أقلام ثقافية

دنيا الأحفاد ..

hamid taoulostدنيا الأحفاد، عالم سحري ورائع، والأروع منه، مشاركتنا نحن الأجداد دنياهم، المليئة باللهو واللعب والمرح، الذي يعوض ما قد يعتري حياتنا من شعور بالوحدة، ويحقق لنا الرضا والإشباع النفسي، ويمتن صلاتنا بهم مند مراحل أعمارهم الأولى، ويحسن مهارات التعلم والنضوج لديهم، خاصة عندما يشعرون، أنهم يلقنون أجدادهم شيئا ما، فيسعدون بلا حدود .

كم تخطفتني دنيا أحفادي ببطيء لذيذ، من ركام السنين وازدحام الكهولة تكاليف الشيخوخة، وانتزعتني برقة وحمو، من مصادرة الذات ومراقبة اللذات، واستدرجتني في استسلام وجداني، إلى عوالمهم الطفولية، بكل سذاجة لهوها البريئ، وفرحها الصادق، الذي يولد من ابسط الأشياء لعبة ممتعة غَيْر مصطنعة، تنزع بي ، رغم التقدم في السن وكبر الجسد، إلى الانخراط بطواعية اللذيذة، عبر محطات الحنين الفطري لأيام الطفولة - أسعد سنوات الحياة، وأجمل ذكرياتها، التي لا يستطيع أيا كان محو ما استقر منها في الذاكرة، وترسخ في الذهن، صامدا منتصبا - إلى استحضار ماض جميل، تغشاني لذته الوهمية بما حمل في طياته من قصص البراءة، والحرية، والانطلاق، والتعصب، والعناد، وتصلب الرأي، ومحاولة إثبات الذات والكيان، فتجعلني، كلما أوغلت في العمر، أحن أكثر إلى طفولتي الخالدة في ذاكرة بكل سذاجتها الخالية من طلاسم الحياة، والخاوية من ألغاز الكبار وتمتمات المغتابين ونميمتهم ..

حميد طولست

في المثقف اليوم