شهادات ومذكرات

يوميات الحرب .. شهادات للحقيقة والتاريخ

qassim salihyالصالحية .. في 8 نيسان 2003

كنت اسكن في مربع الخطر الذي يمتد من القصر الجمهوري الى الصالحية حيث مبنى الاذاعة والتلفزيون. وكانت شقتي مقابل وزارة العدل، مجاور تماما وزارة الحكم المحلي .. التي قصفت بالصواريخ الامريكية.

فجر الثامن من نيسان وكان يوم ثلاثاء .. فتحت بحذر زجاج نافذتي المطلة على تمثال الملك فيصل الأول .. ورأيت اربع دبابات امريكية .. تتوجه فوهاتها نحو شارع حيفا ومبنى الاذاعة وجسر الاحرار. كانت كامرتي بيدي لأصور ما يحدث. ومن خوفي فأنني لففت رأسي ببردة النافذة ووجهت العدسة فقط .. لثلاث او اربع ثوان.

صباح ذاك اليوم (الثلاثاء 8 نيسان 2003) .. دخلت الدبابات الامريكية الى شارع حيفا وقامت باطلاق النار من فوهات الرشاشات والمدافع ايضا باصوات رهيبة (افتهمنا فيما بعد انها قنابل صوتية) .. ادت الى تهشم زجاج معظم شقق عمارتنا وكانت شقتي وما تحتها وفوقها .. الأكثر تضررا لكونها الأقرب .. واستمرت النيران الى الظهر حيث استقر الموقف للقوات الامريكية في شارع حيفا والصالحية .. هذا يعني ان احتلال بغداد تم في الثامن من نيسان وليس التاسع منه.

 

حادث مفجع .. مقتل احد سكان عمارتنا

كان ابو انسام، جارنا، قد جاء بسيارته البرازيلي البيضاء من بيت اهله ليطمئن على زوجته. ولدى وصوله الانعطافة التي يدخل منها الى كراج العمارة .. سددت عليه الدبابة الواقفة قرب تمثال الملك فيصل الاول واردته قتيلا.

خرجت زوجته لتتاكد .. ورفعت احدى النساء راية بيضاء لتامين سلامتها من الجنود الامريكان .. . فتحت باب السيارة .. وصرخت .. فقد كانت الطلقة قد اصابته في الرأس .. وتوجه ابني نادر نحوهم رافعا يديه .. ليتحدث معهم بالسماح باخراج الجثة من السيارة.

احترنا اين ندفنه .. فلم نجد سوى المساحة الصغيرة المخصصة لزرع الورود .. فدفناه فيها!!

وفي هذا اليوم (الثلاثاء 8 نيسان) هجم شباب ونساء واطفال الشواكة والعلاوي الى مبنى وزارة العدل ونهبوا ما فيها من مواد: مراوح كهربائية، طابعات، اطارات ، كراسي .. وثقتها بكامرتي .. بينها موقفان، الاول: كان احدهم قد نهب من وزارة العدل اربع اطارات جديدة وجاء بها ليعبر الشارع باتجاه العلاوي .. فوقف قبل ان يعبر ورفع يده نحو الجنود الواقفين في ساحة الملك فيصل .. فاشاروا له .. ان اعبر.

والثاني: كانت امرأة اظنها موظفة في وزارة العدل قد حملت جنطتين حديديتين .. مقفلتين .. ووقفت على الرصيف واتجهت ببصرها نحو الاميركان .. واشاروا لها ان تعبر .. وكانت محجبة!!

وكنت كتبت في نهاية هذه الصفحةعن بدء حالة الفرهود: (حالة مخزية .. أي شعب هذا يدمر وطنه ويهرع الناس لنهبه)

•   من مذكرات (يوميات الحرب .. للحقيقة والتاريخ) .. سجلّت فيها الأحداث يوما بيوم .. وكتبت في صفحته الاولى ما يأتي:

(يسلّم الى ولدي المهندس مظفر في حالة .. ويفتح بعد الحرب وليس خلالها قطعا).

•   توثيق يستحق ان يطبع في كتاب .. مصحوب بمشاهد حقيقية لمن يريد ان يخرج فلما تسجيليا.

في المثقف اليوم