كتب واصدارات

كتاب الوسط الاجتماعي لمالك بن نبي (2)

moamar habarالمقدمة الثانية، يواصل صاحب الأسطر، عرض الحلقة الثانية من كتاب، Le Livre et le Milieu Humain، للأستاذ مالك بن نبي، رحمة الله عليه، التي ستنصب حول، بعض الملاحظات التي،استطاع أن يتوصل إليها صاحب الأسطر من قراءته للكتاب،

فكر بن نبي والفكر الماركسي، يرى بن نبي في صفحة 27، أن الظروف التي أحاطت بكتابه الإفريقية الأسيوية، أكثر تعقيدا من تلك التي أحاطت، بالفكر الماركسي، المتمثلة خاصة في، العالم المستعمر،وأخرى من العالم المستعمر،

وكأنه يريد أن يقول، إن أي مفكر، مهما بلغ شأنه، لو أحاطت به تلك الظروف، التي أحاطت بي، فإنه لن يبلغ مابلغه، ووصل إلى ماوصل إليه.

الظروف والأشخاص الذين كانوا وراء عدم الإعلان، يرى بن نبي، أن كتابه الذي بين أيدينا، لم ينشر في حينها، لأسباب لم يرد أن يتطرق إليها، ولأسباب تتعلق، بأشخاص مازالوا موجودين على قيد الحياة،

ومثل هذه الملاحظات، يجدها القارئ، متناثرة عبر كتب بن نبي، حين يمتنع عن ذكر أشخاص، أو التطرق لأفكار بإسهاب وتفصيل، مايستوجب التطرق، للظروف التي كانت من وراء الحجب، وعدم الفصح، وكذلك الأشخاص الذي كانوا سببا في عدم الإفصاح والإعلان.

حلم بن نبي، يدعو بن نبي إلى، الوحدة الإفريقية الأسيوية، ويبدو أنه في تلك الفترة، يعتبر مثل هذا الطلب، حلما صعب المنال، لذلك أصيب بالخيبة، وتلقى صدمة عنيفة، فيما يخص، كتابه الذي لم ينشر، وفكرته الأسيوية التي لم تتحقق.

معاناته مع الحكومة الجزائرية المؤقتة، يتحدث بن نبي عن معاناته مع، الحكومة الجزائرية المؤقتة،بحيث لم توجه له دعوة لحضور، مؤتمر باندونغ، ولم توجه له الدعوة، لجائزة كتاب الإفريقية الأسيوية، رغم أنهم من أبرز الكتاب، ويبدو أنه تعرّض لنفس المعاناة، مع الحكومات المتعاقبة، بعد إسترجاع السيادة الوطنية.

إستفادة الصهاينة من فكر بن نبي، يرى بن نبي في صفحة 48، أن كتابه الإفريقية الأسيوية، لم تستفد منه الدول، العربية، والافريقية،والأسيوية، واستفاد منه الصهاينة، حين أنشأت بن غوريون، في ديسمبر 1948، معهدا للدراسات الإفريقية، وجلبت المفكرين من كل أنحاء إفريقيا وأسيا، وتسعى لتكون الروح التي توجه الفكر الافريقي الأسيوي،

يفهم من خلاله كتابه هذا، أن، بن نبي عانى الصراع الفكري، من قبل نشر الكتاب، وأثناء نشره، وبعد دخوله الجزائر، إذن فالصراع الفكري، عند بن نبي، قديم، راسخ، وله جذور في الماضي، وتمتد إلى يومنا هذا .

الصين والهند والحكومة المؤقتة، يرى بن نبي، أن كتابه، الإفريقية الأسيوية، لم يلقى رواجا في، الهند، والصين،لأسباب خاصة لم يذكرها، رغم أنهما من الدول الأساسية لباندونغ، وعدم الانحياز، والإفريقية الأسيوية،

ويبدو، أن رفض هذه الدول لكتابه، والإهمال الذي لقيه من طرفهما، من عوامل الصدمة التي رافقته، وتحدث عنها مرارا،

وفي نفس الوقت، يتطرق لتجاهل، الحكومة الجزائرية المؤقته، لكتابه وأفكاره، ويرى أن موقفها، كان دافعا لجفاء الدول الإفريقية الأسيوية، تجاه أفكاره وكتابه، وشخصه، ماجعله يتعرض للصدمة بشكل عنيف، ومن أقرب الناس إليه، وممن يحتمل أنهم يحملون فكره، وينشروه.

