراس وهو فيلم فقير جداً. الهياكل الانتاجية لم تكن على الإطلاق متماثلة.

سينما توغراف: أخبرنا عن تجربتك مع مارغريت دوراس Marguerite Duras.

برونو نويتن: آه، مارغريت! انها امرأة فريدة. إنها تسكنك وتستحوذ عليك. في كل مرة، تحقق alchimie خيمياءاً غامضة بين الديكورات والفنيين، ومع الممثلين حتى وإن كانت تستخدمهم أقل فأقل. تلقي على كل شيء نظرة عاطفية حادة للغاية. يجب أن تقبل أن تكون مقوداً معها. هذا هو السبب في أن أفلامها متشابهة، حتى مع مصورين ومدراء تصوير مختلفين. مارغريت دوراس، إنها ... جان دارك! معها، يكون لدى المرء انطباع بأنه متهور كبير مثقل بالدروع، يتبع فتاة صغيرة كانت قد رأت الرب الجيد. ستقول لي، جان دارك، لقد انتهى أمرها بشكل سيء إلى حد ما.

سينماتوغراف: ما رأيك في الاهتمام المتزايد للناقد بالصورة؟ عند عرض فيلم مثل حديقة الصفر للحيوانات Zoo Zero، على سبيل المثال، تركز اهتمام المتفرجين بشكل أساسي على الصورة. أليست هذه حالة خطيرة؟

برونو نويتن: أنا شخصياً أزعجتني للغاية. لا يمكننا عزل الصورة. تسليط الضوء ومنحها القيمة الأساسية، في بعض الأحيان بالضد من الإخراج، وهذا أسوء هراء. إنه دليل مرة أخرى على أن النقاد يجهلون عملية صنع فيلم. في حالة Zoo Zero، كانت، بالنسبة للأشخاص الذين قد يشعرون بالملل من الفيلم، طريقة مضللة لقول إننا جعلناهم سعداء هناك وليس هناك. ومع ذلك، فإن كل الجمال الشكلي للفيلم يعزى إلى آلان فليشر Alain Fleischer، فقد عرف بالضبط ما يريده فكل شيء تم تحقيقه أثناء التصوير لكني شخصياً أفضل، على وجه العموم، تحقيق كافة الخدع البصرية وكل التصحيحات أثناء التصوير

