قراءات نقدية

قراءة في هلوسات ما بعد الموت الاول (1)

akeel alabodمشهد وسرد قصصي يحكي عن إجراءات التحضير الطبية الخاصة بجراحة مرض القلب والعملية التي قرر الأطباء إجرائها للمريض قبل مدة قريبة في احدى مستشفيات بيروت، ما يستدعي تدبير وتوفير العدد الكافي من قناني الدم المطلوبة وذلك لم يأتِ الا بعد جهد جهيد.

هنا بين شحة وندرة الدم وأهميته المقدسة لاستعادة أنفاس القلب المتعب بمشرط جراح ماهر تتبعها المصاعب الاستثنائية الخاصة بموضوع البحث عن الفصيلة المطابقة من جانب، واسترخاصه حيث حراب الموت ومفخخاته التي تستبيح كل يوم إبادة اعداد لا حصر لها من الضحايا ليراق ويفرط بهذا الذي تراه يشح مع اعلان الحاجة اليه بعد سفكه والاعتداء على قدسيته من جانب اخر، تنتشر سرفات هذا الذي جاءت به مجاميع لا هوية ولا جنس أوفصيلة لها، لتسرق حياة هذا الكم الهائل من البشر وتدمر هذه الارتال المتتابعة من الحضارات والقيم منذ سومر وتدمر وأكد الى عصر يتعطش لهفة ويعتصر حرقة لاستكمال معالم ما لم يتم إنجازه ابان عصر فائت.

( هلوسات) هنا لغة تستبطن عمق الوجدان والشعور لتنطلق أوتعلن عن نفسها وفقا لتداعيات قافية أوقصيدة شعر تسكنها الذاكرة، هي وخزات قلب عبثت به سكاكين هذا الوحش المخيف، وتلك نتيجة لاخطبوطات ماض لم تغادر أبجدياته بعد.

لذلك بناء على تلك الداعيات يستحضر الكاتب مشاعره الحبيسه عبر رحيق شعر يحمل بين طياته لحن اغنية ما زالت تسكن القلب، لتهتف في القلب نفسه لعلها تجد ضالتها المنشودة مع عبقرية طبيب يسعى لمداواة هذا الخلل الذي أصاب أنشودة امل تم ترتيله على حافة لسان يطلب الشفاء لأجل أنفاس على وشك ان تفارق الحياة، لولا عناية مجموعة أطباء تفاعلت أراداتهم مع خبرة احتوتها عقولهم لتحقق الهدف المبتغى.

نجح الفريق الطبي إذن في اعادة خفقان قلب اوجعه الالم وأتعبته أحزان الخريف الذي بقي يئن تحت وطأة هذا الذي جاء ليستهدف لغة الانسان وتراث الارض وحضارات الشعوب وشفي مريض القلب.

بينما بقي قلب الوطن ينتظر مبضع جراح اخر، ربما يكون هو نفسه صاحب القلب الموجوع هذا الذي بقي عند قارعة الألم ينشد حالة احتضار جديدة وهلوسة جديدة تتبعها قصة موت مؤجل وتلك حكاية بقيت عالقة على شفاه حكيم لم يراوده الموت أملا باستحضار فريق طبي قادر لإجراء عملية قلب كبيرة وتحضير قناني دم كثيرة وتلك تستغرق وقتا طويلا.  

 

..............

راجع:

(1) د. عبد الحسين شعبان، نصوص ادبية، المثقف، هلوسات ما بعد الموت الاول 23/6/2015.

http://almothaqaf.com/index.php/nesos2015/894787.html

 

في المثقف اليوم