الوسط الإنساني سبب فشل الكتاب، يرى بن نبي،أن كتابه الإفريقية الأسيوية، كان من المفروض، أن يلقى نجاحا، لأنه كتاب نافع، لكن المشكلة في الوسط الإنساني، الذي أحاط بكتابه وأفكاره، المتمثل خاصة في، الاستعمار، والقابلية للاستعمار، والظروف الدولية يومها .

بن نبي سبب الفشل، لماذا بن نبي ألقى بكامل ثقله من أجل كتابه، الإفريقية الأسيوية، ولماذا انتظر منه الصدى الجيد، والأثر الطيب،

هذه الأسئلة، تبين أن موقفه من الكتاب، كان من عوامل الصدمة التي تعرّض لها بن نبي، ومن أسباب حدّة مزاجه، وعنفه أحيانا.

فالعيب إذن، في الظروف التي أحاطت بالكتاب، والذين لم يعرفوه، ولم يعطوه حقه من التقدير، وليس في الكتاب، ولا صاحب الكتاب، وهذه من أبرز ميزات بن نبي، أنه معتز بأفكاره، وإنتاجه.

فرص النجاح الضائعة، يرى أن سبب فشل كتابه، ليس في القيمة الفكرية التي يحتويها، فكتاب الإفريقية الأسيوية، قيم كغيره من كتب بن نبي،

ويرى أن سبب فشل الكتاب، يعود لفرص النجاح التي أحاطت به، كتلك التي أحاطت بكتاب، رأس المال، لماركس، والوسط الإنساني،الذي إكتنفه، فكانت عاملا من عوامل نجاحه، وكانت في نفس الوقت، عاملا من عوامل فشل كتاب بن نبي.

خيبة بن نبي في الساسة، يبدو من خلال القراءة للكتاب، أن الصدمة التي تعرّض لها بن نبي، سببها، أنه علّق آمالا طويلة عريضة على الساسة، في، مصر، والجزائر، وزعماء باندونغ في الهند والصين، فخيّبوا ظنه، بعدم الاهتمام به، وعدم دعوته، وعدم نشر كتبه .فكانت صدمة عنيفة،أثرت على حاضر، ومستقبل مالك بن نبي،

بالإضافة إلى كونه، كان من المفروض أن ينظر للكتاب،الإفريقية الأسيوية، كغيره من الكتب، ولا يلقي له كل هذا الاهتمام المبالغ فيه، فيصاب بهذه الصدمة، غير المنتظرة.

إستقلالية بن نبي، بن نبي مستقل في فكره، لم يتبع الرأسمالية، ولا الاشتراكية،ولم يتبع أيّ منهم، ويظهر هذا جليا، في نقده لكلا المدرستين.

الكتاب، عبارة عن عرض للظروف الشخصية، والمحلية، والدولية، التي أحاطت ببن نبي، كشخص، وكاتب، والتي لم تسمح له بالظهور، كما كان يتوقع، وينتظر.

الثقافة والاقتصاد، يرى بن نبي، أن، الثقافة والاقتصاد، عماد فكرة، الإفريقية الأسيوية، وذلك بالاعتماد على الثروات المحلية، والثقافة المحلية، وجعلها فاعلة، حيث يمكنها أن ترقى للعالمية، وتكون قاعدة إقلاع لهذه الدول.

الحلقات القادمة،

ترقبوا الحلقة الثالثة بعنوان، مفاتيح لفهم الكتاب.

والحلقة الرابعة بعنوان، مايراه بن نبي من خلال كتابه

والحلقة الخامسة، لم أحدد لها العنوان بعد، إلا بعد أن أنتهي فيما هو بين أيدي.

 

في المثقف اليوم