قراءات نقدية

كيف نتخلص من الشر؟ هذا ما طر حه الفلم المعنون "الجزائري" من إنتاج هوليود الأمريكية

qasim madiبدعوة من الزميل الأمريكي من أصل عربي الإعلامي "سمير حداد" صاحب برنامج "شموع عربية" باللغتين الأنكليزية والعربية، في ولاية ميشيغن، لمشاهدة الفلم الأمريكي الذي يعرض في دور العرض السينمائي الآن أو القاعات " الأمريكية ومنها ديتروت، ناشفل، أطلنطا، هيوستن، بوسطن، كانساس ستي، وغيرها من الولايات الأمريكية، وحتى لا يغيب عنا ما تفعله السينما الهوليودية في الكثير من القضايا العربية التي لها مساس بقضايانا المهمة والتي ندافع عنها لحد هذه اللحظة،يقول الكاتب المصري " بدر محمد بدر " مئات الأفلام التي تنتجها الولايات المتحدة الامريكية، وأستوديوهات هوليوود، منذ بداية صناعة السينما عام 1896، وحتى عام، تقدم صورة شديدة السلبية عن العرب والمسلمين بشكل متعمد، وتلك خلاصة ما كشفت عنه دراسة تحليلية بعنوان " الصورة الشريرة للعرب في السينما الأمريكية " للباحث الأمريكي من أصول لبنانية " جاك شاهين " ولو نظرنا نظرة فاحصة للدور الإنساني الذي تقدمه السينما بوصفها أداة من أدوات التعبير،وهي طيعة بيد من يستخدمها، فجاء الفلم الأمريكي " الجزائري " الذي هو من إخراج " جيوفاني زلكو " وتمثيل نخبة من الممثلين الجزائرين والامريكين ومنهم " علي بن يوسف " الشيخ سليمان " هاري لينكس " لينا كاندس كوك " سارة تارة هولت " باترك جاش بنيس "سعيد فرج " شيرن فيرغون "   محمد زهير حداد "جوفني زلكوه " وفكرة الفلم فكرة بسيطة تدور حول الإرهاب في القرن الواحد العشرين و الذي يحدث في الشرق الأوسط، وتنامت مفرداته مع الأسف في هذه المنطقة، نتيجة عوامل متعددة، ولهذا ظهرت جماعات مسلحة تؤمن بالعنف،مما ولد صراعات عديدة في منطقتنا العربية، و نتيجة تزمت بعض المتطرفين من الأسلاميين، والذين يحاولون ضرب الولايات المتحدة الأمريكية في عقر دارها، يظهر لنا الفلم " الجزائري " ومن خلال خلية نائمة، لها جذور في الجزائر، حتى وصلت إلى مدينة نيوريوك، ولاس فيغاس، لوس أنجلس،بعدما ضربت نيويورك في أحداث 11 سبتمر، عصابة إبن لادن، كما توضح خطوط اللعبة التي جاءت في مقدمة الفلم، وهو يستعرض لنا شخصيات من رؤساء عرب أمثال " حسني مبارك " وغيرهم، وشخصية " علي " المحور الأساسي القادم من الجزائر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، بعدما تمرن على العديد من التمارين العسكرية، والدفاع عن النفس، والاقتتال، من خلال رمز الارهاب "سعد فرج " الذي يدير الخلية الارهابية في " الجزائر " وكذلك في امريكا" عبر لقطات إسترجاعية " افلاش باك " لكن البطل "علي " تتغير شخصيته عند دخوله الولايات المتحدة الأمريكية، وتحديداُ " نيويورك " ليصطدم بواقع آخر من العلاقات الإنسانية، بينه وبين المرأة الأفريقية " كوك " التي يحبها، وكذلك بينه وبين الطالبة اليهودية التي تجمعهما الدراسة الجامعية، وكذلك مع الجندي الأمريكي الذي قاتل في العراق، حتى تتغيير نظرته إلى المجتمع الأمريكي، لكن الخلية