قضايا

مريم لطفي: الحضن الرجيم..

إغتيال الورد مع سبق الاصرار

(ولا تَقتلوا أولادكُمْ خشيةَ إملاقٍ) الاسراء31

خلق الله الأنسان وخلق زوجه وبث منهما رجالا ونساءا ليرفدوا الحياة بجيل يفتخر بقيمه النبيلة وخلقه الكريم ويترك بصمته واضحة في كل ميادين الحياة. وقد جبلت الاجيال السابقة على قيم الفضيلة والخلق الحسن وكان نتاجها الأنسان الأنسان الذي يحمل كما هائلا من القيم التي تجعله فخورا بذاته وبمن انتهل من فيضه .

ومع استعار أتون الحروب ومالحق بها من تبعات القت بظلال وضلال تعسفها على شريحة كبيرة من المجتمع حيث كثر الايتام والمشردون وكسدت النساء الارامل ،ثم تطور الامر الى البحث عن لقمة العيش بشتى الطرق في ظل غياب واضح للمنظومة الاخلاقية التي باتت هي الاخرى تعاني تشرذما لاحصر له في حضرة الوجه الاخر للنت!

ومن نتاج هذه الاوضاع وغيرها انقسم المجتمع الى ثلاثة أقسام :

-قسم منفتح الى حد الاستهتار بكل شئ وهذا ماتمثله شريحة كبيرة من المجتمع حتى باتت الظواهر الشاذة  التي لم ينزل الله بها من سلطان تحز جيد المجتمع وتدق ناقوس الخطر على أجيال تتوسم الرذيلة شعارا لها.

-قسم منغلق حد التطرف وهذا ليس بافضل حالا خصوصا إذا كانت سمة أفراده التمرد على واقع يفرض بالقوة وليس بالاقناع.

-والقسم الاخير هو القسم المعتدل وهذا تمثله شريحة المثقفين المعتدلين الذين اتخذوا الوسطية شعارا لهم وعليهم يؤول استمرار المجتمع وديمومته لما يتمتعون به من حرية الفكر التي تحددها ضوابط رصينة .تقوم على اسس تربوي قويمة لانتاج انسان معتدل ينظر الى نصفه المملوء من الكأس بعين الرضا والعرفان.

ومع تقدم الحياة العلمية وتراجع المنظومة الاخلاقية وتقهقرها- الا مارحم ربي- بدات تظهر على السطح ظواهريندى لها الجبين وانتهاكات تطال الحد الادنى من الانسانية، فبتنا نسمع بقتل الابن لوالديه واسرته وزنا المحارم واغتصاب الاب لابنته وتواطؤ الزوجة مع العشيق لقتل الزوج وحرق الزوج لزوجته تحت أي بند واغتصاب الاطفال ثم قتلهم دونما رحمة!!

ونحن اليوم أما جريمة يندى لها الجبين وخزي وعار يطالان المنظومة الاسرية والاخلاقية التي جعلها الله من المقدسات وخطا أحمرا لايمكن تجاوزه.

وحقيقة فالانسان المجرم ولد والاجرام في دمه،واكملت عليه البيئة الحاضنة، وهذه حقيقة ثابتة تفرضها الشخصية التي تستقبل امورا وترفض أخرى كامتداد طبيعي لقابيل وهابيل!

فاليوم تقدم من تخلت الادمية عنها وفتح الشيطان لها بابا لتغتال طفولة بريئة قسى عليها الزمن لتكون تحت موس الجلاد!

لقد أقدمت المجرمة المدعوة (.) على تعنيف وتعذيب إبن زوجها الطفل البرئ (موسى) ذات الستة أعوام على تعذيبه على مضض بمرآى من والده ومدرسته وجيرانه! وقد حاول الطفل مرارا الفرار من البيت واللجوء الى أحد المطاعم لايوائه، وقد بدت عليه علامات التعذيب واضحة ،لكن دون جدوى فلا أحد تتحرك عنده الشهامة ليحتضن الطفل أو ليخبر الشرطة المجتمعية عن ذلك.

ثم يظهر بصورة في المدرسة وهو يرتدي ملابسا شتوية في قمة الحر في حين يلبس اقرانه الملابس الصيفية، وهو يغطي الكدمات الزرقاء التي نالت من وجهه الغض بابتسامة بريئة_حسبنا الله ونعم الوكيل-

وتستغل الام غياب الاب الذي انتزع الحضانة من ام موسى انتزاعا تحت اي ذريعة مهددا اياها واهلها بعدم رؤيتهم ولايستغرب أحدنا فهذا النوع من الاشخاص النرجسيين موجودين وبكثرة في مجتمعاتنا ديدنهم التهديد والوعيد او حتى القتل!