سينماتوغراف: كان هذا هو الحال مع فيلم تملك أو حيازة Possession؟

برونو نويتن: كلا.. هنا كان عمل المختبر. يمكننا، من الناحية التكنيكية، أن نلخص هذا الفيلم على أنه ريبورتاج متقن عن ممثلين وهم يقومون بتأدية أدوارهم وأقول متقن لأننا امتلكنا إمكانيات ومعدات أكثر بكثير مما يتوفر لفيلم ريبورتاج. ووصفته بالريبورتاج لأنه نفس التكنيك ونفس الأسلوب أو الستايل. فيما عدا بعض اللقطات القريبة gros plans التي ألتقطت بعدسة 25 مللم في حين تم تصوير الفيلم بأكمله بعدسة 18 مللم وغالباً بواسطة كاميرا محمولة على الكتف فلقد حرض المخرج زولافيسكي على تحرير الممثلين من حركات الكاميرا وعدم تقييدهم بها. يحلق فوقهم ويحيط بهم، وعلى التكنيك أن يكون جاهزاً لمتابعتهم واللحاق بهم في اللحظة المناسبة. لذلك لم يكن لدينا أي ضوء أو مصباح عند الأقدام ولأجل إظهار الطابع الدرامي،  ولأن المصور كان قصير القامة والممثلين طوال القامة، كانت أغلب اللقطات من الأسفل كونتر بلونجيه contre-plongée . ما يرغمنا على استبعاد الإضاءة في السقف كان هذا هو المقترح منذ البداية : ربورتاج بمؤثرات  وبإنارة طبيعية وهو رهان فيه مخاطرة ويعجبني ويثير اهتمامي. كانت لدينا عدسات زايس Zeiss حادة مضيئة وكذلك الروشيستر الأمريكية المتباينة جداً والمحددة، أما عن هيمنة الأزرق فكان ذلك بخيار متعمد من قبل المخرج زولافيسكي تركت له مهمة الإشراف على عملية تصحيح الألوان l’étalonnage. كان يخشى أن يعمل فيلماً عادياً مبتذلاً أو تقليدياً جداً. كان يعمل بانتظام على كسر وتشويه المكان الفيلمي. ولكي يفتح المجال لمغامرة المسخ، تطلب الأمر أن تكون كل مشاهد الحبيبين ذات طابع غريب. لا يمكن أن نعبر هكذا فجأة وبدون تمهيد من فيلم عاطفي رومانسي مثل كرامر ضد كرامر إلى فيلم مرعب مثل آلين Alien لذلك في مرحلة الرشز أجرينا تجارب بطبع منوكروم أحادي اللون ولكن كنت أعلم أننا في مرحلة تصحيح الألوان سوف نعود إلى الخلف ونتراجع إلا أن زولافيسكي أعتاد على طغيان الأزرق على الجو العام للفيلم تاركاً الفيلم يمر على طاولة المونتاج. وفي البلاتو كان زولافيسكي يعمل غريزياً على العكس تماما من مخرج مثل تيشينيه الذي تكمن منهجيته في العمل أن يكون ناقداً لنفسه ومنتقداً لعمله باستمرار ففيلم فندق الأمريكيتين Hôtel des Amériques يبدو كردة فعل على فيلم الشقيقات برونتي  فتشينيه يريد أن يتحرر من أغلال وتراكمات وقيود الشكلية التي هي سمته الرئيسية لكنه أراد هذه المرة أن يصنع فيلماً متمحوراً فقط حول الممثلين، يريد التركيز عليهم ويدفعهم للعب أدوارهم بإتقان كبير. ولو عدنا إلى زولافيسكي سنجد العكس وهذا غريب يبعد عن نفسه التفكير والتأمل والإمعان أثناء التصوير والحوار مع التقنيين والفنيين ومع ذلك اقترحت عليه تصوير مشاهد ليلية مع إنه لا يحب العمل ليلا فهو يحب النوم.

سينماتوغراف: ما يثير الفضول هو أن هناك دائماً " ليل" في الأفلام التي تقوم بإضاءتها؟

برونو نويتن: نعم، ليس صدفة. المسألة مزاجية، أشعر بالليل أنني في وضع أفضل. في الليل، يكون الوضع المثالي، أي في الاستوديو، نبدأ من الظلام، أو تقريبًا، ونفعل ما نريد. في فيلم فندق الأمريكيتين Hôtel des Amériques، لم نرد أن نكون رماديين. إنه فيلم صيفي تكون لياليه غامضة قدر الإمكان ولكن نهاراته مشرقة مع الشمس. إذا كان أندريه راضيا عن النتيجة، لم يكن ذلك واضحا لي دائما. منطق اليوم يهرب مني. تحكم الشمس عليك. يجب أن يكون لديك كل الخيال والفكاهة والإثارة التي يتمتع بها نيستور ألمندروس للنظر في الشمس كحليف رائع، وليس كعدو لدود. عندما أرى   فيلم الجامعة la collectionneuse - The Collector   السماء les moisson du ciel- The Harvests of Heaven، أشعر بكل السعادة التي يمكن أن تختبرها في العيش في وضح النهار.

