نصوص أدبية

جمال مرسي: صاحبة الحصان

جمال مرسي وَقَفَتْ هُنَاكَ تُنَمِّقُ الحُزَمَ القَلِيلَهْ .

وتَرُشُّ مَاءَ الصَّبرِ فَوقَ غُصُونِهَا الخَضرَاءِ

تَروِيهَا

كَمَا تَروِي الغُيُومُ صَدَى

أَزَاهِيرِ الخَمِيلَهْ .

جِلبَابُهَا الفِضفَاضُ أَهدَتْهُ الأَناَقَةُ رُقعَتَينِ

عَرِيضَتَينِ

تُوَارِيَانِ بِجِسمِهَا المَهزُولِ

مَا فَعَلَت يَدُ الزَّمَنِ البَخِيلَهْ .

شَقَّتْ بِصَوتٍ زَادَهُ العَوْزُ اْتِّسَاعاً

سُورَ صَمتِ الشَّارِعِ الغَافِي بِحُضنِ النِّيلِ

هَل مِن مُشْتَرٍ؟

يَبتَاعُ مَا تَشفَى بِهِ النَّفسُ العَلِيلَهْ؟ .

طِفلانِ يَفتَرِشَانِ قَارِعَةَ الرَّصِيفِ

يُمَسِّكانِ بِثَوْبِهَا حِيناً

وحِيناً يَنكُشِانِ قُمَامَةَ الجِيرَانِ بَحثاً عَن لُقَيمَاتٍ

تَسُدُّ الجُوعَ،

عَن وَرَقٍ يُؤَرِّخُ بُؤسَ مَن نَهَشَتْهُ

أَنيَابُ الأَمَانِي المُستَحِيلَهْ .

وعَلَى مَسَافَةِ طَابِقَينِ وَقَفتُ

أَرقُبُ رَبَّةَ الكَارُّو و طِفلَيْهَا

وقَد أَرخَت زِمَامَ حِصَانِها الجَوْعَانِ

مِثلَ صِغَارِهَا

تَهوِي بِهِ لِلقَاعِ سِيقَانٌ هَزِيلَه .

مُتَقَطِّعَ الأَنفَاسِ أَتعَبَهُ المَسِيرُ

ولَسعَةُ الكُربَاجِ فَوقَ أَدِيمِهِ المَشدُودِ

إِن أَبدَي اْمتِعَاضَ القَانِطِينَ

فَأَطلَقَ المِسكِينُ مِن قَهرٍ صهِيلَه .

مَا عُدتُ أَعرِفُ مَن هُوَ المَظلُومُ فِي زَمَنِ الرَّدَاءَةِ

حَيثُ صَارَ يَمِينُ أَشيَائِي شِمِالاً،

والشِّمَالُ هُوَ اليَمِينُ

وقَد تَوَجَّسَ خِيفَةً مِن ظِلِّهِ النِّيلُ العَرِيقُ

فَضَلَّ فِي الأَرضِ المُبَارَكَةِ الَّتِي زَأَرَتْ سَبِيلَهْ .

هِيَ ثَورَةٌ قَلَبَت مَوَازِينَ العَدَالَةِ فِي بِلادِي

.. هَكَذَا قَد خِلْتُهَا ذَاتَ اْنبِهَارٍ..

فَامتَطىَ الذُّؤْبَانُ صَهوَتَهَا

وحَطَّت فَوْقَ نَوْرِ رِيَاضِهَا الغِربَانُ

تَلتَهِمُ البَرَاعِمَ

والفَسَائِلَ و الأَزَاهِيرَ الجَمِيلَهْ .

وعَلَى دَمِ التُّولِيبِ تَعزِفُ بِالدُّفُوفِ

نَشِيدَهَا الغَجَرِيَّ

تَشرَبُ نَخبَ نَصرٍ لَم تُحَقِّقْهُ اْبتِهِاجاً

بِالبَهِيِّ الطَّلعَةِ المِعطَاءِ

مِن خَيرَاتِ يُوسُفَ

كُلَّ أَبنَاءِ القَبِيلَهْ .

نَفَدَت خَزَائِن يُوسُفَ العَرَبيِّ

لَم تُبقِ الرِّيَاحُ السَّافِيَاتُ سِوى الأَمَانِيِّ الحِسَانِ

بِفَرحَةٍ أُخرَى

وفَجرٍ يَحمِلُ البُشرَى

وصَاحِبَةِ الحِصَانِ

تَصِيحُ فِي صُبحِ النِّيَامِ عَلَى الأَسَى و الغَيظِ:

هَل مِنْ مُشتَرٍ

يَبتَاعُ مَا تَشفَى بِهِ النَّفسُ العَلِيلَهْ؟!

***

شعر: د. جمال مرسي

المجموعة الشعرية في كل اتجاه صيف ٢٠١٣م

 

في نصوص اليوم