كان الاب المغفل أو إنه تغافل عن تعنيف ابنه فهذه ليست المرة الاولى فقد قامت المجرمة بكسر ساقي الطفل باعتراف الاب وكان يرى كدمات في جميع انحاء جسمه وعندما يسالها تجيب ان الطفل عنيد ولايسمع الكلام!

أما دق ناقوس الخطر في هذا العقل المريض الذي آثر حياة ابنه المعنف على التنازل لزوجته الاولى واعتبار ذلك هزيمة له!فهذا النوع من الشخصيات لديه القابلية للتضحية بكل شئ إلا عنجهيته الفارغة.

والنتيجة ان المجرمة قامت وبكل وحشية بجعل الطفل يلتهم كيلو غراما من الملح وتهديده في حالة القئ سيلتهم المزيد ! ثم قامت وبكل العهر والجريمة بتشويه جسده الغض بالسكاكين والشوكات حتى فارق الحياة!

اي حياة فارقها ،حياة البؤس والتعذيب والحرمان من الام والجو الاسري ،فارق الحياة وهو يطفئ شمعته التي اوقدها غيره دونما ذنب،ولجأ الى رب كريم كملاك صغير تحتضنه الملائكة ليخلد في رياض الرحمة.

نحن امام جريمة مع سبق الاصرار والترصد قامت بها احدى ادوات الشيطان وبلا رحمة مستغلة وكافرة بكل شئ والادهى انها تضع زيفا على راسها العفنة خرقة تسميها حجابا والحجاب براء من  التدنيس.

قتلت الطفل وبقي مرميا على الارض تحت الدرج لعشر ساعات لحين قدوم والده-المزعوم- محاطا بالدود الذي ربما يكون اكثر رحمة من هذه الحثالة،والغريب بل الكارثة انها تطهو الطعام والحياة مستمرة عندها ،فالمكيف يدفع هواءا باردا وعلى الطباخ القدور تفور واطفالها يلعبون ويمرون بجانبه وكأن شيئا لم يكن،كل شئ بدا طبيعيا إلا سؤال الاب كيف مات هذالطفل؟ ومنذ متى ولما لم تخبريني ؟ليأتي الرد صاعقا وقحا لقد مات وانتهى خذه لتدفنه بلا جدال وإلاّ!وإلاّ ماذا ذلك هو السؤال إلاّ ماذا؟

لقد طلب الجيران الشرطة ولم يفعل الاب ،فماذا يحدث في المجتمع وعن اي أسر نتحدث! واي جيل ننتظر! في غياب الله كل شئ مباح.

ان الانفلات الانساني الذي يعاني منه المجتمع بات ظاهرة واقول ظاهرة لانها ظاهرة لشريحة كبيرة من المنحرفين اخلاقيا وانسانيا وسلوكيا،ونحن نطالب بقوانين صارمة تحمي الطفل من التعنيف والتعذيب مع استحداث (قانون الاحتضان) لايواء الطفل المعنف في اسرة ذات خلق ودين تعترف بنعم الله ولاتجحدها-وهذا لايعني بأي حال من الاحوال الانحياز لقانون انتزاع الاطفال الساري في أوربا تحت أي بند-! بل  خيرا الف مرة من بقاء الطفل فريسة التعنيف والحرمان والتشرد ،او انه ثمرة نزوات لاناس غير مسؤولين يدفع ثمنها طفل برئ ينتهي به المطاف في دور الايواءوهذا بافضل الاحوال و سهل جدا بل اسهل من السهل بوجود مقدم برنامج من الواقع (علي عذاب) الذي اخذ على عاتقه ايواء هذه الجحافل المجحفلة من الاطفال الى دور الدولة، الذين جحدتهم اسرهم تحت اي ذريعة.

وحقيقة وامام هذا الالم الكبير نحن نطالب السلطات المعنية بانزال اقسى العقوبات ليد تلطخت بدم طاهر لتكون عبرة لمثيلاتها الكثيرات!

كما نطالب السلطات وجمعيات المجتمع المدني بالسعي لاستحداث قانون الاحتضان الذي سيحل الكثير من الامور في ظل احتضان الطفل المعنف في اسرة صحية نظيفة ذات خلق واخلاق ،وهناك الكثير من الاسر التي حرمت من الانجاب وهي جديرة بهذا الدور،في حين يتوسد الاطفال المعنفون بين الثرى ليدفعوا ضريبة حياة ليس لهم من ذنب فيها.

واخيرا اقول اتقوا الله في خلق الله فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ورحم الله الارواح التي عافرت من اجل الحياة.

***

مريم لطفي/عراق الوالدين

في المثقف اليوم