قضايا

سُميَّة إبراهيم الجنابيِّ: الخلط بين الحرية والفوضى

هنالك إشكاليات حقيقية في المجتمع بصورة عامة والإسلامي بصورة خاصة. منها الخلط بين الحرية والفوضى فهي أعظم مآسي عصرنا، والحل في الخلاص من هذه الإشكالية هو الارتقاء بالعلوم الانسانية* من خلال تنشيط العقل بالفكر، وتوسيع الذكاء الاجتماعي، والنمط الثقافي، حيث "لا شيء يتأبد في الحياة الاجتماعية، ليمنع العقل من بناء المعرفة الجديدة؛ إذ شحذ العقل باستخدامه الحر العام – بوصفه أداة الانتصار الإنساني- يشكل إدراكًا معرفيًا عماده القراءة، يحرر المجتمع من عطالته، ويفتح نوافذ التأمل التي تدفع المجتمع إلى رؤية أشد تحولًا، وتؤسس لتفعيل إرادته وتحرير مصيره (1)".

أولا: القيادة والعلوم المتعددة في وقتنا الحاضر.

من أبرز ما تعانيه القيادات السياسية والدينية في البلد، على اختلاف مسمياتها، هو فقدان الدراية الكافية بل غيابها عن العلوم الانسانية المتنوعة كالتاريخ الاجتماعي والسياسي والحضاري والنفسي للمجتمعات المختلفة، ومعرفتها بفنون الإدارة العامة والاقتصاد، وأصول القانون، وهذا ما ينعكس على قدرتها على استيعاب المفارقات التي تعيشها مجتمعاتها. فتكون في مورد التحديات الكبيرة، والتساؤلات الحرجة شهوانية غرائزية. بعبارة أخرى: تكون اجاباتها ومواقفها حسب الحالة النفسية التي تمر بها، فالحدة والتعنت في مواطن الغضب، والتراخي والانكفاء في مواطن السكون والبرود العصبي. كل ذلك لأن هذه القيادات غير خبيرة بعلوم متعددة ترفدها بالمعطيات الصحيحة في اتخاذ القرار. وعليه، ان الحل هو اتسام القيادات الدينية والسياسية بتنوع مشارب العلوم والآداب والفنون لتوسعة الفكر. وعدم الاقتصار على علم واحد. فإن ذلك يضيق زاوية الرؤية.

ثانياً : "أمة تسير إلى الأمام وراسها للخلف"

عندما ننظر في السلوك المجتمعي ندرك أنه مرتبط بالتاريخ السياسي الإسلامي. وهذا التاريخ مشدود بثلاث أنواع من الأفكار، فهناك الفكر القاتل، وهناك الفكر الميت، وهناك الفكر النشط. والغريب أن روافد السلوك المجتمعي يُغذى بالفكر القاتل والميت على طول الخط، فاغلب المنابر الدينية والإعلامية وحتى الجامعية تعكس هذه الحقيقية بخطابها، فبين التشجيع على الاحتراب الطائفي وبين الحقن الفكري الميت تترنح الأمة لنجد المجتمع يدور في حلقة التشدد والخرافة. ومن أبرز الحلول المناسبة التي أشار بعض العلماء على تشخيصها هو تفكيك التاريخ الإسلامي الذي احتضن العقائد والتشريع الديني الذي يرسم محددات العقل المعرفية الإسلامي، لعزل الأفكار القاتلة والميتة واستحضار النشطة فقط.

***

سُميَّة إبراهيم الجنابيِّ

دكتوراه علوم قرآن، جامعة بابل

.......................

* بوصفها الحلقة الأهم التي تؤثر على استمرارية المجتمع وتطوره واستقراره.

( 1) محمد عثمان الخشت، نحو تأسيس عصر ديني جديد، القاهرة: الهيئة المصرية ااكتاب،2019، طبعة خاصة تصدرها نيو بوك ضمن مشروع مكتبة الاسرة، 5.

في المثقف اليوم