سينماتوغراف: هناك نقطة واحدة نود أن نثيرها معك: الحفاظ على الأفلام. ما رأيك في النقاش الذي أطلقه سكورسيس Scorsese حول تدهور الألوان؟

برونو نويتن: إن القلق الشديد بشأن الحفاظ على الأفلام لا يبدو نرجسيًا. إنه موقف ولعي للغاية، أليس كذلك؟ كلما كان التصنيع صناعياً أكثر، كلما كان أكثر خطورة مع مرور الوقت. يتم استهلاك السيارة عاجلاً أم آجلاً. فلماذا لا تتقدم الأفلام في السن؟ هذه الهشاشة هي جزء من سحر السينما، تمامًا مثل انهيار الأحجار القديمة أو تعفن الجثث، يمكن أن يكون مثيرًا للشفقة. وصول طاقم الفيلم إلى مكان التصوير في ديكور ما، فإن ذلك يحدث فجأة، رعشة كبيرة كأنك في ساحة معركة وقتال، وبعد ذلك، نلملم كل شيء ونذهب بعيدًا،ونكنس المكان ، ونذهب ، وينتهى كل شيء...

أجرى المقابلة فيليب كاركاسون وجيروم تونير

ترجمة د. جواد بشارة

(1) INSAS (N.D.L.R.).

Cinématographe n ° 66 ،

مارس 1981.

...........................

أفلام كان مدير تصويرها برونو نويتن

1970 - مدينة متوسطة أنا دانيال بلوش.

1971 - الكلب لي جاتي (غير منشور).

1973 - تريستان وإيزولت ، إيفان لاغرانج.

1974 - امرأة الغانج ، مارغريت دوراس.

197 4- الفالس بيرتراند بلييه.

1975 - أغنية الهند ، مارجريت دوراس.

1975 - ذكريات فرنسا ، أندريه تيشينيه Téchiné.

1976 - المراحيض مغلقة من الداخل.

باتريس لوكونت.

1976 - أفضل طريقة للمشي، كلود ميللر.

1976 - الموسيقار القاتل بينوا جاكو

1976 - اسمها البندقية لمارغريت دوراس...، Marguerit e Duras.

1977 - قلبي أحمر، ميشيل روزيه.

1977 الشاحنة مار غيريت دوراس.

1977 - في الليل جميع القطط رمادية، جيرار زينج.

1978 - السلحفاة على الظهر لوك بيرود.

1978 -ممارسة السلطة، فيليب غال و.

1978- حديقة الصفر، آلان فلايشر.

1979 - أخوات برونتي، أندريه تشينيه.

1980 - بطاقات بريدية فرنسية، Williard Huyck.

1981 -Brubaker، ستيوارت أوسنبيرج.

1981 حيازة أندريه زولافسكي.

1981 - قاتل عابر، ميشيل فياني.

1981 - حضانة كلود ميللر.

1981 - فندق دي أمريك أندريه تيشينيه.

FILMOGRAPHIE  DE  BRUNO  NUYTTEN

1970 -Une ville moyenne, Jean- Daniel Bloech.

1971 -The dog, Lee Jatte (Inédit).

1973 -Tristan et Iseult, Ivan Lagrange.

1974 -La femme du Gange, Marguerite Duras.

197 4 -Les valseuses, Bertrand Blier.

1975 -lndia  song, Marguerite Duras.

1975 -Souvenirs d’en France, André Téchiné.

1976 -Les WC sont fermés de l'intérieur,

Patrice Leconte.        

1976 -La meilleure façon de marcher, Claude Miller.

1976 -L'assassin musicien,

Benoit Jac quot.

1976 -Son nom de Venise..., Marguerit e Duras.

1977 -Mon cœur est rouge, Michèle Rosier.

1977 -Le camion, Marguerite Duras.

1977 -La nuit tous les chats sont gris, Gérard Zingg.

1978 -La tortue. Sur le dos, Luc Béraud.     

1978 -L’exercice du pouvoir، Philippe Gall and.

1978 -Zoo zéro, Alain Fleischer.

1979 -Les sœurs Brontë, André Téchiné.

1980 -French postcards, Williard Huyck.

1981 -Brubaker, Stuart Rosenberg.

1981 -Possession, Andrzej Zulawski.

1981 -Un assassin qui passe, Michel Vianey.

1981 -Garde à vue, Claude Miller.

1981 -Hôtel des Amériques, André Téchiné.

 

في المثقف اليوم