الارهابية تطارده بأن يقوم بتفجير ما أوكل إليه من هذه المهمة، فيرتكن إليهم، ويتم تأكيد الموعد، ويلتحق مع الخلية النائمة، حتى أنه يرتدي الحزام الناسف، وهم يقودون السيارة مع الشاحنة لتفجير " لآس فيغاس " بسبب صعوبة المهمة في " نيويورك " وفي هذه اللحظات الأخيرة يتغير موقفه ليفجر نفسه مع الخلية النائمة، ليبين لنا المخرج أن " عليا " ينتحر ويقتل الجميع ليدافع عن الولايات المتحدة الأمريكية، ويرفض تفجير البنايات في " لاس فيغاس " ويذهبون جميعهم إلى غير رجعة، ولو وجدنا في هذا المغزى الذي أراده كاتب السسيناريو والمخرج، التهديد، الحزن، أو الندم، كل ذلك في شخصية المسلم الجزائري، أول لنقل في شخصية العربي المسلم " علي " بطل الفيلم، كيف نتخلص من الشر؟، والفلم أراد ومن خلال الحوار لماذا إكتنفتنا غمامة من الظلام، أعمانا الشر، وهل فقدنا القدرة على الحب، كل هذه الاسئلة طرحت في الكثير من المشاهد وخاصة مع صديقه الأمريكي " الجندي السابق " أو المرأة الأمريكية، أو الطالبة اليهودية، محاولاُ بذلك إطلاق العنان الى من التلاقح الفكري الانساني بين الديانات الإسلامية، والمسيحية، وحتى اليهودية، وأراد ايصال رسالة بالرغم من ضياع الكثير من حقوقنا لم ينتبه إليها كاتب السيناريو والمخرج أو تناساها، وعليه أن ينصف العرب لما يفعله الغرب متمثلا بحكوماته، وأهتم بإيصال رسالته التي تقول يجب القضاء على الإرهاب الإسلامي، من خلال هذا الفيلم، ومتجاهلا ً رسالتنا التي هي العدالة والمساواة والمحبة والسلام بين أبناء البشر هذه المبادئ التي تؤمن بها غالبية شرائح المجتمع العربي والاسلامي وتبقى شريحة المتطرفين الارهابيين لا تشكل سوى أقل من 1 بالمئة وهي معزولة ومستنكرة شعبيا ً ورسميا ً في مجتمعاتها، ومن هنا نقول أن الإبداع السينمائي هو الأعظم تأثيرا من حيث خصوصية خطابه المرئي وأنساقه البصرية التي تحمل مضامينها الفكرية ودلالاتها المختلفة ذات الصلة بواقعنا الملتهب، والأقدر على حلحلة التحجر في العالم وإطلاق الطاقات الإنسانية عبر تغيير المسلمات التقليدية التي غالبا ً ما يتبناها المشاهد عبر تسويق صور نمطية جامدة لدى الرأي العام، وتكمن وظيفة الفن عموما والسينما بشكل خاص في تفكيك تلك المتبنيات الفكرية الجامدة التي تروج لها آلة الاعلام الضخمة ومن خلال معالجة بصرية مقتضبة ومكثفة لشخصية (علي) يمكن للمرء في الغرب ان يعيد إنتاج أسئلة جديدة في ضوء تحولات شخصيته، كما أن أهمية الفيلم تكمن في كونه يستطيع تجسيد الواقع أو إعادة إنتاجه كما هو، وبالتالي تخلق نبض الحياة على الشاشة، ثم أن هناك مشاهد زائدة بإعتقادي كان ممكن حذفها، تميزت عناصر الفيلم بحالة من الإبهار البصري المتمثل في إختيار الامكنة، وطريقة توظيف الاضاءة، وإيقاع الصورة ضمن سياق مونتاج مترابط، فضلا ً عن أداء الممثلين الجيد . وتبقى هذه التجربة التي تعد الأولى لمخرج العمل مهمة لأنها تحاول أن تناقش موضوعة التطرف والارهاب من وجهات نظر متعددة وبثقافات مختلفة .

 

قاسم ماضي – ديترويت

في المثقف اليوم